اهتزت منطقة حي الممرضين من ولاية قابس بحادثة مفاجئة ذهب ضحيتها شاب في مقتبل العمر تحت عجلات الحافلة التي كانت تقله. «الشروق» تحولت إلى منزل المتوفي وبحثت في أطوار الحادثة وتفاصيلها. يقول محدثنا السيد بشير المنصوري والد الضحية ان ابنه محمد المولود في 16 سبتمبر 1991 ولد بإعاقة في رجله اليسرى وهو حامل لبطاقة معوق والمعروف عنه أنه يتنقل يوميا عبر الحافلة إلى وسط مدينة قابس وصادف يومها أنه تحول إلى إدارة الشؤون الاجتماعية لتجديد بطاقة اعاقته وبعد أن أتم الاجراءات امتطى الحافلة عائدا إلى مقر سكناه في منطقة حي الممرضين فكان نزوله في حدود الساعة الحادية عشرة صباحا وهي محطة نهائية لكل المسافرين حينها. نزل محمد من الباب الخلفي وكان يحمل أداة طبية يستند عليها باعتبار ضعف رجله اليسرى وعند نزوله قدم الرجل اليمنى ثم عند تأهبه لانزال الرجل اليسرى عجل السائق باغلاق الباب فضلت قدمه اليسرى والمعوقة ملتصقة بالباب. ولأنه كان يرتدي حذاء طبيا وباعتبار أن الرجل قصيرة فقد ضلت الحافلة تنقله والرجل ملتصقة بالباب مسافة 21 مترا حسب التقرير الأمني ومع ذلك فإن السائق لم يتفطن لوجود محمد طول تلك المسافة إلا بهتافات وضرب الحافلة من قبل أحدهم. وحسب ما رواه والد محمد فإن الحافلة قد أتت على الجزء الأعلى من جسده من خلال تغيير كامل من ملامح احدى الأيدي اضافة لإصابة من المرفق إلى الكتف ونزيف داخلي مفتوح مع تحطيم كلي لعظام الفخذين. وكان محدثنا قد أشار إلى أن ابنه نقل على جناح السرعة إلى المستشفى الجهوي بقابس فالتحق به وسأله عن حاله فقال حرفيا إن السائق أغلق الباب دون أن يتفطن إليه. وأضاف أنه لن يركب الحافلة مستقبلا وقبل أن يدخل في غيبوبة قال لأبيه «بابا سامحني تعبتك في جرتي». ورغم المحاولات الطبية المتواصلة لانقاذ حياته فإن محمد فارق الحياة في حدود الثالثة والربع بعد الزوال مخلفا جرحا وألما كبيرا في نفوس جميع أفراد عائلته ورغم البكاء الذي كان يقطع حديثنا مع والد الفقيد محمد فإنه أكد أن كل سواق حافلات الشركة الجهوية للنقل بقابس كانوا متعاطفين مع ابنه إلى درجة إيقاف الحافلة لركوبه وقد وصل الأمر ببعضهم إلى ايصاله حتى باب المنزل في بعض الرحلات وهو يشكرهم على ما فعلوه مع ابنه إلا أنه يحمل المسؤولية الكاملة لسائق الحافلة الذي لم يمهل ابنه لحظات حتى تطال رجله الأرض وأكد أن تعمد الاهمال هو الذي غاضه وسيترك القضاء يأخذ مجراه الطبيعي وقد علمنا أنه تم ايقاف السائق وهو شاب في السادسة والعشرين من عمره. وقال انه راض بقضاء اللّه وقدره وذكر ان محمد قضى 18 ساعة تحت العملية على العمود الفقري حين كان عمره 45 دقيقة وعاش في هذه الدنيا 18 سنة. وللإشارة فإن الفقيد محمد كان منذ أيام قد رسم بأحد المعاهد الخاصة للتكوين في الاعلامية وهو مثال المعوق الجدي والمتحمّس لتجاوز كل الصعاب.