تحوّلت السمنة في تونس إلى مشكل صحة عمومية نظرا إلى تفشيها خاصة في صفوف النساء والأطفال وتفشي الأمراض الناجمة عنها كالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين. ومن منطلق أنّ التغذية هي السبب الرئيسي للسمنة إذا ما كانت غير متوازنة وغيرمدروسة أعد المعهد الوطني للتغذية والتقنية الغذائية بتونس دليلا للتثقيف الصحي حول السمنة سيما وأنّ التغذية تتصدّر مجالات الإنفاق في تونس بتسجيل نسبة 34.8٪ سنة 2009 حسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء. ويهدف هذا الدليل إلى إرشاد الوسطاء والمتدخلين في المجال الصحي والمجال الاجتماعي والمربين حول ظاهرة السمنة وكيفية التعامل معها والوقاية منها عند الطفل والمراهق والكهل. حسب المنظمة العالمية للصحة يعتبر الفرد ذا وزن زائد إذا ما عادل مؤشر كتلة جسمه 25 كلغ/م2 فما فوق ويعتبر بدينا إذا ما عادل مؤشر كتلة جسمه 30 كلغ/م2 فما فوق. وتقاس السمنة بطرق مختلفة أهمها الوزن بالنسبة إلى الطول والسنّ عند الطفل دون السنتين حيث تتمّ مقارنة الوزن بالعمر والوزن والطول ويمكن قياسه أيضا حسب مؤشر كتلة الجسم بالنسبة إلى السنّ عند الطفل إذ يرتفع مؤشر كتلة الجسم في السنة الأولى من العمر وينخفض بعدها إلى حدود 6 سنوات ليرتفع من جديد وكلما ارتفع هذا المؤشر قبل 6 سنوات يكون الطفل مؤهلا للإصابة بالسمنة. ويعرف مؤشر كتلة الجسم عند الكهل بأنه الحاصل بين قسمة وزن الجسم (بالكيلغرام) على مربّع الطول بالمتر فإذا كان المؤشر أقل من 18.5 فإن الوزن ناقص وإن كان بين 18.5 و24.9 فالوزن عادي وأقل أو يساوي 25 فهو زائد وما بين 30 و39.9 تعتبر سمنة و40 فما فوق سمنة مفرطة أو مرضية. وتعتبر السمنة في مستوى البطن بغضّ النظر عن السمنة بشكل عام عامل خطر لبعض الأمراض كارتفاع ضغط الدم والسكري نوع2 وأمراض القلب والشرايين خاصة عند الرجال وعند النساء اللاتي تغيب عنهن الدورة الشهرية. وتعرف بارتفاع محيط الخصر إلى 88 صم فما فوق عند النساء و102 فما فوق عند الرجال حسب المنظمة العالمية للصحة. عوامل يعتبر الإسراف في تناول الأغذية ذات الكثافة الطاقية العالية السبب الرئيسي للإصابة بالسمنة في أغلب المجتمعات وفي مجتمعنا كذلك حيث تتحوّل كميات الأغذية التي تزيد على حاجة الإنسان إلى دهون يخزنها الجسم إضافة إلى ذلك غالبا ما يكون غذاء البدين كثيف الطاقة لذا ينصح بالحد من استهلاك الأغذية ذات الكثافة العالية من الطاقة. وتتنزّل قلّة الحركة في نفس أهمية الإسراف في الأكل إذ تعتبر قلّة الحركة أحد العوامل المرتبطة بزيادة الوزن وظهور السمنة عند الفرد الذي توفّرت لديه وسائل حديثة للتنقل والرفاه باستعمال مفرط للسيارة وكثرة الجلوس أمام التلفزة وجهاز الكمبيور وألعاب الفيديو. وأكدت الدراسات أن العوامل الوراثية لها دور هام في الإصابة بالسمنة خاصة عندما يكون الأبوان أو أحدهما بدينا. وتأتي العوامل النفسية في مرتبة لاحقة كتفضيل نوع معيّن من الطعام واختلال مواعيد الأكل وللعوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية أيضا دور هام إذ يعتبر الطعام أحد الأنشطة الاجتماعية الهامة لارتباطها بالمناسبات الاجتماعية والدينية ارتباطا وثيقا كالولائم والأعياد. والجدير بالملاحظة هو أن ظاهرة السمنة متفشية بين الأوساط المترفهة في البلدان النامية خلافا للبلدان الصناعية حيث نجدها أكثر انتشارا في الأوساط الفقيرة. علاج السمنة ينطبق المثل القائل «الوقاية خير من العلاج» تماما على السمنة حيث أن الوقاية منها أسهل بكثير من علاجها وعلاج السمنة يحتاج إلى رأي ومتابعة منتظمة من الطبيب المباشر والأخصائي في التغذية وقد يحتاج البدين إلى رعاية نفسية خاصة.