الكوارث الطبيعية لا تستشير أحدا.. ولا تخبر احدا: متى ستضرب واين ستضرب وبأية طريقة واحجام ستضرب.. هي تدخل في علم الغيب والغيب لا يعلمه إلا الله.. وما على البشر إلا التسليم بمشيئة الله والتحفز للتعاطي مع آثارها ومخلفاتها بالسرعة والمرونة اللتين تتطلبهما الظروف الاستثنائية والصعبة التي تخلفها هذه الكوارث. ومن هذا الباب وجب علينا النظر إلى الفيضانات الأخيرة التي اجتاحت مناطق عديدة وشاسعة من بلادنا.. وبخاصة مدينة الرديف التي كان فيها المصاب مضاعفا: خسائر مادية ومعها خسائر بشرية سببها هطول تلك الكميات الكبيرة من الامطار في وقت قصير وقياسي يصعب على اقوى الدول واكثرها عددا وعدة وعتادا أن تحول دون وقوعها.. ولنتذكر أن الولاياتالمتحدة قد غرقت فيها في مدن في نفس الفترة في امطار طوفانية، وبرغم امكانياتها فقد ذهب مالا يقل عن عشرة اشخاص في الفيضانات التي سببتها هذه الامطار. وحين ننظر إلى الفيضانات التي شهدتها بلادنا من الزاوية الطبيعية التي ينظر منها في مثل هذه الظروف القاهرة والاستثنائية وهي زاوية سرعة التدخل والوسائل المعتمدة في التدخل لنجدة المتضررين والمنكوبين والأخذ بأيديهم ولمحو مخلفات الكارثة والتعجيل بإعادة الحياة الى مجراها الطبيعي، حين ننظر من هذه الزاوية فإن كل منصف عادل لا يملك إلا أن يثني على السرعة التي تم التعاطي بها مع الحدث وعلى الوسائل والامكانات المسخرة لامتصاص آثارها السلبية العاجل منها والآجل.. فمنذ اللحظات الأولى استنفر رئيس الدولة كل الوسائل والامكانات.. وارسل الوزراء والمسؤولين إلى عين المكان لينصتوا على الميدان إلى شكوى الناس ويشرفوا على تقييم الأوضاع والأضرار.. وعلى توجيه جهود الإغاثة وتحديد أولويات التدخل.. وقد كانت متابعته دقيقة ولصيقة لكل المستجدات.. وهي متابعة تجلت آثارها في القرارات المتخدة سواء بتوجيه المزيد من المساعدات إلى المتضررين في الرديف بالخصوص ليصل عدد الطائرات المحملة بالمساعدات إلى ثلاث طائرات.. أو بإرسال المزيد من الوزراء واحداث اللجان اللازمة لتقييم الأوضاع والاضرار والاشراف على جهود النجدة وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها.. وكذلك التحسب لتعكر كان محتملا للأحوال الجوية... ولقد ساعدت هذه الجهود الخيرة التي أمر بها واشرف عليها ووجهها الرئيس بن علي في نجدة ومواساة آلاف المنكوبين في مدينة الرديف وفي كل بشر من تراب الوطن تأثر بالفيضانات.. ليقف كل التونسيين على تجسيد رائع لذلك المعنى الكبير الذي بني عليه مشروع التحول: الانسان التونسي أولا وأخيرا.. والانسان التونسي غاية كل شيء.. ووفق هذا المقياس يقيم المنصفون أداء القيادات وتفانيهم في خدمة شعوبهم. وقد أثبت الرئيس بن علي بكل هذه المعاني أنه في الخندق الأمامي مع شعبه يفرح لأفراحه ويمسح دمعة حزنه في النائبات.. والفيضانات الأخيرة كانت نائبة ولكنها أيضا كانت خير تجسيد لمعاني التضامن والتكافل والتآزر التي ما انفك رئيس الدولة يعليها ويطبقها على أرض الواقع.. وخير تأكيد لقيمة التونسي صلب المشروع المجتمعي للتغيير.