بداية من الغد: اضطراب وانقطاع توزيع المياه بهذه المناطق..#خبر_عاجل    الهند توقف تدفَق المياه على نهر تشيناب.. وباكستان تتوعد    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    دوّار هيشر: السجن 5 سنوات لطفل شارك في جريمة قتل    المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة في زيارة إلى تونس    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    جمعية الأطباء التونسيين في ألمانيا تدعو إلى ضرورة إحداث تغيير جذري يعيد الاعتبار للطبيب الشاب    الإدارة العامة للأداءات تُحدد آجال إيداع التصاريح الشهرية والسنوية لشهر ماي 2025    في المحمدية :حجز عملة أجنبية مدلسة..وهذه التفاصيل..    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    وفد من هيئة الانتخابات في رومانيا لملاحظة الانتخابات الرئاسية    ربط أكثر من 3500 مؤسسة تربوية بشبكة الألياف البصرية ذات التدفق العالي بالأنترنات    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل/ في نشرة متابعة: تقلبات جوية وامطار رعدية بعد الظهر بهذه الولايات..    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    عاجل : دولة عربية تعلن عن حجب 80% من الحسابات الوهمية    مفتي السعودية يوجه رسالة هامة للحجاج قبل انطلاق الموسم بأيام    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    محرز الغنوشي: حرارة صيفية الظهر وأمطار منتظرة    حكم قضائي في حق اجنبي متهم في قضية ذات شبهة ارهابية    ترامب يأمر بفرض رسوم بنسبة 100% على الأفلام غير الأمريكية    الرحيلي: الأمطار الأخيرة أنقذت السدود... لكن المشاكل الهيكلية مستمرة    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    بوسالم.. فلاحون يطالبون بصيانة و فتح مركز تجميع الحبوب بمنطقة المرجى    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    كأس تونس لكرة اليد : الترجي يُقصي الإفريقي ويتأهل للنهائي    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    البطولة العربية لألعاب القوى للأكابر والكبريات: 3 ذهبيات جديدة للمشاركة التونسية في اليوم الختامي    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    بوشبكة.. حجز أجهزة إتصال متطورة لدى اجنبي اجتاز الحدود بطريقة غير قانونية    طقس الليلة.. أمطار رعدية بعدد من الجهات    قابس.. حوالي 62 ألف رأس غنم لعيد الأضحى    ثنائية مبابي تقود ريال مدريد لمواصلة الضغط على برشلونة المتصدر بالفوز 3-2 على سيلتا فيغو    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    إلى أواخر أفريل 2025: رفع أكثر من 36 ألف مخالفة اقتصادية وحجز 1575 طنا من المواد الغذائية..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    تونس في معرض "سيال" كندا الدولي للإبتكار الغذائي: المنتوجات المحلية تغزو أمريكا الشمالية    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ محمد سعيد النعماني ل «الشروق»: اسرائيل أضعف من أن تستهدف ايران
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

في حديث شامل خصّ به «الشروق» تحدّث الشيخ محمد سعيد النعماني، مستشار وزير الثقافة والارشاد الاسلامي، للشؤون الدينية، في حكومة الجمهورية الاسلامية الايرانية، عن تونس وزياراته لها، مشيدا بتونس وبدورها وبما تحمله من مكوّنات النهوض.
المسؤول الايراني تحدّث أيضا، استجابة للأسئلة التي تقدمنا بها اليه، في بعض المسائل السياسية المطروح الان على الساحة الدولية والمتعلقة بايران وبما تواجهه من تحرّشات بشأن القدرات النووية. تحدّث عن العراق وعن الروابط المتينة مع هذا البلد، قائلا ان التاريخ والمصير المشترك والروابط الانسانية والعائلية تربط بين البلدين، وانهم مستعدون للمساهمة في معاناة العراقيين. الشيخ محمد سعيد النعماني، تحدّث الينا ايضا في بعض المسائل الثقافية، عن جائزة نوبل للسلام التي منحت للمحامية الايرانية، شيرين عبادي، وهي الجائزة المثيرة للجدل. كما تحدّث الينا في حوار الحضارات وفي شروط هذا الحوار، وفي ما تحتاجه الأمّة الاسلامية للنهوض.
