رئيس الجمهورية يشرف بمقر المجلس الاعلى للتربية والتعليم على الاحتفال بعيد الشجرة    نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي    بطولة الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 14 – الدفعة 2): النتائج والترتيب    عاجل: أولى الساقطات الثلجية لهذا الموسم في هذه الدولة العربية    بشرى للشتاء المبكر: أول الأمطار والبرق في نوفمبر في هذه البلدان العربية    عاجل/ تعلّيق عمل شركة "شي إن" الصينية في فرنسا..    عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا    من صفاقس إلى منوبة: تفاصيل صادمة عن مواد غذائية ملوّثة تم حجزها    حجز أكثر من 14 طنا من المواد الفاسدة بعدد من ولايات الجمهورية    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل    ممرض ألماني أنهى حياة 10 مرضى... ليخفف عبء العمل عليه    جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية    تونس تطلق أول دليل الممارسات الطبية حول طيف التوحد للأطفال والمراهقين    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    5 أخطاء يومية لكبار السن قد تهدد صحتهم    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    مدير ديوان رئيسة الحكومة: قريباً عرض حزمة من مشاريع القوانين على البرلمان    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    المنتخب التونسي للبايسبول 5 يتوج ببطولة إفريقيا    مونديال أقل من 17 سنة: تونس تواجه بلجيكا اليوم...شوف الوقت والقناة الناقلة    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث الأحد: د. محمّد المسفّر ل»الشروق»: العرب لم يدركوا بعد أن أمريكا ليست صديقا لهم
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

حوار فاطمة بن عبد الله الكراي enter enter تونس الشروق enter تتواتر الأحداث وتتسارع... والمشهد العربي يمثل بامتياز، ساحتها المبحذة... enter تصريحات تهزنا... وأخرى تخزنا وتصريحات أخرى تدفع بنا القهقرى... لكن الموضوع واحد : هموم الأمة المتكاثرة والحلول المفقودة... enter مهما قلنا بأن العصر عصر القوة... وأن العهد عهد الأقوياء، فإن الأمر لا يعفي الجميع من أمرين : القراءة الصحيحة لما يقع، والموقف المناسب تجاه ما يحدث... enter في هذا الركن «حديث الأحد» يتحدث ضيفنا الدكتور محمد المسفّر، أستاذ القانون بجامعة قطر عن هموم الأمة المتكاثرة والحلول المفقودة... enter دون انفعال يذكر، يتحدث د. المسفّر عن الحدث في تفاصيله وفي مستوى مراميه وأيضا يتحدث عن تداعياته... لا يتوان في كشف الحقائق، واقامة المقارنات... تحدث عن فلسطين الحاضرة الغائبة، وعن العراق الذي دمّر واحتلّ وعن صدام الأسير... رفع الرجل التباسا علق في الأذهان، من شدة الإعادة والتكرار، أن لا أحد من شعب العراق أو أي دولة تعرضت لما تعرض له العراق، يمكنه أن يطلق شعار محاكمة صدام كمجرم حرب، لأن الحرب لا تقوم بين الحاكم والمحكوم، حتى وإن كانت العلاقة دموية الحرب لها مفهوم محدد... والأمريكيون يفقهون ذلك... ولأجل هذا السبب لم يثن أي مسؤول أمريكي