حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي يقول سي أحمد موضحا موقفه، أو ما يمكن أن يكون موقف بورقيبة من «مؤتمر 56» للاتحاد العام التونسي للشغل، إنه «قطع إجازته، بمدينة «فيشي» الفرنسية (على ما أعتقد أنها فيشي) وجاء ليحضر في مؤتمر الاتحاد... الملفت هنا، ولما قدّم بورقيبة اسمَي قيادة الاتحاد، وأنه لا يرى فرقا بين أحمد بن صالح والحبيب عاشور، وقد فهمنا من بعد أنه سبّق إطلاق الاسم (اسم عاشور)، الملفت إذن أن الحبيب عاشور لم يترشح للكتابة العامة... ومرة أخرى، أعيد التأكيد أن بورقيبة لم يقل شيئا بشأن البرنامج، البرنامج الاقتصادي، والاجتماعي الذي أنجزناه، وكان محل قبول في مؤتمر الحزب بصفاقس سنة 1955... برنامج لفت، في الحقيقة، اهتمام كبار زعماء نقابات العالم، من الضيوف الذين جاؤوا الى تونس، ليحضروا في المؤتمر السادس للاتحاد العام التونسي للشغل... والمؤتمر كان عبارة عن احتفالية، فقد كنا على أبواب بناء تونسالجديدة... في نفس ذاك الوقت، كان هناك مسؤولون كبار يتحدثون عن اكتساح للحزب، وكانوا يحضّرون أمورا أخرى... وكل هذا الحديث هو بهتان لا أساس له ولم يكن منه شيء»... قلت ل «سي أحمد»: الحديث انقلاب الاتحاد على الحزب، أو اكتساح الاتحاد للحزب، لا نرى تعليلا له، بل بالعكس يحقّ لنا أن نتساءل، ونحن نرى الشعب المهنية «تكتسح» ميادين الشغل: «من انقلب على من؟ من انقلب على الآخر؟ قال «سي أحمد» وبإيجاز معيدا نص السؤال: «نعم، هذا هو السؤال من انقلب على من؟». وبعد برهة من الصمت والتفكير أطلق «سي أحمد» بن صالح كلمات، وحده المتابع لهذه المذكّرات، بإمكانه أن يفهم مغزاها: «إن الاتحاد العام التونسي للشغل، واصل تحمّل مسؤولياته في مرحلة التحرير، كقوة شعبية... هدفها تحرير المجتمع وتحرير البلاد... ثم إننا، لم نكن في حالة تنافس، في جميع مراحل التحرير، فنحن دستوريون من نفس الحزب السياسي ننهل ونتكوّن... ففي المرحلة الاولى من بداية التفاوض على اتفاقيات الحكم الذاتي، كان الاتحاد منخرطا بقوة، وعندما أردنا كاتحاد أن ندخل الحزب كمنظمة لا كأفراد منتمين إليه، لم يدر في خلدنا شيء، غير أن نساهم في تهيئة تونس للاستقلال، ولنكون جاهزين لمراحل الاستقلال... لو بإمكانكم اليوم، في 2009، أن تحصلوا على بعض الصحافة الاجنبية وقتها، وما قالته عن مؤتمر الاتحاد العام التونس للشغل، سوف تقفون، كصحافة، على الأثر الواسع والايجابي لمؤتمر «الاتحاد 56»... صحيفة «لو بتي ماتان» «Le Petit Matin» (البلجيكية)، حيث كتبت بأن «مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل كان تظاهرة احتفالية»... لقد اعتقدنا بأن تونس سوف تكون دولة لها حزب يرتكز على الاتحاد العام التونسي للشغل، كقوة نقابية شعبية... فالتطور الذي حدث في العلاقة بين الحزب والاتحاد العام التونسي للشغل، كان ضمن مسلسل منسجم، ولم يكن في أي فترة من فترات التحضير والبحث، من أجل تونسالجديدة، أي تعارض بين الحزب والاتحاد... الجديد وقتها (إبان مؤتمر الاتحاد) أن تونس، على أبواب الاستقلال... وكل النشاطات السياسية، كانت على أهبة لمواجهة المشاكل والاستحقاقات التي ترتبط بالاستقلال، سواء في المستقبل القريب أو البعيد... قلت ماضيا، إن برنامج الاتحاد جاء في توقيت، كان فيه فراغ، من حيث البرامج، ولكننا كدساترة ونقابيين، وقد كنا جميعا دساترة (أي ينتمون الى الحزب الحر الدستوري) والحزب ليس حزب أعراف بل هو حزب عمال والجميع، إذن وفق موقعنا المذكور، أردنا البرنامج (الاقتصادي) هدية واجبا من دستوريين عماليين... أردنا استعمال الطاقات الموجودة لاستقبال الاستقلال كما يجب، عبر برنامج تنمية وتربية... فقد اقترحنا بأن لا يبقى الحزب، سجين النظرة الاستقلالية فقط، بل لابد أن نتجاوز ذلك الى محتويات الاستقلال واستحقاقات الدولة المستقلة... باعتقادي، أن البرنامج كان مهمّا... وكان محطة، بل هو إقلاع «Take off»... لقد بدأنا (ضمن مقترحات البرنامج) بملفّي الصحة والتعليم والاقتصاد على رأس كل الملفات... أعتقد أننا عملنا من خلال البرنامج على تحضير البلاد الى مشاريع الرقيّ... فالى حلقة أخرى وتفاصيل جديدة...