-تزورون تونس باستمرار، وقد أصبحتم من الوجوه المألوفة في تونس، فكيف ترونها؟
لا شكّ أن هذه الزيارات المتكررة تزيد من معرفة الشخص بالمكان الذي يزوره ويتعرّف على الكثير من الجوانب التي قد لا تكون واضحة في الزيارة الاولى... وكلّما اقتربت من تونس، كلما ازددت اعجابا بطبيعتها وطباع اهلها ومميزاتهم. تونس بلد عريق في التاريخ يتميّز بحضارة راقية عريقة وبدور مميّز عرفناه دائما، لبس بوابة لافريقيا، حتى ان تونس كانت تسمى افريقية... وبرأيي فإن البلاد المختلفة لا يقاس دورها بمساحتها ولا بعدد سكّانها وانما بثقافتها والمميزات التي تحملها ومكوّنات النهوض الموجودة فيها. دور تونس عربيا وافريقيا واسلاميا هو دور مميّز ومؤثر، وهذا ما لمسته ويلمسه كل زائر لتونس.
- حصلت المحامية الايرانية شيرين عبادي على جائزة نوبل للسلام، فهل نقول مبروك لايران وللمرأة الايرانية، ام نقول انها الجائزة التي لم تتخلّ عن صبغتها السياسية في هذا الظرف بالذات؟
لا أتصوّر إن هناك تعارضا بين الاثنين، في الوقت الذي نرى فيه اعطاء الجائزة فخرا للمرأة الايرانية والمرأة المسلمة خاصة، وأن الاستاذة شيرين عبادي، تحدّثت بكل ايجابية عن الاسلام وعن احترامه لحقوق المرأة والانسان مما يعني ثقافة ومعرفة... ومن هنا نحن نرى في ذلك حدثا يستحق التهنئة والاعتزاز وهكذا كان موقف المسؤولين في الجمهورية الاسلامية الايرانية، بدءا برئيس الجمهورية الى وزير الثقافة الى مجلس الشورى وكذلك الشعب الايراني الذي كان استقباله للمسألة رائعا... ولكن ذلك لا يعني ابدا اننا لا نخفي رؤيتنا الفاحصة والعميقة لهذه المسائل، وتدخل السياسة مع الاسف الشديد في الكثير من الأمور، في الرياضة ونقصد الروح الرياضية وفي غيرها من المجالات. في هذه القضية مع الاسف، البعض حتما يراجع تاريخ هذه الجائزة وبعض الشخصيات التي نالتها، فبطبيعة الحال تنتابه قضية التشكيك في الدوافع، وهو مجرّد شك. الجائزة اعطيت قبل ذلك لاشخاص لا نعرف لهم موقعا في السلام، مثل رابين وبيريز... نحن لا نريد محاكمة النوايا، ولكن كحدث نحن نرحّب به ونعتبره شهادة على تألق المرأة الايرانية المسلمة ومشاركتها الفاعلة في قضايا بلادها والاهتمام بكل الشؤون التي تجري، يجب ان يكون مدعاة لاعطاء المزيد من المجالات التي يجب ان ترتادها المرأة وان يكون لها حضورها الفاعل والقوي اكثر، لأننا لازلنا في الشرق، وفي الأمة الاسلامية مع كل ما يعتقده من حرمة ومنزلة للمرأة في الاسلام ولكن في بعض الاوساط التي تحسب على العالم العربي الاسلامي. المرأة تعامل بعقلية قبلية وتقليدية، وهذه الممارسات تحسب للاسف، على الاسلام، وهو منها بريء. أنا أتصوّر ان هذه ا لقضية يجب ان تدفع لاعادة الحسابات للنظر والتعامل مع هذه القضية الهامة جدا، لأن المرأة ليست مجرّد نصف المجتمع فقط، بل والعنصر المؤثر في النصف الثاني، سواء كانت أمّا او بنتا او زوجة.
