لم تكن نتائج اجتماع جنيف بين إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا في جولته الأولى التي جرت الخميس الماضي سوى تهديدات أمريكية وتعهدات إيرانية وفق أبلغ القراءات، فالجميع كان مقتنعا بأنه من الصعب أن يحصل اختراق في جدار الأزمة بين طهران والقوى الست بمجرد الجلوس على طاولة واحدة في احدى الفيلات الفاخرة بجنيف، حتى إذا وصل الأمر إلى عقد لقاء ثنائي بين ممثلي إيران والولايات المتحدة، هو الأول بين البلدين على هذا المستوى الديبلوماسي الرفيع منذ نحو ثلاثة عقود. وقد أثبتت التصريحات الغربية التي أعقبت محادثات جنيف أن لا شيء تحقق سوى موافقة إيران على إرسال جانب من اليورانيوم إلى روسيا حيث يتم تخصيبه هناك بنسبة 19.75٪ وهو المقترح الذي عرضته طهران عشية اجتماع جنيف وثبتته خلال المحادثات وكذلك موافقتها على زيارة مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لموقع قُم النووي الذي تم اكتشافه مؤخرا، وهو الأمر الذي كانت طهران مستعدة للقيام به منذ أول يوم كشف فيه عن هذا الموقع، أي أن اجتماع جنيف لم يغيّر من الموقف الإيراني شيئا. أما في الجهة المقابلة فلم يتغير الموقف الغربي كثيرا فالرئيس الأمريكي باراك أوباما لوح بفرض عقوبات جديدة وصارمة على إيران إن هي أخفقت في تقديم خطوات ملموسة في مجال الاستجابة لمطالب المجموعة الدولية، وعبرت بريطانيا عن الموقف ذاته، وبدا أن الجميع على قناعة بأن إيران ماضية في لعبة كسب الوقت، وهي التي تجيد المناورة على طاولة الحوار كما على الميدان. ورغم الحديث عن صفقة سرية جرت بين طهران والغرب على هامش اجتماع جنيف تقضي بالسماح لإيران بإتمام برنامجها النووي مقابل مساهمتها في إرساء الأمن في العراق وأفغانستان، وفق ما ذكرت بعض التقارير فإن مدى جدية إيران في هذا المجال ومدى صحة هذه التقارير أصلا تبقى مجالا للدرس والانتظار حتى اكتمال رحلة الألف خطوة من الحوار بين الغرب وطهران.