أخبار الحكومة    إيرادات العمل والسياحة    استعدادات شركة الستاغ    آخر مستجدات الحرائق الجبلية بسليانة..#خبر_عاجل    عاجل/ إعلان حالة الطوارئ على متن سفينة 'حنظلة' المتّجهة لغزة..    مستشار ترامب يزور المقبرة الأمريكية بقرطاج    مباراة ودية: تعادل الاتحاد المنستيري والترجي الجرجيسي 1 - 1    عاجل/ الاطاحة بشبكة لترويج المخدرات بهذه الولاية…    امام شبابيك مغلقة وفي سهرة استثنائية:نجاح تاريخي للنجمة لطيفة العرفاوي في قرطاج    الكاف: هيئة مهرجان بومخلوف تسلط الضوء عن عروضه    عاجل/ التحقيق مع أستاذة في الفقه بعد اصدار فتوى "إباحة الحشيش"..    مباريات ودية: التعادل يحسم لقاء المنستيري وجرجيس، برنامج مقابلات الأحد    مستقبل القصرين ينتدب المدافع المحوري شوقي الزيتوني    أحمد الجوادي يعفى من سباق 400 م سباحة حرة لضمان الجاهزية لسباقي 800 و1500 م في مونديال السباحة بسنغافورة    وائل جسّار في تونس: سهرة اليوم في الحمّامات    رقدت درج على يدك...رد بالك من شنوا ينجم يصيرلك    أستاذة فقه تثير الجدل: تعاطي "الحشيش" ليس حراما!!    مدنين: مساعي حثيثة للحيلولة دون تنفيذ اضراب بطاحات جربة    الترتيب تبدّل... والباسبور التونسي في المرتبة هذه    صادم.. دراسة تكشف كيف سرّعت جائحة كورونا الشيخوخة في أدمغة البشر    احتياطي تونس من العملة الصعبة يعادل 100 يوم توريد    عاجل/ زعيمها موظف بوزارة: هذا ما تقرّر ضد عصابة لترويج المخدرات    انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة..وهذه المناطق معنية أكثر من غيرها    كان يسبح ليلا في الشفار.. طفل تُغرقه الأمواج    باب سويقة: 10 سنوات سجناً لمتهم نفّذ "براكاج" دموي وتسبب في إعاقة دائمة لشاب    الموت يفجع الممثلة عائشة خياري    تونس تسعى إلى بناء علاقات مع الصين خارج الأسواق التقليدية قائمة على مساري التبادل التجاري والاستثمار    مصر تعلن دخول 117 شاحنة مساعدات إلى غزة    "24 عطرا - نجوم سمفونية" على ركح مهرجان الحمامات الدولي: موسيقى تحتفل بالهوية التونسية    كميات الامطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    النادي الإفريقي: فوزي البنزرتي يقود الفريق للمرة السابعة في تاريخه    دورة تونس الدولية لاعداد وسطاء ومحكمين دوليين معتمدين في فض النزاعات من 14 الى 23 أوت المقبل    فاكهة الموز: قصص حقيقية ومفاجآت لا تُصدّق!    النيابة العمومية تأذن بالاحتفاظ بمغني الراب ALA    مستعدون للسنة الدراسية الجديدة؟ تسجيل أطفال التحضيري يبدأ قريبًا    استطلاع: الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة في أدنى تأييد شعبي منذ 35 عاما    بطولة العالم لكرة اليد لأقل من 19 سنة: برنامج مباريات المنتخب الوطني في المونديال    النادي الصفاقسي يتربّص في سوسة استعدادا لانطلاق البطولة الوطنية    نظيم الدورة الأولى من المعرض الوطني المتنقل للصناعات التقليدية بالمنستير من 07 الى 24 اوت القادم    تطاوين: وردة الغضبان تحيي حفلا فنيا ساهرا بمناسبة إحياء الذكرى 68 لعيد الجمهورية    مصر: فرض غرامة مليون جنيه على "البلوغرز" غير المرخصين وملاحقة مروّجي صور مفبركة لفنانات    قابس : كرنفال عيد البحر يصنع الحدث    نصيحة للتوانسة: نظّم تنقّلاتك قبل 30 جويلية...النقل العمومي باش يكون في إضراب!    تركيز وحدة متطورة للفحص في مجال امراض الحلق والانف والاذنين بالمستشفى الجهوي بقبلي    عاجل/ قتلى في هجوم على محكمة بإيران    ميلوني: الاعتراف بدولة فلسطين قبل قيامها نتائجه عكسية    كيفاش نستعملو الفيتامينات؟ الدكتور رضا مكني يوضّح للتونسيين الطريقة الصحيحة    عاجل/ وفاة زياد الرحباني    طقس السبت: الحرارة في تراجع    حين تصير الحجارة مرآة الخيبة... وأشباه النُخَب يتمسّكون بالكراسي    تاريخ الخيانات السياسية (26) المأمون يقتل قائده هرثمة    خلال السداسي الأول من سنة 2025: ترويج 42367 سيارة جديدة    الشركة التونسية للكهرباء والغاز يؤكد جاهزية فرقها لضمان استمرارية التزويد بالكهرباء والحاجة الى ترشيد الاستهلاك    عاجل/ تنبيه للمواطنين: تغيير في حركة جولان (قطار ت.ج.م)..وهذه التفاصيل    سليانة: تقدم موسم الحصاد بنسبة 98 بالمائة    شهر صفر يبدأ السبت.. شنو هو؟ وهل لازم نصومو فيه؟    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    موجة حر شديدة وانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي: احمي نفسك وأحبائك من الحرارة القاتلة دون مكيف بهذه الخطوات..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«تجديد التفكير» لسالم المساهلي: قراءة هادئة لأسئلة قلقة في فكرنا المعاصر
نشر في الشروق يوم 20 - 12 - 2009

كتاب «تجديد التفكير/ قراءة هادئة لأسئلة قلقة في فكرنا المعاصر» للباحث التونسي سالم المساهلي، متن يبحث في أسئلة بديهيّة ظاهرا جوهريّة باطنا ، فالنصّ القرآنيّ موضوع البحث أصبح في الراهن نصّا يعيش على حافة صنع التاريخ بسبب القراءات التقليديّة التي لعبت دورا رئيسا في تجميد العقل، وتأبيد القراءة التراثيّة للنقل، ممّا جعل من النصّ يعيش عطالة رغم أنّه نصّ حياة بامتياز، وقد تناول الكاتب بالدرس مسائل حافّة بالنصّ و مكمّلة له في علاقتها بالأسئلة الراهنة.
وقد حدّد منذ المقدمة ملامح عمله وخطوطه الكبرى من ذلك قوله: «لا بدّ إذن من بناء السؤال الحقيقي، والانتقال من النظر الطويل إلى الخلف إلى التوجّه المتبصّر نحو الأمام، ويعني هذا الانتقال من سؤال من نحن؟ الذي يحيل على الماضي، وتمجيده والتوقّف عنده إلى سؤال من نريد أن نكون؟ الذي يفتح البصر والبصيرة على الواقع و على الآفاق الممكنة للحضور في العصر، دون التنازل عن انتمائنا و محدّداتنا الثقافيّة» و ذلك للخروج بالإسلام من دائرة العطالة إلى دائرة الفاعليّة ومسايرة الأسئلة الحارقة من أجل أن تستعيد الأمة مكانتها، وتكون بذلك فاعلة في صنع التاريخ لا في صناعة ثقافة الموت، ولتحقّق ذلك يجب أن تفهم الأمة «أنّ الإسلام كما هو معلوم حقيقة مطلقة، وقيم وتعاليم كونيّة ، لذلك هي مهيّأة لأن تفهم وتنزّل في مراحل تاريخيّة مختلفة وفي سياقات ثقافيّة واجتماعيّة غير محدودة، شريطة مراعاة الظروف والملابسات الواقعيّة الخاصّة بكلّ محطّة تاريخيّة. الدين حقيقة مطلقة والتفاسير والأفهام حقائق نسبيّة محدودة بشروطها المكانيّة والزمانيّة، وهنا يجدر بنا كشف القداسة الوهميّة لبعض القراءات التي يراد لها أن تكون نمطا و نموذجا يحتذى من اجل تكريس ما هو قائم، إنّنا مطالبون بنظرة راهنة دون تبعيّة ساذجة لأيّ طرف سواء تمثّل هذا الطرف في الاجتهادات السابقة والتراث الإسلامي أو في الإنجازات الثقافيّة الغربيّة... هذا يعني انّه ينبغي إعادة بناء منظومة التفكير الإسلامي انطلاقا من مقدماتها وأصولها العقديّة بشكل ينسجم مع روح التقدّم والتحرّر في القران، ولا يغفل الانفتاح على المنجز الإنساني عبر التاريخ من خلال وعي استخلافيّ فشروط الارتقاء بالأمّة ممكنة التحقّق، شريطة أن نبعث للوجود فكرا نابعا من النصّ ولصيقا بالمعيش «الآن وهنا» بعيدا عن ثقافة التحريم والتكفير والإلغاء، وعلى الفكر الإسلامي أن يتمثّل مقولة النسبيّة في أيّ منجز إنساني ّ فلا تحمله بذلك نرجسيّته الفكريّة إلى شطب الآخر، كما أنّ تجسيم قيم التوحيد و التحلّي بها والتي تمثّل قادحا لغلبة ثقافة التسامح تساهم في تنشئة الفرد والجماعة على قيم احترام الغيريّة الفكريّة.