- يقترب موعد 31 اكتوبر الذي وضعته الوكالة الدولية للطاقة الذرية كآخر اجل لاعلان ايران عن قدراتها النووية، فكيف تنظرون الى الأمر، ثم الا تعتقدون ان المسألة تشبه الى حد بعيد الانذارات التي وجّهت الى العراق؟
يمكن النظر الى هذه القضية في مجال ما قلناه في الاجابة على السؤال السابق، وهو ان السياسة تلعب دورها، عبر ممارسة الضغوط على ايران او بعض الدول العربية الاسلامية والدول الضاغطة لم توقّع على معاهدة الحد من الانتشار النووي، وتغضّ الطرف عن ترسانة اسرائيل... سياسة الكيل بمكيالين اذن واضحة لدينا. نحن اعلنا بكل وضوح وشفافية اننا نمتلك التكنولوجيا النووية ونحن نعتبر ذلك قيمة علمية يفترض ان يرحّب بها العالم المتحضّر الذي يدعو للاستفادة من العلم. مع كل اصرارنا ان قيمنا ومثلنا الاسلامية والانسانية تمنع من ا ستعمال الاسلحة النووية لأنها أسلحة دمار شامل تحرق الاخضر واليابس ولا تفرّق بين المذنب والبريء وتحصد الملايين. نحن لنا موقف طبيعي من استعمال السلاح ينبثق من ديننا ومن مثلنا... على أي حال، قوة الشعوب لا تقاس بالسلاح... واعتقد انه لا تشابه مع العراق لأن المسألة تختلف من جوانب متعددة ولو كان النظام العراقي في توافق ومصالحة مع شعبه، لما كانت الامور تصل الى ما وصلت اليه... العراق بلد فيه طاقات كبيرة وشعب أبي وتاريخ، وحضارة ولكن مع الاسف دخول النظام السابق في اكثر من حرب مع جيرانه واشقائه، وكذلك تجاه شعبه جعلته في وضع استفردوا به وكان طبيعيا أن يتهاوى... إيران فيها نظام بني على السيادة الشعبية، وهو متفاعل مع جماهيره، وللجماهير الرأي في هذه الامور فيما يتعلق به وبشؤونه... وقد استطاعت ايران، رغم الحصار المفروض عليها كل هذه السنين، اذ تحقق بطاقاتها وامكانياتها، موقعا مميّزا على كل الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وايران اليوم، بلد فيه عناصر القوة ومكوّنات الصمود بما لا يقاس تقريبا بالعراق او غيره، اضافة الى الموقع الذي تحتلّه ايران دوليا، والى سياسة الانفتاح التي تتبعها كل ذلك ا ذن لا أتصوّر انه يعطي المبرّر للعناصر التي تريد تحقيق بعض مآربها... ولكن مع الأسف فأحيانا كثيرة تتمكن سكرة القوة وتفرعن الاستفراد بالقرار الدولي، مما يجعل البعض يقدم على القيام ببعض المغامرات وفي تلك الحالة سيندمون وسيواجهون بطريقة تختلف كل الاختلاف عما حدث في العراق.
- الولايات المتحدة الامريكية استعملت بعض الفئات من المعارضة العراقية، وما نراه اليوم بالنسبة لايران مماثل، فالانباء تتحدث عن تحريض المعارضة الايرانية للامريكيين ضد ايران، فهي تدلها على هذا الموقع العسكري او ذاك على اساس ان ايران تصنّع فيها الاسلحة، وهنا اريد أن اقول ان الاساليب والوسائل التي استعملت ضد العراق هي نفسها التي تستعمل اليوم ضد ايران؟
هذه الفئات استعملت من قبل في نهاية الحرب العراقية الايرانية... والمعارضة ننظر لها كحالة طبيعية فأي نظام لا يمكن ان يحقق الاتفاق الكامل على سياساته وممارساته، وبالتالي تكون هناك معارضة، نحن نرحّب بها وهي من صميم الوجود الديمقراطي، ولكن الشيء الذي نختلف فيه ان المعارضة استعملت العنف والارهاب والسلاح وهذا ما لا يقبل به اي نظام في العالم. المعارضة التي تقوم بمثل هذه الاعمال، ليس لها ذلك الثقل والقوة في الداخل فهي تحاول ان تجيّر نفس الكلمات نسمعها ونقرؤها في وسائل الاعلام دوائر سياسية معينة في الولايات المتحدة الامريكية او بعض الدول الغربية، وفي كل الحالات المعارضة الايرانية تختلف عن المعارضة العراقية!
