لو لم يوجد الزرقاوي لاخترعه الأمريكان.. ومع هذا فإن حكاية الزرقاوي تشبه زرقاء اليمامة.. أو العنقاء.. أو الغول وكل المفردات التي كانت تثير فينا الرعب وهي أصلا غير موجودة.. لا أحد يعلم ان كان الرجل حيا أو ميتا.. لا أحد يعرف إن كان أصلا موجودا في العراق.. ومع ذلك تنسب إليه الادارة الأمريكية كل ما يجري في العراق من مقاومة ورفض للاحتلال ومن ينوبه.. كذبة أخرى صنعتها أمريكا التي ليس من عادتها أن تكذب للتمويه ومغالطة الرأي العام ومواصلة ربط ما يجري في العراق من بطولة ودفاع عن الوطن بالارهاب.. الوطنية شرف يستكثره الاحتلال على العراقيين.. ثم كيف يمكن الربط بين الحرب القذرة على العراق والحرب على الارهاب.. بسيطة.. الزرقاوي هو الوصل بين هذا وذاك. عندما يقصفون الفلوجة يقولون انهم قتلوا جماعة تابعة للزرقاوي.. ثم يتبين ان البيت كان خاليا من أهله.. ويعيدون الكرّة.. فيهدمون بيوتا هجرها أهلها الهاربون من الجحيم.. من يصدق ما يقوله عساكر الاحتلال يجب أن يصدق أن جماعة الزرقاوي أشباح لا يرون بالعين المجردة.. وتلك حكاية أخرى.. كل ما في الأمر هو ان المحتل الذي استهان بقوة الرفض العراقي ضاق عليه الخناق وهو يرى العمليات تتصاعد وتتضاعف وبحرفية جيش منظم فيسعى إلى تحميل العنقاء أو الغول مسؤولية ما يحدث.. وهكذا يشرع حربه على العراق ويؤبد بقاءه فيها باعتبار انه يحارب الارهاب.. وفي نفس الوقت تنشر مؤسسة أمريكية استطلاعات تقول ان 40 بالمائة من العراقيين يودون عودة صدام و60 بالمائة يريدون خروج الاحتلال فورا.. وبالكامل.. أي لا يبقى جندي واحد.. من نصدق اذن.. رغم ان هذه الأرقام ونحن نعرف ناشرها تحتاج بالتأكيد إلى التعديل بالزيادة لا بالنقصان.. والمؤسف هو ان أجهزة الاعلام الغربية تردّد كلام الأمريكان وتتحدث عن الزرقاوي بيقين مشبوه.. إن المسألة لا تحتاج إلى فلسفة مملة فهذا بوش وهو بوش لا يطأ أرض دولة أوروبية إلا وكانت في استقباله المظاهرات الغاضبة المنددة فكيف يتصور أنه مرغوب فيه وفي جيشه في العراق الضحية.. كيف يتصور أن الزرقاوي وحده لا يحبه.. هو غير مرحب به في كل مكان من العالم فما بالك بعسكره.. ولو كان فطنا لاقتصر على زيارة الدول العربية وحدها.. هناك سيرحّب به حقا وستقمع كل المظاهرات ضدّه.. وإذا لزم الأمر سيقصف المناهضون له بالطائرات.. فالجيوش العربية سريعة الاطلاق ضد شعوبها.