فاز الملعب المالي عشية السبت الماضي بلقب كأس الاتحاد الافريقي للمرة الأولى في تاريخه وكان ذلك على حساب وفاق سطيفالجزائري لتتأكد هيمنة الفرق الافريقية السمراء بعد أن تمكن مازمبي الكونغولي من الفوز بلقب دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة في تاريخه بعد عامي 1967 و1968 كما بلغ النهائي في مناسبتين على التوالي 1969 و1970. إذا منحت الأندية العربية فرق إفريقيا السمراء صكّ العودة من أروقة التاريخ للظهور من جديد على منصة التتويج القاري بمختلف فروعها لتكسّر بذلك احتكار الناطقين بحرف الضاد لهذه المسابقات لفترة طويلة. البحث عن استعادة الأمجاد الغابرة تسعى الفرق العربية الى استعادة هيبة فقدت منها على الصعيد الافريقي في قارة تتسم على مدى تاريخها بالانقلاب في جميع المستويات وقد برزت ملامح ثورة «السود» من خلال نصف نهائي دوري أبطال افريقيا حين لم يسجل الحضور العربي سوى فريق الهلال السوداني الى جانب مازمبي ومارتلاند وكانو بيلارز النيجيريين في حين أن مسابقة كأس الاتحاد الافريقي ضمّت في نصف النهائي فريقين عربيين معا انمبي المصري ووفاق سطيفالجزائري الى جانب كل من الملعب المالي وبابيلسا النيجيري رغم أن الأرقام التاريخية تشير الى هيمنة العرب على المسابقتين فبالنسبة لمسابقة دوري أبطال افريقيا التي انطلقت في 1964 كان نصيب الفرق العربية بالتتويج فيها 23 لقبا بينها 6 للأهلي و5 للزمالك مقابل 21 لقبا للأندية الافريقية ويشهد التاريخ كذلك على السيطرة العربية في مسابقة كأس الاتحاد الافريقي التي انطلقت في 1992 من خلال 13لقبا للأندية العربية منها ثلاثة ألقاب لكل من النجم الساحلي والنادي الصفاقسي وشبيبة القبائل، مقابل خمسة ألقاب للفرق الافريقية السمراء. تراجع طبيعي فقدان الأندية العربية لمكانتها كان نتيجة طبيعية لجملة من الافرازات والارهاصات لأن كرة القدم ببساطة لا تعترف بما يكتب على الورق بل بالعمل والنتائج فالقوى التقليدية شهدت تراجعا في المستوى بداية بالنادي الأهلي الذي أصيب بالتهرّم وأقصي على يد مارتلاند المتقد نشاطا، في حين أن النجم الساحلي عصفت به مشاكله الداخلية فلم يقدر على الصمود وهو ما ينسحب على النادي الصفاقسي في المقابل عانت الأندية المغربية من تهميش وسوء تصرف هيكلي وإداري شمل الاندية ثم المنتخبات، أما الزمالك المصري فمازال يتخبط في زوبعة ألقت به على هامش التصنيف المحلي والقاري في حين حاول وفاق سطيف الصمود حتى الرمق الأخير لكنه تاه في أدغال افريقيا لأنه لم يبصم على استحقاق اللقب منذ لقاء الذهاب لإن كل السيناريوهات ممكنة وكل الطرق مباحة للفوز في افريقيا. كما أن تصدير اللاعبين للاحتراف بالخارج بطريقة عشوائية خفض من سقف طموحات هذه الفرق وجعلها لا تقدر على المحافظة على نفس المستوى لسنوات متتالية. ... وتألق منطقي فرق وسط وجنوب افريقيا عملت جاهدة على تحسين مستواها عبر الاستفادة من المواد الخام التي تمتلكها متمثلة في المواهب والامكانات الفنية لقارة صح التوقع أنها ستمثل مستقبل الكرة العالمية وهنا فهمت هذه الفرق اللعبة فحاولت تنظيم مراكز التكوين وإجراء توأمة مع الفرق الأوروبية الكبرى فقطعت الامدادات باللاعبين على أندية شمال افريقيا كي لا تحاربها بسلاحها وعملت على تطوير الجانب الفني والذهني للاعبيها وقد نجحت في ذلك بنسبة كبيرة وشاهدنا فرقا ملتزمة تعرف كيف تسافر وتخلصت من تلك السذاجة والانطباعية في التعامل مع المسابقات القارية فنجحت في الفوز بالألقاب وكسرت احتكار الأندية العربية لها. هذه الفرق أصبحت تستمدّ هيبتها من تقاليدها العريقة في اللعبة ومن سمعتها على الصعيد العالمي من خلال سفرائها من المحترفين في مختلف الملاعب الأوروبية وانعكس ذلك على المنتخبات بحضور متميز في كأس إفريقيا وكأس العالم وآّخر ما تأهل كل من نيجيريا وغانا والكوت ديفوار والكاميرون لنهائيات كأس العالم مقابل منتخب عربي وحيد وهو الجزائر.. وعادت الكرة العربية الى السبات..