- الا تخشون بعد 31 اكتوبر ان تمرّ القضية الى مجلس الامن الدولي؟
على كل حال الوكالة الدولية للطاقة الذرية تدرك ان ايران جادة نتيجة لثقتها ببرامجها وهي لا ترى داعيا لاخفاء ما لديها، ولكن لنا تحفظات وشروط. نحن في حالة مفاوضات ومباحثات مع الوكالة الدولية وقلنا انه ليس بالضرورة تحديد موعد معيّن في 31 اكتوبر، اذ يمكن ان تستمرّ المفاوضات واذا توفّرت لنا ارضية وشروط الثقة يمكن الاتفاق. ولكن لا يمكن ان نستجيب للطلب الامريكي بأنه لا ضرورة للتقنية النووية، لماذا يعتقدون ان لهم الحق في الكهرباء، فيما علينا نحن ان نستعمل الطرق التقليدية في انتاج الكهرباء، وفي الطب وغيرها من المجالات العلمية.
هذه التقنية التي حصلنا عليها بطاقة علمية من علمائنا وجامعاتنا لا يمكن ان نفرّط بها... اذن اذا توفّرت الثقة المتبادلة فليس ضرورة وجود تاريخ معيّن، هم يعرفون اننا نتعامل مع الموضوع بوضوح وايمان. ولا أتصور ان يكون هناك تحديد زمني بهذه الدقّة في هذه الأمور. وحتى لو فرضنا انها وصلت الى مجلس الامن، فالنظام الاسلامي في ايران لا يريد ان يقع في ازمة مع المنظمة الدولية، وحتى لو حصل ذلك، فإن الجمهورية الاسلامية وشعبها ونظامها قد تعوّدت على هذه التحديات التي عاشها في احلك الظروف، ولم تكن ايران كما هي عليه الان من الاكتفاء عسكريا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، لقد استطعنا الصمود، وبقي النظام مع كل المراهنات على زواله من خلال الضغوطات المعروفة.
- كيف تقرؤون في ايران تصعيد التهديدات الامريكية ازاءكم؟
القضية انظر اليها من هذه الزاوية، فأولا الكيان الصهيوني يمثل للاسف حجر الزاوية في المشروع الامريكي للمنطقة كلها، منذ اليوم الاول لوجوده كان له ان يلعب دور الخنجر في المنطقة العربية الاسلامية اتصوّر أن هذه الضغوط هي نتيجة لخشية او توهم انعدام توازن القوة مع اسرائيل. يريدون ان يكون لاسرائيل اليد الطولى لتفعل ما تشاء، ولكني اعتقد أن هذا الزمن قد انقضى، اسرائيل التي تقف عاجزة الان امام الانتفاضة، قد تنقل الازمة خارج حدودها. وثانيا الاستهداف الامريكي، في هذه الحالة تنتاب الافراد كما الانظمة حالة من الغرور المبالغ فيه. انه غرور المنتصر. هم يتصوّرون انهم القوة الوحيدة في العالم وان ذلك يخوّل لهم ان يرعوا خارطة العالم كما يحلو لهم. القضية اذن لا تخرج عن هذين العاملين، والمنطق الطبيعي يفرض على الفرد الا يزج بنفسه في اكثر من مغامرة. الولايات المتحدة الامريكية الان لها مشاكل في افغانستان والعراق ويمكن ان تشتد الامور اكثر فاكثر وان تتضاعف النقمة الشعبية والمقاومة لهذا الوجود المحتل. بهذا نحن نستغرب ان الولايات المتحدة تحاول في مثل هذه الاوضاع، ان تلصق الاتهامات يمنة ويسرة، سوريا... ومشروع قرار في الكونغرس... واتهامات لاكثر من بلد عربي، وهذه الاتهامات لم توفّر اي بلد آخر يريد ان يكون له موقع علمي... كل بلد يحاولون ايجاد مبررات لضربه... وعلى اي حال امريكا هي الان في حالة غير طبيعية نتيجة لهذا الاستفراد، والذي سبّب لها مشاكل مع الاوروبيين.
