«الخطب والكلمات لن تحل مشاكل العالم»، بهذه الكلمات التي تضمنها خطابه أمام اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك في دورتها ال 64 أصاب باراك أوباما كبد الحقيقة. لكن وكعرب ومسلمين لا يسعنا هنا إلا ان نتساءل عما قدمه لنا الرئيس الأمريكي الجديد على امتداد التسعة أشهر الأولى من حكمه؟ ومدى اقتناعه والتزامه بهذه المواعظ والحكم التي دأب على حشرها في خطبه وعن نطاق حريته كرئيس أعظم دوله في العالم. ترقبنا جميعا خطاب أوباما أمام الجمعية العامة باعتباره سيرسم ملامح رؤية الولاياتالمتحدة للسلام العالمي، وخاصة العرب الذين أصيبوا بارتباك شديد لارتباك أوباما وتذبذبه بين خطاباته وقراراته التي لم تخرج عن درب سلفه جورج بوش الابن وخاصة في الملفات الكبرى مثل الملف العراقي والأفغاني والفلسطيني الى غيرها من الملفات الأخرى. وأخيرا جاء «اليوم المشهود» والخطاب الموعود، خطاب اعتبر كثيرون انه لم يخرج عن سياسة الكيل بمكيالين، فالكلام للعرب والمسلمين والمستضعفين والقرارات والأفعال للاسرائيليين. وسعى أوباما الى الحفاظ على سياسة المماطلة والمخادعة في كلماته، بل وأكثر من ذلك فقد بدا الارهاق على كلمات الرئيس الأمريكي على الرغم من أنه اختار هذه المرة انتقاء كلماته قدر الإمكان. واعترف أوباما بفشل بلاده في الدمج بين التزامها بأمن اسرائيل والحفاظ على حقوق الفلسطينيين «المشروعة» على حد قوله. وقدم بذلك دليلا واضحا وصريحا على عجزه عن تمرير مواقفه والحلول التي يقدمها كرئيس يملك نفوذ أكبر دولة في العالم إضافة الى عجزه عن تشريك العرب والمسلمين في حل ملفاتهم مثلما وعد في 4 جوان 2009. في الحقيقة سيكون العرب قساة على باراك حسين أوباما إذا غيبوا عن أذهانهم أنه لا يحكم أمريكا ولا حتى نفسه، فما بالك بالقضايا التي تمسّ الحاكم الحقيقي للولايات المتحدة وإسرائيل. هذا الحاكم الفعلي يسمى «حركيا» ب «جماعات الضغط» وهو من وضع سيناريوهات لكل الملفات العالمية الكبرى. ففي العراق مثلا نجد ان خمس أعضاء الكونغرس الأمريكي مستثمرون هناك وبالتالي يحاول هؤلاء التحكم في القرارات والقوانين التي تستهدف أعمالهم ولا يمكن لأوباما ان يثبت ان ذلك شكلا من أشكال الفساد في المؤسسة التشريعية الأمريكية. لا يمكن لأوباما ان يكون «سوبرمان» أمريكا ليكنس هذه العقبات وليحقق وعوده للعالم وللعرب والمسلمين ويبني «المدينة العالمية الفاضلة». فقط نقول لمن حملوا أوباما ويحملونه أكثر من طاقته ان ينظروا الى الحقائق كما هي في الواقع لا كما يحلمون برؤيتها، فربما يكون أفلاطون العصر قد سكن البيت الابيض لكن الولاياتالمتحدة لا يمكن ان تكون مدينته الفاضلة.