بين الأزقة والأنهج العديدة بالعاصمة، وبين شوارع ومقاهي ومنازل كل العائلات بكامل تراب الجمهورية، وعند الحديث عن الأعمال الدرامية الرمضانية، حضرت شخصية «شوكو» بقوّة «شوكو» الشخصية اللاّسوية المندفعة والمتطرفة في أحاسيسها وسلوكاتها، كما قال عنها صاحبها الذي تقمّصها في المسلسل الرمضاني «مكتوب»، أبكت أمهاتنا وأخواتنا، ورقّت لها قلوب الرجال. وقد أجمع كل من سألناهم أو تحادثنا معهم عن هذه الشخصية على النجاح الكبير للممثل عاطف بن حسين في تقمص هذا الدور وثمنوا المردود المتميز لهذا المبدع الذي لم ينجح في دوره فقط وإنما نجح كذلك في إدارة الممثلين، وفق ما أكده أغلب ممثلي مسلسل مكتوب في حواراتهم مع وسائل الإعلام المختلفة. وقد ذكر زميله في ميدان المسرح وفي مسلسل «مكتوب»، «حسام الساحلي» أن عاطف بن حسين، ممثل بارع ومجتهد في عمله إلى درجة كبيرة وقال في هذا السياق: «حياته المهنية أهم من حياته الخاصة، وفق ما لاحظته أثناء عملي معه في مكتوب». حسام الساحلي تحدث عن عاطف بن حسين بأسلوب قلما تحدث به ممثل عن زميله، فقال: «نجومية «شوكو» لم تأت من فراغ فعاطف بن حسين اجتهد كثيرا وكان حرفيا بأتم معنى الكلمة، والأهم من كل ذلك أنه صادق وذكي في الآن نفسه، وهذه سمة النجوم الكبار».. «نجاح شخصية «شوكو» في الجزء الأول من مسلسل مكتوب، سببه الأداء المميّز لعاطف بن حسين فلو كان ممثلا آخر، لمرت هذه الشخصية مرور الكرام» كان هذا الكلام كذلك لحسام الساحلي، ورأي مجموعة من المشاهدين الذين سألناهم عن هذا الممثل التونسي الشاب، وهذا النجاح جعلنا نتابع عاطف بن حسين من قريب ومن بعيد منذ بروزه في الجزء الأول من مكتوب إلى ما بعد النهاية المؤلمة لشخصية «شوكو» في الجزء الثاني من «مكتوب». ابن الشابة، لم يعرف الشهرة التي يستحق إلا مع ظهوره التلفزي وحتى في مسقط رأسه، لم يلق في السابق الحفاوة والحبّ اللذين يلقاهما الآن، لكنه رغم ذلك لازال متيّما بالفن الرابع، «كالماء يجري لا يهدأ له قرار»، فبمجرّد نهاية تصوير مسلسل «مكتوب»، بدأ التحضير لعمل مسرحي جديد سيتولى كتابة نصّه وإخراجه صديقه الجديد في مسلسل مكتوب «حسام الساحلي» وسيشاركه التمثيل الممثل فتحي المسلماني. بعد العيد مباشرة التقيته مرات عديدة في قلب العاصمة، وقمنا بجولة قصيرة في شارع الحبيب بورقيبة ولم أسمع سوى جملة وحيدة تكررت أكثر من 20 مرّة في تلك الجولة مفادها بالدارجة التونسية «شكوكو يا معلّم.. برافو.. يعطيك الصحة..» جملة على بساطتها معانيها كبيرة وتأثيرها أكبر في الممثل عاطف بن حسين الذي كان متواضعا في تعامله مع المعجبين، بابتسامة، يردّ على كلامهم، وبالصور يستجيب لمطالبهم. تواضع عاطف وبساطته في التعامل مع الناس، جعلته محبوبا لدى المشاهد ولدى زملائه، وحتى لدى بعض الاعلاميين والصحفيين وعن عاطف الانسان يقول زميله حسام الساحلي: «هو إنسان طيّب إلى أبعد الحدود، ومتواضع أكثر من اللزوم، وخدوم وكريم جدا، وقلبه كبير». عاطف بن حسين من مواليد برج الأسد، احتفل منذ شهر تقريبا بعيد ميلاده الخامس والثلاثين، عن نفسه يتحدث فيقول: «بما أنني من مواليد برج الأسد، فميزتي هي قوّة الشخصية لكن في المقابل من سلبياتي الكسل الذي أحاول دائما الابتعاد عنه قدر المستطاع».. كيف يقضّي «الشوكو» أوقاته خارج إطار المسلسل أو الأعمال المسرحية كان هذا سؤالنا لعاطف بن حسين، فقال: «بين المعهد والمنزل».. إلا أن عاطف فاجأنا بقوله إنه تعلّم أشياء كثيرة من تلاميذه، واستفاد كثيرا من مهنته كأستاذ لمادة المسرح، ونفى أن تكون مهنة الأستاذ عائقا أمام الابداع في المجال الذي يعشق. «شوكو» مكتوب يحب الحياة لأنها الحركة بالنسبة له، ويعتبر أن مكمن الحبّ هو العائلة لا القلب وزوجته هي الوجه الآخر له وأن الأبناء هم كلّ الحياة، وأن صديقه في هذه الحياة هو الجمهور. عاطف لخّص جذوره في والدته ولخّص تعليمه في والده، هوايته في الحياة السباحة، يعشق البحر، كما يعشق المسرح فهو يسبح في شواطئ الساحل التونسي كما يسبح بأفكاره مع «بريشت» و«شكسبير» وغيرهم، وعلى الركح الخشبي يكون غير نفسه شخصا آخر، كما جاء على لسانه، بجسده يسبح على سطح الخشبة حتى غدت الخشبة بحرا يصارع أمواجه الفنّان من أجل إثبات الذات الأخرى، هي ذات المبدع تطفو على سطح الخشبة معلنة حياة جديدة أصبح فيها الخشب مصدر حياة لا وقود نار، ومن لم يشاهد عاطف بن حسين على الركح، فقد شاهده على الشاشة الصغيرة في «حياته الأخرى» ينفخ «أف» على سلبيات الحياة العادية وضغطها النفسي الكبير. هكذا هو «الشوكو» فحين تتعانق شخصية الإنسان مع شخصية المبدع وتتآلف، يكون عاطف بن حسين.