- والتهديدات أو التسريبات الاسرائيلية حول قدرتها على توجيه ضربة استباقية نووية لإيران، لتدمير منشآتها؟
اسرائيل أضعف من أن تقوم بهذا الأمر، وهي تعرف أنها ستجد أكثر من رد في أكثر من موقع. اسرائيل لم تصمد أمام الانتفاضة، ولم تصمد أمام المقاومة في لبنان، فكيف لها أن تتحرّش ببلد قوي ومستقل بحجم ايران. حسب رأيكم هل تخشى واشنطن تقاربا ايرانيا مع العراق خاصة وأنه من الملاحظ وجود تقارب ايراني كبير مع العراقيين منذ سقوط النظام في العراق. ربما يخشون هذه العلاقة التي لا تخفى في حقيقة الأمر؟
بشكل طبيعي فإن لأي دولة من دول الجوار تأثير متبادل، والعراق وايران لن يكونا الاستثناء ولكن ايران حتى الآن وبشهادة المراقبين، لم تقم بدور سلبي في ما قد يضاعف أزمة الشعب العراقي ويطيل من محنته. نحن ضد الاحتلال ولكن لا نفرض شيئا على الشعب العراقي حول الأسلوب الذي يرتضيه. ايران لها رؤيا منطقية، وهي تشكّل دائما عاملا ايجابيا، فهي لم تنجرّ للحرب، وهي تدعم السلم والتهدئة باستمرار. ثم ان العلاقات بين ايران والعراق ضاربة جذورها في التاريخ، وذلك طبيعي بين بلدين متجاورين. كما ان وجود جامعة دينية كبرى في النجف الأشرف كان دائما من العناصر المؤثرة في هذه العلاقات، حيث يتوجه العلماء الايرانيون وكان هناك مواقف واضحة مشهود لها في الحفاظ على استقلال ايران ضد روسيا القيصرية إبان الحرب العالمية الأولى وبعدها.. اضافة الى وجود عوائل مشتركة قسم منها في العراق، وآخر في إيران.. فمثلا شاعر العرب الكبير، محمد مهدي الجواهري، هو من عائلة تمتد بين العراق وايران.. وجود هذا التمازج والتأثير المتبادل، تعرّض مع الأسف الشديد في العقود الأخيرة، خلال الحرب وبعدها، الى محاولات الافساد عندما دخلت عناصر سياسية. ثم مسألة الحصار التي فرضت عليه.. ولذلك يوجه ايران الآن اهتمامها واستعدادها نحو أي تكامل أو تعامل في الثقافة والفن مع العراق... فنتيجة للمعرفة المتبادلة بين الشعبين، وعلاقات المصاهرة والتزاور حيث مراقد أهل البيت... اضافة الى أن أطول حدود للعراق مع العالم الخارجي هي تلك التي تربطه بإيران (ألف و كلم) وبالتالي هذا الوضع سوف يساعد أكثر فأكثر على أن يتجاوز الشعب العراقي هذه المحنة والليل الطويل الذي عاشه ونرجو أن يختتم هذا الليل بفجر مشرق بشمس الحرية والاستقلال والديمقراطية.
- مثل هذا التوجّد نحو العراق، كيف سيتم في وجود الاحتلال، ثم إن التركيبة الطائفية في العراق، من وجود أغلبية شيعية، ستجعل أي قرب من ايران، حيث يسود المذهب الشيعي، مثار تخوّف في العراق وخارجه، فما هو رأيكم؟
الاحتلال لن يبقى كثيرا ونحن مطمئنون الى يقظة وحمية الشعب العراقي، فهو لا يمكن أن يقبل أبدا بالاحتلال وسوف يستعيد هذا الشعب قوته وعافيته. الاحتلال سوف يرحل، ولن يكون عقبة، وحتى لو أراد، فلن يكون، لأن العلاقات هي من العمق بحيث لن يكون بإمان الاحتلال أن يضع سدودا أو قيودا عليها. مع الأسف الشديد قد تكون القضية مثارا للّغط وتحفظات وتوجّس ينفخ فيها البعض.. هذه القضية ليست من مخاوف الشعب العراقي ولا دول المنطقة. إنها بعض من ممارسات بعض الأطراف المعادية لأمن واستقرار وتكامل الأمة العربية الاسلامية. إنهم يحاولون تعميق هذه المخاوف عبر طرح المسألة القومية، أي الفارسية أو العربية، أو طرح المسألة المذهبية، الشيعة أو السنة، مع أن المسألتين، لم تشكّلا يوما