إصابة في الفك، تورم في العينين... الخطير في الأمر أن يحدث هذا لتلميذ داخل مؤسسة تربوية، والأخطر أن تتكرر الواقعة لتصبح ظاهرة حتى إنه لم يبق غير الاستنجاد بحراس شخصيين أو تحويل احدى قاعات الدرس الى مركز أمني حتى يشعر التلميذ بالأمان. بالأمس القريب اعتدى مواطن على تلميذ (11 سنة) في مؤسسة تربوية بمدينة منزل بورقيبة نصرة لابنه، وقبلها بيومين اقتحم شبان عاطلون معهدا ثانويا في الزهراء فعنفوا من شاؤوا وسرقوا من شاؤوا ولم ينج إلا من رحم ربّك. اكتفينا بهذين الواقعتين احتراما لمبدإ القرب (الزمني) من جهة وهروبا من الحشو من جهة أخرى فالوقائع تختلف حتما في تفاصيلها وأماكنها لكنها تجتمع تحت عنوان واحد، ضرب التلاميذ داخل بيوتهم، أليست المؤسسة التربوية بيت التلميذ الثاني؟ لا يمكن من باب الموضوعية اتهام رجال الأمن بالتقصير ودليلنا (شهادة الأولياء) اصابة عون أمن بجروح عندما تدخل لحماية التلاميذ في الواقعة الثانية (واقعة الزهراء) ولكن الأمر دفعنا الى التفكير في نفسية التلميذ الهشة بطبعها لصغر سنه. كأن «مسعودة» لا تكفي؟ قد يقول بعضكم: «لقد ولى وقت مسعودة (تلك العصا التي يرهب بها رجل التعليم طالب العلم)» ولكني سألت عنها عددا كبيرا من المعلمين فأجمعوا على أنهم لم يتخلوا عنها قط وأنهم يجتهدون في اخفائها عن المتفقدين كما يجتهدون في استعمالها. هي (في اعتقادهم) طريقة سحرية تجبر التلميذ على انجاز تمارينه المنزلية ومتابعة الدروس واجتناب التشويش ولكنها (في اعتقادنا) مجرد طريقة سهلة تحقق بعض المكاسب العاجلة وتدمر التلميذ آجلا. تخيلوا تلميذا عاجزا عن استيعاب الدرس خائفا من عصا معلمه واهاناته وعقوباته التكميلية. ينتظر نهاية الحصة على أحر من الجمر حتى يغادر القاعة ويستعيد احساسه بالراحة والطمأنينة. تخيلوا هذا التلميذ وهو يتعرض الى الضرب أو السلب داخل ساحة مدرسته (أو معهده). قد يدفعه شعوره بالخوف الى عزوفه عن الدراسة ورغبته في ملازمة بيته بحثا عن الإحساس بالأمن ولكن الطامّة الكبرى ألا يجد ضالته في بيته فالطفل يهرب حتما الى الشارع عندما يكون ربّ الأسرة بالسوط ضاربا.