على شعار رفعته مجموعة من العراقيين تنعت الرئيس العراقي بأنه مجرم حرب.... enter تحدث وفي أسلوب مقارنة بين ما فعلته حكومة السويد مع السفير الاسرائيلي الذي خرق العرف الديبلوماسي وتطاول على محتويات معرض، وبين ما لا تقدر دول عربية على فعله أو الإقدام عليه مع سفير اسرائيلي أو غيره ممن ينتمون الى معسكر الاستقواء... تحدث الرجل بتؤدة الباحث والمدرّس لمادة القانون، وتحدث بعين الباحث الذي مكنه المشهد الدولي الآن من المقارنة والتدقيق والتمحيص... هكذا كان اللقاء مع د. محمد المسفر، جزء منه تحسّر على حال الأمة وجزء آخر فيه خيبة أمل وفي جزء ثالث منه، فيه حكم بالمنطق وبالقانون وبالموضوعية على أحداث نعيشها يوميا الغُبن فيها أكثر من التطلع... enter سألت محدثي في الأول هكذا : enter enter * العرب والتحولات الدولية : enter ما يمكن أن يراه البعض تحولات دولية يمكن للعرب نعته بالكوارث العربية : ففي مستوى القرار الرسمي العربي نشهد تراجعا غير مسبوق. enter وفي قضية فلسطين وكأننا على حافة أن يعلن عبر مكبر الصوت من واشنطن أن اخلوا الديار الفلسطينية بالكامل لصالح المحتل فلا مكان للنقاش الآن، ولا وقت للتحاور... بل الوقت للعصا. enter وفي العراق، كأننا بمرحلة اكتفوا بالاحتلال ولا حاجة للديمقراطية في العراق فالمحتلون أدرى بشعاب المحتلين (إسم مفعول). enter ماذا يفعل فيك هذا المشهد هل يدعوك للصمت، أم يدعوك للقنوط أم الصراخ؟ وكيف ذلك؟ enter إننا نحتاج ا لى وفقة تأمل، ما حدث في المنطقة زلزال رهيب لا يمكن اعماره في سنوات قليلة، الآن تكتمل الصورة باختراق المجتمع ونواته، الاختراق يتم عبر الأم وعبر الطفل، ممثلين في حقوق الطفل وحقوق الأمم. هاتان النقطتان الهامتان يحسن الآخر استعمالها من حيث المضامين والتوقيت كلمات أو مفردات يجب الوقوف عندها ونتأمل في شأنها... يدعوننا الآن في المذكرات التي وزعت على الكثير من الحكومات بنقدهم لوضع الطفل بأن عليه طاعة الوالدين وطاعة الأستاذ... ويزعجهم (الذين ينتقدون النظام التربوي للطفل العربي) تشبيهنا للمعلم بالنبي (كاد المعلم أن يكون رسولا).... enter ثم ينطلقون في الحديث والتنظير لحقوق المرأة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ونحن ليس لدينا اعتراض على ذلك، لكن لنأخذ الأمر بثقافتنا العربية الاسلامية ومن جذورنا التاريخية وليس من المفهوم الغربي أو الأمريكي... الزلزال الذي حدث ليس زلزالا عاديا وليس زلزالا سهلا... فهو زلزال فيه احتلال لعاصمة عربية كانت مؤسسة للأمم المتحدة ومؤسسة للجامعة العربية ومؤسسة لحركة عدم الانحياز الى جانب مصر والهند ويوغسلافيا... لقد جرى تأديب يوغسلافيا، وانتهت. وجرى زلزال العراق كما رأينا وسنرى، وهذه كلها آلام وأمراض تنهش العقل العربي وبكل أسف يقع ذلك بمخالب عربية، وليس بمخالب أجنبية.... الأجنبي نراه من وراء الستار يشرف على عملية النهش المتواصل، والعربي في الواجهة ينهش «جسده» بأظافره السامة ما حدث في العراق سوف يمتد إلى المنطقة دون استثناء.... سوف يمتدّ إما عن طريق نهش الجزء تلو الآخر... لذا يحدث الانهيار... لأن في ذلك التوقيت ستتدخل الولايات المتحدة الأمريكية فتقول إن أمنها يمتد لكل بؤر النزاع... واشهدي معي يا سيدتي ما يجري الآن لبلدان عربية من أولها السعودية وسوريا... بالأمس القريب جدا ظهر مؤتمر المعارضة السورية، إنه يشبه بالدلالة القاطعة ما حدث قبل احتلال العراق... انظري ولننظر جميعا ما يقع في السعودية من عمليات ارهاب وتفجيرات... من وراءها يا ترى؟ ومن يحركها؟ ومن صاحب المصلحة فيها. أقول إن ثقافة التفجيرات والاغتيالات في جزيرة العرب ليست معتادة وليست من تربتها... وأدلل على ذلك بما أعلنت عنه الولايات المتحدة الأمريكية قبل أحداث الرياض من أن هناك أمرا جللا وحركة ارهابية ستحدث في الرياض... وانتظرنا بعد أن أخلت واشنطن مواقعها الديبلوماسية، فحدثت بعد 72 ساعة من الإعلان! كيف تعلم قبل ذلك؟ ثم حدث الأمر نفسه أو مشابه له، مرة أخرى، في مكة بعد 24 ساعة من الإعلان... هذا أمر عجيب. enter الآن نجد الذين يحتلون العراق، يبعثون بمذكرة طويلة حول التعليم وطلبوا تغييره، هو دعوة الى حوار حول التربية والتعليم في عالمنا العربي. enter أقول يا سيدتي ما حدث زلزال له تابعية وتوابع... مع الأسف ولاة الأمر في المنطقة لم يدركوا إلى الآن المخاطر التي تحدق بنا للعشر سنوات القادمة... وما حدث أمس (مساء الخميس) بواشنطن بخصوص مؤسسة الحرمين الخيرية... يعدّ البداية... enter هذه نظرة مستحدثة عن حال الأمة في صورتها المتقدمة والآنية... enter أما في فلسطين فحدث ولا حرج... ما يحدث في فلسطين يوميا هو أشد وقعا من حيث الشهداء والمشردين والمدمرة بيوتهم في الزلزال الذي حدث في إيران بمدينة «بم»... فعدد الشهداء في تزايد والدم الفلسطيني يسيل يوميا، والبيت الفلسطيني مهدد بالتهديم والتفجير في كل لحظة... في فلسطين لا أحد من العرب يتحرك لنجدة المشردين من أجل الحرية، والقابضين على الجمر حتى يفشلوا مخططات الاحتلال والمضحين بأرواحهم من أجل أن لا يكبر أخطبوط الاحتلال ويمتد.... enter نكشف هذا التقصير العربي تجاه شعب فلسطين، وفي البال مقارنة... لقد دفع العرب 300 مليون دولار كتعويضات للأشقاء في ايران المنكوبة مدينته (بم) من جراء الزلزال ونحن هنا نقول ونجدد أن المسلمين للمسلمين خير، ومن حق اخوتنا أن نمدّ لهم يد العون والمساعدة لكن السؤال يطرح نفسه عند المقارنة : كيف نشهد نحن العرب 2700 منزل يهدم في فلسطين ولا نحرّك ساكنا... أليس الذي يجري في فلسطين وفي ظرف أسبوع فقط من هدم للمنازل وقتل وتشريد للطفل والأم والشيخ، أشد كارثية مما أوقعه زلزال (بم)؟ ألم تر كيف هدم تراث نابلس، هذا التراث الذي يرجع الى آلاف السنين، ولم يتحرك إنسان واحد... لكن العرب تفازعوا للاحتجاج على «طالبان» لما هدموا تماثيل بوذية وقالوا، أسوة بما قال العالم، إنها تماثيل من التاريخ وأن التاريخ مسؤولة عنه الأمم المتحدة... لقد تفازع العرب وقتها ودفعوا بعلماء المسلمين ليحرموا تدمير التماثيل التاريخية... أما في العراق ولما سرقت الذاكرة الجماعية التي تعود لآلاف السنين، ولما سرقت الوثائق وأحرقت الكتب وهدمت ونهبت المتاحف والمواقع الموغلة في التاريخ، فلا أحد تكلم عن مسؤولية صيانة التاريخ هناك.... بابل والقدس تسرقان وتهدمان والعرب عنهما غافلون حكاما ومحكومين... enter لماذا هذا الموقف يا ترى؟... هل هو العجز الكامل؟ هل هو الخوف من أمريكا التي ما إن مدت يد المساعدة الى ايران المنكوبة مدينتها (بم) من الزلزال حتى تبعها العرب، في حين تصمت واشنطن عن تدمير فلسطين الآثار وفلسطين الديار، فيصمت العرب من ورائها وأسوة بها؟... (هذه مجرد تساؤلات، واضحة للعيان، ولا تخفى على أحد. enter * الآن سأسأل رجل القانوني والخبير في القانون الدولي العام : التصريحات الأمريكية المتواترة تتحدث عن الرئيس صدام حسين على أساس أنه أسير حرب في حين أن هناك من يقول إنه يجب أن يحاكم كمجرم حرب، ماذا يقول القانون في هذا الأمر؟ enter الرئيس العراقي السابق صدام حسين، فهو حقيقة «أسير حرب» بكل المعايير وقوانين الدنيا من «حُمرابي» «مانو» (فيلسوف الهند عاش عصورا قبل الميلاد) وكذلك «كونفوشيس» إلى قوانين الإسلام في صدر الإسلام الى قوانين الحرب الحديثة والتي أثمرت اتفاقيات جينيف الأربع والبروتوكولين كلها تقول وتدلل أن الرجل أسير حرب . أولا لأنه كان القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية عندما غزا الأمريكان ومن حالفهم العراق بلاده التي يرأس قواتها المسلحة. لذلك لا يمكن للولايات المتحدة إلا أن تعتبره أسير حرب ولا يمكن أن تنتزع منه اعترافا ولا تستطيع أن تنتزع منه معلومات عن طريق التخدير. يمكنها أن تضع في محتوى استنطاقه ما يمكن أن تمليه عليه القوة التي تأسره. enter ثانيا، ليس لواشنطن أن تفتي أو تستخرج قانونا على هواها، فهذا القانون وما يقول واعتبارها للرئيس صدام حسين بأنه أسير حرب ليس منة من عندها أو التزاما منها بحقوق الإنسان، فهذا نص القانون وما يقول. enter لكن هنا، أجد نفسي أستغرب كثيرا من الحديث الذي يجري في شوارع العراق، والآتي على ألسنة بعضهم إن صدام حسين مجرم حرب، فالرجل حارب من؟ حارب ايران مثلا، ايران هي التي تقول إنه مجرم حرب، وعلى المحكمة أن تنظر في الأمر. لكن شعبه، شعب العراق لا يمكن أن ينعته بهكذا نعت : مجرم حرب فالمرء لا يحارب شعبه بالرغم من أنه يمكن أن يكون دكتاتورا ويمقته ويقتل منه... لكن مفهوم الحرب محدد قانونيا وهو بين دولة ودولة. وليس بين رئيس وشعبه مهما كانت العلاقة سيئة بينهما. فهناك نعوت أخرى في هذا الباب لكن ليست الحرب. اذن لا يمكن لشعب العراق أو أي جزء فيه مهما اختلفت القوميات أو الديانات في هذا البلد أن يقول إن رئيسه الذي يوجد في «الأسر» الآن بين أيدي قوات الاحتلال هو مجرم حرب. هذا شعار خاطىء من الأساس صحيح في العراق فتنة حدثت في التسعينات، وجرى قمعها، وهذا ما يقع في العالم المتطور والمتأخر... فعندما يتعامل جزء من الشعب ويتآمر مع قوات الاحتلال وتكون البلاد في حالة حرب، فإن القمع هو الذي يسود الموقف... وهنا لا أنظر لهذا، بل استقرىء أحداثا جدت في العراق وفي خارج العراق. فما هو مصير من تعاملوا مع القوات العراقية في الكويت، بعد أن عاد الحكم والبلد الى سالف عهده؟ ثم ألم نر ما حدث في موسكو عندما كان يلتسين رئيسا للجمهورية لما داهم بالدبابات مقر البرلمان ردا على البرلمانيين الذين اعتصموا بالجهاز التشريعي... enter هل رأينا فظاعة مصوّرة تغتال الديمقراطية وتدوس عليها كما رأينا في ذاك الوقت؟ ثم ألم نر كيف سارعت الحكومات الغربية الديمقراطية وعلى رأسها لندن وواشنطن الى تهنئة يلتسين بعد نسف دباباته لقاعات مجلس الشعب وأخرج النواب عنوة؟ لقد جاءته التهاني من كلينتون ومن بوش الأب، فلماذا نحتج على صدام بأنه ضرب معارضيه وهو موجود في السلطة وحاكم للعراق وقتها... أولئك المعارضون الذين كانوا يريدون اسقاط نظامه من الداخل ثم تعامله كمجرم حرب. وكما قلت سابقا، ففي الثورات وفي الانقلابات يحدث ظلم وزور ونحن لا نباركه لكننا نستقرىء ولا يجب أن نحكم بمكيالين ونعتمد وزنين... الذي معي أبرر له صنيعه والذي ضدي أبحث له عن مسوغ لكي أنقض عليه. ما هكذا يقرأ ويطبق القانون.... enter * باتصال بالقضية الفلسطينية : في السويد جدّ حادث أفصح عن أمرين : أولهما أنه ما زال هناك أمل في الدنيا وما زال الشرفاء يجوبون العالم، وثانيهما ما زال العالم يكتشف الوجه القبيح لاسرائيل. enter فقد انقض سفير اسرائيل في ستوكهولم على لوحة فنية تصور استشهادية فلسطينية فأحدث فوضى لأنه لا يوافق أهل المتحف الرأي فإذا بالسلطات تطرده وتطبق عليه القوانين التي تؤمن بها دون مواربة، كيف رأيت تلك القصة، قصة سفير اسرائيل مع المتحف
السويدي والمحامية الشهيدة الفلسطينية؟ enter أنا أذهب إلى أكثر من ذلك... مهاتير محمد حين قال ان اليهود يعبثون بالأرض وبأمن العالم، وكان رئيسا لوزراء ماليزيا، قامت الدنيا ضده ولم تقعد. احتجت عليه واشنطن وتبعها في ذلك الكثير من الزعماء العرب المسلمين وكتبت الصحافة العربية ادانة لمهاتير محمد الآن صورة تطفو على بركة حمراء في متحف في دولة ديمقراطية مثل السويد، يخرج السفير الاسرائيلي ليطفىء الاضاءة ويكسر محتويات في المتحف التي تصوّر في جزء منها صور العنف والدمار الشامل التي حدثت بأرض فلسطين... لم نسمع عربيا واحدا يتحدث ضد ما حدث في هذا الموقف ويحتج وكأنه يقول هذا جزء من الصهيونية الجاثمة على فلسطين. enter هناك ديبلوماسي اسرائيلي في دولة عربية وقف أمام الجميع يتحدث عن انجازات اسرائيل الحضارية، لأن كان هناك من تكلم عن انجازات فلسطين الحضارية وعن المسيح كيف ولد وعاش ثم غادر فلسطين... وأن فلسطين مقدسة بكتبها... لم نر تلك الدولة تطرد السفير وتقول إنه غير مرغوب فيه... لا احتجاج من تلك الدولة العربية... enter كما أن سفير أمريكيا في دولة خليجية يجوب كل ما يسمى «بالديوانيات» (جمع ديوانية) ليلا، وفي كل ليلة يبشر بالديمقراطية ويشير إلى أن اسرائيل أصبحت الآن الصديق الحقيقي، على غرار ما يحدث الآن في العراق، من مشاركة اسرائيلية في كل المجالات التي تدخلها قوة الاحتلال الأمريكة. في المجال الاستخباراتي خاصة، لكن لا أحد يتحرك أو يحذر أو يكشف... لم نر قلما واحدا ولا صوتا من تلك التي هاجت وماجت ضد النظام العراقي... هذه مأساتنا نحن العرب أعطينا مجالا للآخر كي يعبث بنا كما