مشكلة بين البلدين، الا اذا حاولت السياسات أن تلعب وتدق على هذا الوتر. فالشعب العراقي يتشكّل من السنة والشيعة، ومحاولة اثارة الفتنة على هذا المستوى هي محاولة فاشلة، الشعب متآخ، وهو أكثر وعيا من أن ينجرّ الى مثل هذه المحاولات. ففي ايران أكثرية شيعية ولكنها لم تتعامل مع قضايا الأمة من المنطلق المذهبي، فقد جعلت قضية فلسطين، القضية الأولى مع أن شعب فلسطين بالمقياس المذهبي، هو من المذهب السني. ايران دعّمت البوسنيين، وهم من السنة. ايران ومن منطلق ادراكها لما يحاك ضد الأمة طرحت مسألة الوحدة الاسلامية مع الاحتفاظ بالخصوصيات والاجتهادات ورأت فيها غنى للأمة، مع الاتفاق حول المسائل التي تخصّ الأمة. لا نريد كيانا سياسيا واحدا لأن ذلك لا يمكن أن يتم. ايران أسست بتوجيه من الامام خامنئي المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وهو يقوم بعمل علمي ومحاولة للفهم المتبادل لأن الفتن كانت نتيجة للجهل بما عند الآخر. ثم اننا نقيم علاقات جيدة مع الشيعة والسنة على حد سواء اضافة الى أن الأكراد مثلا كلهم من السنة، ونقيم معهم علاقات جيّدة، ولم يكن الجانب المذهبي محدّدا، بل إننا كثيرا ما نوصي اخواننا بألا يتأثروا بالفتن ومحاولات زرع الخلاف من باب التواصي بالحق والتواصي بالصبر. لذلك أدعو الاخوة العرب والمسلمين الا يتوجّهوا الى مثل هذه المخاوف التي لا واقع لها. قد تكون هناك رؤى متزمتة توجد لدى كل طائفة أو مذهب، لكنهم لا يشكلون العنصر الفاعل، لأن الغلبة لحركة الاعتدال والتسامح والرؤيا الوسطية، لتشق طريقها.
- دعت ايران، في وقت ما الى حوار الحضارات فأين نحن اليوم من هذا الحوار بعد كل ما يحدث في العالم؟
أتصوّر أن ما يحدث الآن وان كان يحزّ في النفس، يؤكد الحاجة الى الحوار وإشاعة ثقافة الحوار ومنطق الحوار ويدل على الرؤيا الفاحصة سماحة السيد محمد خاتمي حينما نظر الى القضية في بعدها الانساني، وليس في جانب ضيق. البشرية واي مجاميع لا تخلو من تعدد في الخلفيات والماضي والرؤى ولا مناص لها، اما أن تتحاور، وهذا هو المنطق الانساني، واما أن تحتكم الى شريعة الغاب، والعنف لا يجرّ الا الدماء. الحوار اذن يتأكّد ونحتاج اليه ليتحوّل الى ثقافة الا اذا آمنا به مادة نتعامل معها من البيت بلا ديكتاتورية لهذا الطرف أو ذاك.. وكذلك المجالات الأوسع على مستوى البلد والأمة...
- ولكن ألا نخشى، ان يقال ان دعوات الحوار تأتي دائما من الطرف الأضعف في هذه المعادلات الدولية، التي تسود فيها لغة القوة والترسانات الحربية؟
انظر الى القضية من منطلق ثان وهو ان الحواربديل للقوة، في المنطق وفي الفكر، اي انه لا ينبغي أن يخشى الفرد ان يطرح ما عنده وأن يأخذ ما لدى الآخر من قيمة يتفق عليها عبر الحوار. فالحوار هو صفة التمدّن والتحضّر وانا أتصوّر انه علينا الا نحرم أنفسنا من هذه الصفة حتى ولو اتهمنا بالضعف، علينا أن نبقى انسانيين واخلاقيين وأصحاب منطق، خير لنا من استعمال كل الأساليب الوحشية وغطرسة القوة وأتصور انه حتى هؤلاء فإنهم، شاؤوا أم أبوا، سوف ينصاعون لهذا المنطق. هذا هو التاريخ، لو قرأناه، واضحا في مواجهة كل من أراد الانفراد بالقرار في العالم، لا يمكن أن يستمرّ. قد تكون له جولة أو ايام ولكن لن يستمرّ. enter نحن للأسف في موقف دفاعي، نحن في مواطن للضعف والخور. هناك ثغرات في جدارنا العربي الاسلامي، لا بد من معالجتها في