والتجديد يجب أن يطال السلوك والعقل ومنجزاته النصيّة التراثيّة منها والمعاصرة بعيدا عن عباءة التقديس الذي أحال العقل والنقل معا على عطالة مزمنة، مثّلت فرصة وقادحا لذوي العقول الانغلاقية ليسود خطابها كلّ المنابر الفكريّة فحوّلت الإسلام من دائرة التفكير إلى دائرة التكفير، ومن دائرة «اقرأ» إلى دائرة «وقاتلهم ».
فالفكر الإسلامي اليوم والنصوص الحافّة به «تشكو... توتّرا مفاهيميّا ومنهجيّا إذ لازالت علاقتها بتاريخها و تراثها محلّ ارتباك وتساؤل، ماذا تأخذ؟ وماذا تترك؟ ومازالت علاقتها بالثقافات الأخرى موضع توتّر واخذ وردّ، وخصوصا في شأن المفاهيم الكبرى كالديمقراطيّة والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، وكذا مجالات العلوم الإنسانية، فالجهاز المفاهيمي للخطاب العربي الإسلامي قلق وضبابيّ لأنه لم يتمكّن من استيعاب وصهر المفاهيم الحديثة والغربيّة أساسا ضمن جهده النظريّ، كما لم يحسم الأمر بالقطع معها، وما تلك إلا لواقع التبعيّة المفروضة، سواء للماضي التراثي أو للآخر الحديث و المعاصر، من اجل ذلك اختلفت الرؤى بين العائلات الفكريّة العربيّة ووصلت حدّ التناقض، ولعلّ أبرز هذه المواقف تتلخّص في التيار السلفي المحافظ، والتيار السلفي المعتدل، والتيار الليبرالي، ثمّ التيار التوفيقي، والتيار النقدي» في حين لم تكن أقصى غايات القرآن التمسّك بمنهج بعينه، إنّما غاياته القصوى إشاعة العدل بين الناس ونبذ الفرقة والخلاف، وهدفه من وراء ذلك كله جمع الناس على ثقافة الحبّ والإيثار وخدمة الأمة، فالشورى مثلا ليس الهدف منها النتائج المترتبة عنها وإنّما الغاية منها تعليم الأمة مبدأ الإخاء والتساوي والتشاركيّة والمساواة بين الناس، لذلك لم يحدّد القران منهجا سياسيا بعينه، فالإنسان لم يخلق عبثا، ولم يودع فيه الله عقلا لهوا، وإنّما ليكون خليفته في الأرض، فهو مطالب بتطبيق المنهج الإلهي بين الناس وتجسيمه بعقله وجوارحه ورؤاه وتصوراته بهدي من العقل والنقل، فاجتهادات أسلافنا وتراثهم محترم ولكن زماننا ليس زمانهم وأسئلتهم ليست أسئلتنا «المسالة تتعلّق إذن بإطلاق الطاقات، وتحريرها من الخمول والتردّد والتهيّب، دون وجل أو خوف حتى يتمكّن الإنسان من التعبير عن وجهة نظره الحقيقيّة ويتجاوز موقفه السلبيّ من العالم، يكون ذلك بقدر من فتح الذهن والقلب ومعانقة الحياة بروح متوثّبة لا تخجل من المحاولة، ولا تتوقّف عند العوائق والعثرات، ذلك هو التغيير النفسي المطلوب حتّى نغيّر الواقع الباهت الذي يحيط بنا» ويكون فكرنا الإسلاميّ عاكسا لمشاغل الراهن وأسئلته قاطعا مع ثقافة التمجيد والتجميد مدعّما لثقافة التفكير لا التكفير عارفا بثقافة الآخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.