يعد دفع الضرائب والالتزام بالواجب الجبائي أحد ابرز اركان المواطنة الذي يجب ان يسود في كل مجتمع متحضر ومتقدم. ونحن في تونس نتعاطى مع الجباية والأداءات بنسقين مختلفين ومتفاوتين، فالأجراء وبفضل الخصم المباشر من المورد، لا يمكن لهم ان يتهربوا من هذا الواجب، في حين ان الوضع مختلف مع اصحاب المؤسسات والمهن الحرة الذين تحصل لديهم حالات تهرب يقرها المسؤولون عنهم ولا تخفيها الادارة، رغم الاصلاحات الجبائية التي جاء بها التغيير واتجهت نحو تخفيض النسب التي كان معمولا بها والتي كانت ترهق اصحاب المؤسسات والأعمال الحرة. وفي الحقيقة فان هناك وعيا كبيرا بهذه المسألة وحرصا على اعلى مستوى لاصلاحها في اتجاه مزيد تعميق العدالة الجبائية بين كافة مكونات المجتمع التونسي ودعم استقراره وتماسكه. هذا الحرص تجلّى مجددا من خلال برنامج الرئيس بن علي لرفع التحديات عبر عديد الاهداف التي وضعها لترسيخ جباية عادلة تدعم المصالحة بين المواطن والادارة وتعزز الضمانات في اطار الثقافية والالتزام بالواجب الجبائي. ولا نخطئ كثيرا ان وصفنا العلاقة بين المواطنين كدافعي ضرئب وادارة الجباية بالمتوترة او المتنافرة احيانا، اذ ان هناك نسبة تحاول بكل الطرق التهرب من الواجب الجبائي كليا او جزئيا من خلال تصريحات خاطئة او مضللة، في حين تبدو الادارة احيانا متشددة وحازمة اكثر من اللزوم معتمدة على سلطة القانون وقوته لتسليط التوظيف الاجباري على المتأخرين او المبتدئين في الدفع، بما يعجّزهم عن الدفع او عن تحمل حجم المبالغ الموظفة. والادارة تتلدد بدورها في ارجاع فائض الأداءات الى اصحابها وتجد من النصوص والتشريعات وكذلك من جهل او تخوف المطالبين بالأداء ما يحميها ويحول دون ذلك احيانا. هذه الاوضاع ستختفي بالتأكيد، وان تدريجيا، فالرئيس قرر بعث خطة الموفق الجبائي مثل ما بعث الموفق الاداري والموفق المصرفي لتحسين العلاقة بين الاطراف المتنازعة وللتقليل من سلطة الادارة واجحافها واصلاح اخطائها ان وجدت. فتونس ومثلما اراده لها الرئيس بن علي مقبلة على ترسيخ جباية حديثة تتلاءم مع محيطها وتعتمد على تكنولوجيات الاتصال المتطور في اتجاه توسيع التصريح الجبائي عن بعد بما يقلص من اضافة الوقت ويقلل في حجم الانتقالات الى الادارة. ولا شك ان الاصلاحات الجبائية التي اعلنها الرئيس بن علي في برنامجه الانتخابي والتي سترى النور قريبا تحمل اكثر من بشرى للمطالبين بالأداء وأساسا الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود والباعثون الشبان والجدد واصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة في اتجاه اقرار انظمة خاصة بهم تلائم وضعياتهم وتساهم في تخفيف الضغط الجبائي الذي قد يعرقل امكانيات نموّهم وربما بقائهم اصلا في مناخ شديد التنافس داخليا وخارجيا.