كل المجالات، نعاني الآن من نمط خاص فكرا وخطابا وممارسة. نحن لم نعد للمواجهة الحضارية كل المقومات اللازمة. وفي الحوار بين الحضارات نستعمل حوار الطرشان. نحن نتحدث مع أنفسنا، ونتصوّر اننا نحاور الآخر، ولكن ذلك لن يكون ممكنا دون معرفة ثقافة الآخر ولغته. ومهما ادّعينا فإننا لا نعرف الغرب كما هو، القليل منا من يعرف مكوّنات هذه الشخصية. دفاعاتنا ليست حصينة ولذا نتعامل بروح انفعالية. ولكن أتصوّر أن للأمة من المكوّنات ما يمكنها من أن تلتفت الى ثروتها الحضارية ومساهماتها.. وان تتعامل تعاملا منطقيا ولا تبقى اسيرة الماضي. الحضارة الاسلامية قامت على اكتاف الرجال، واستفادت من الفكر الاسلامي المنفتح ثم تراجعت. لا بد اذن من حضارة تستلهم الاسلام، ولكن تعيش في زمنها ولا تتعامل بمنطق، لا يمكن ان يكون مؤثرا في أوضاعها المعاصرة، ولا يمكن ان يساندها على صناعة مستقبلها. enter -ولكن اذا ما استعرضنا أوضاع الدول الاسلامية فإننا لا بد أن نقف على حقيقة موضوعية وهي أن كل طرف يعمل حسب جدول أعمال خاص به وحسب أهداف خاصة به، وهذا الأمر يهم تحديدا، الدول الاسلامية الكبرى؟ enter وجود كيانات اسلامية متعددة لا يمكن أن يكون السبب الوحيد في هذا المجال. الكيانات لو كانت تملك ثقافة الاختلاف، ولو كانت تدرك منافعها حتى في حدود اقليمها، لا شك أن هذه القوة ستزداد في ما لو أضيف اليها عنصر قوة الأمة، واجتماع الأمة على منافع ومصالح محددة. فلو كان الأمر كذلك لما كنا نجد في تعدّد الكيانات ضررا على الأمة. enter التعددية والاختلاف أمران طبيعيان ولكن علينا الا يكون تعاملنا مع التعددية تعامل نزاع وتخاصم، بل تعاون وتفاهم وأوروبا مثل واضح في ذلك. فهي تتشكل من كيانات متعددة، بل انها تتعدد اكثر فأكثر، ولكن ذلك لا يمنعها من تشكيل وحدة أوروبية تسير بخطوات مدروسة لتحقيق مصالحها دون الغاء الفوارق وخصوصيات الأمم والشعوب التي تكوّن هذه المنظومة. لماذا لا تكون الأمة الاسلامية بمثل هذا الوعي، وما يجمعها اكثرمما يفرّقها. هذه الأمة لم تبل كما حدث مع الأوروبيين بتلك الحروب، وخاصة الحربين العالميتين الأولى والثانية التي حدثت في أوروبا وأخذت ملايين البشر. الوعي الأوروبي لم يمنعهم من تخطي سلبيات الماضي، والنظر بتفاؤل الى المستقبل. وأعتقد انه على المسلمين أن يستفيدوا من هذه التجربة. لهم في تعاليم دينهم ما يؤكد على ترابطهم العاطفي والايماني بهذه المشتركات والمقومات. enter نحن نتابع هذه الأيام فعاليات القمة الاسلامية والتي تأسست لتكون حلقة الربط بين مختلف الدول الاسلامية. ولكن للأسف فإن منظمة المؤتمر الاسلامي، مثل كل المنظمات الموجودة ليست على مستوى الاحداث والطموحات، ولكن أملنا أن ترفع التحديات بالوعي والمستوى الى المكانة المطلوبة. enter - منظمة المؤتمر الاسلامي هل تعتقدون ان بإمكانها، من حيث تكوينها وأسلوب عملها، أن تكون فاعلة في تحقيق هذه الأهداف؟ enter بإمكانها، ولا ريب في ذلك، ولكنها مصابة كما هي جامعة الدول العربية والمنظمات الأخرى، والتي بإمكانها ان تطوّر نفسها أن تتقدم أكثر وأكثر في تحقيق هذه المطامح. المنظمة انشأت للدفاع عن القضية الفلسطينية، وهذه القضية هي أكبر قضية تواجه المسلمين، ولكن للأسف مازلنا لم نخرج، في التعامل مع هذا الموضوع عبر بيانات الادانة أو الدعم...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.