في إطار الاحتفال بالذكرى 61 لصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان، نظم المعهد العالي للدراسات القانونية بقابس يوما دراسيا حول «منظمة الأممالمتحدة وحماية مسألة حقوق الانسان» نشطها السيد عبد الفتاح عمر، أستاذ القانون العام وعضو لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة وذلك يوم الاثنين 14 ديسمبر 2009. هذا اليوم الدراسي، الذي احتضنه فضاء المركز الجامعي للتنشيط الثقافي والرياضي، تميز بحضور عدد هام من أساتذة وطلبة المعهد العالي للدراسات القانونية بڤابس تابعوا بكل اهتمام ما جاء في محاضرة الاستاذ عبد الفتاح عمر حول موضوع ذو أهمية ألا وهو منظمة الأممالمتحدة وحقوق الانسان. وفي بداية كلمته ذكر المحاضر بثلاث بديهيات تتمثل الاولى في أن حقوق الانسان في تفاعل مع محيطها الداخلي والخارجي تتأثر به وتؤثر فيه أما الثانية فهي التأكيد على أنه لا مجال للشطط بخصوص مسيرة حقوق الانسان ذلك أن نجاعة حقوق الانسان غير مطلقة حيث يجب أن ينظر للامور حسب درجة الانتهاك. تعزيز الحقوق وأما البديهية الثالثة فتتعلق بماهية حقوق الانسان حيث أنها لا تعدّ من المجردات بل هي متصلة بصورة مباشرة بالحياة اليومية كالتمييز العنصري والتعذيب... ومن هنا فإن منظمة الاممالمتحدة، على غرار العديد من المنظمات الدولية الاخرى كاليونسكو والمنظمة الدولية للصحة وكذلك العديد من المنظمات الاقليمية، تعنى بحقوق الانسان وهي منظمة دولية تجمع الدول لا الشعوب وتقوم على مبدأ السيادة. وقد تعرض ميثاق منظمة الاممالمتحدة الى مسألة حقوق الانسان من خلال «تعزيز حقوق الانسان والتشجيع على ذلك دون تمييز بسبب الجنس أو الدين» وهو ما ورد في الفقرة 30 من الفصل 3 هذا الى جانب العديد من الفصول الاخرى على غرار الفصل 1 (الفقرة 3) والفصل 55 والفصل 62 (الفقرة 2) والفصل 68. هذا الى جانب وجود العديد من المعاهدات والنصوص التي أصدرتها منظمة الاممالمتحدة من خلال هياكل مختلفة والعديد من المبادرات التي تبنتها حيث أن مسألة حقوق الانسان بالنسبة اليها أصبحت في صلب اهتماماتها. وأمام هذا الدور الموكول لمنظمة الاممالمتحدة اليوم في مجال حقوق الانسان لسائل أن يسأل ماذا بقي للدول في هذا المجال؟ وحول أبعاد سيادة الدولة اليوم وحول حدود هذه السيادة؟ وهنا بيّن الاستاذ عبد الفتاح عمر، خلال محاضرته، أنه لا مجال للتمييز في حقوق الانسان بين القانون الداخلي والقانون الخارجي حيث أن المجموعة الدولية تفوّض للدولة حماية حقوق الافراد وتسترجع هذه المهمة عند إخلال الدولة بها. والدول اليوم ارتبطت بالعديد من المعاهدات والنصوص بصورة إرادية ممارسة منها لسيادتها وهو ما أدى الى انصهارها في العديد من الهياكل والاخذ بعديد الاطراف والوسائل التي تجعل من سيادتها في حقوق الانسان سيادة محل تساؤل. مقاومة التميز وواصل القول ان النصوص الدولية الصادرة في إطار الاممالمتحدة من معاهدات وإعلانات تغطي تقريبا مجالات حقوق الانسان حيث أن أكثر من 100 معاهدة أبرمت في إطار الاممالمتحدة نذكر منها مثلا مقاومة التمييز العنصري والحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ومقاومة التعذيب وحقوق الطفل... وأغلبية هذه المعاهدات تكاد تكون كونية صادقت عليها العديد من الدول مثل معاهدة حقوق الطفل التي صادقت عليها 193 دولة ماعدا الصومال والولايات المتحدةالامريكية. وبذلك يتراءى التغطية الشاملة لحقوق الانسان حيث أن مجال الدولة أصبح مقيّدا وموجّها ومؤطرا. واستعرض الاستاذ عبد الفتاح عمر الهياكل التابعة لمنظمة الاممالمتحدة والمتمثلة في مجلس حقوق الانسان والآليات التعاقدية. وواصل الحديث حول طرق متابعة أوضاع حقوق الانسان من خلال الحوار والمساءلة والتقييم والمتابعة والتي تأخذ بعين الاعتبار سيادة الدولة والالتزامات التي تعهدت بها والتي تؤطر هذه السيادة. هذا ويتواصل نشاط المعهد العالي للدراسات القانونية بڤابس من خلال محاضرة يلقيها الاستاذ فيصل دربال، خبير محاسب ورئيس هيئة الخبراء المحاسبين بتونس، حول قانون المالية لسنة 2010.