يريد. enter * في خطاب الرئيس الأمريكي الأخير حول «حالة الاتحاد» تحدث كما تحدث، وأعلن ما أعلن عن قرارات وتوجهات في السياسة الأمريكية الخارجية، دون أن يأتي بكلمة على قضية فلسطين، وكأنه يوحي إلى أمر من اثنين : اما أنها تحولت الى قضية اسرائيلية، داخلية. وهذا خطير أو أنه يوحي بأن قضية العصر لم تعد ذات أولوية ولم تعد مدرجة في أولى اهتمامات السياسة الأمريكية. وفي هذا أيضا خطر ماذا يقول د. المسفر في الموضوع؟ enter أعتقد أن أصدقاء الولايات المتحدة الأمريكية بدأوا يتوالدون من حكام ومن بطانة بعض الحكام في كثير من العواصم العربية أقول تلك العواصم المؤثرة على صناعة القرار، خاصة يتحدث الرئيس الأمريكي دون أن يمر لحظة على أخطر قضية في تاريخنا الإنساني المعاصر. فقد تجاهل كليا القضية، لأن اسرائيل لم تف باستحقاق واحد من الاستحقاقات الآن، حتى تلك التي رسمها لها الحليف الأمريكي، إنه خطاب الترشيح للدورة الثانية لبوش، فعندما كان الرئيس الأمريكي يتجاهل أقدس وأخطر قضية على الاطلاق هي فلسطين وهو يلقى خطابه المذكور، كانت اسرائيل تدمر 58 منزلا وتعتقل أبرياء مدنيين، وتغير على جنوب لبنان وتعبر جرافاتها الحدود الدولية بشهادة الأمم المتحدة وبتوثيقها للمسألة، ثم تطير ال»آف 15» و»آف 16» لتغير وتدمر قرى جنوب لبنان، وهي طائرات من صنع أمريكي، فهل هناك رسائل أبلغ من هذه؟ enter لقد قدمت أمريكا لاسرائيل مدافع وطائرات مجانا، وفق ما يسمى الاتفاقية الاستراتيجية بين تل أبيب وواشنطن. enter من الجهة المقابلة يقول باول : ان سوريا لم تلتزم بما وقع الحديث عنه معها. وأن سوريا مسؤولة عما يحدث في جنوب لبنان، وأن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها! لكن يحدث أن الحقيقة تقول إن اسرائيل هي التي بدأت وأن قواتها كانت داخل الأراضي اللبنانية وقد قدمت الأمم المتحدة الصور الموثقة لذلك ومرفقة بتقرير مكتوب. ولكن مرة أخرى لم يتحدث عربي واحد. enter وهنا يتفازع العرب ويتشاورون ليخرجوا علينا بتصريحات مثل : لا ضير... فسنعطي بوش مجالا ثانيا... ففي الجولة القادمة سوف ينقلب عليهم (اللوبي الصهيوني واسرائيل) بوش لأنه أعطى الصهيونية كلما طلبت في الأربع سنوات الأولى. أما الثانية فستكون فترتنا نحن العرب. هذه قصة السذاجة إن لم نقل شيئا آخر. enter كيف ينقلب بوش على من أبقاه أو يبقيه في البيت الأبيض لأربع سنوات. وكأن العرب فهموا ما غاب عن الصهاينة! enter نحن في مأزق، يا سيدتي، لأن الحاكم العربي لا يدرك أن الولايات المتحدة ليست صديقة لأحد من العرب. enter لقد قالها الرئيس الأمريكي وعلى رؤوس الملأ : لن نستشير أحدا في حربنا اذا رأينا أن شنها يحقق مصالحنا. enter المشكل أننا لا نفقه الحاضر ولسنا على بينة من الذي سيقع.... enter مليار ومائتا مسلم يتجهون يوميا ولخمس مرات نحو البيت الحرام وملايين يتوافدون على مكة للحج سنويا... الحج عبادة والصلاة كذلك، غدا يقولون إن هذا الأمر يهدد أمننا... ولكم تخيل العاقبة... إنها مصيبة كبرى والعرب عنها غافلون. enter

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.