العلاج مكلف.. لكن الوقاية من المرض أفضل تونس الصباح: في لقاء مع الدكتورة سميرة عزابي الأستاذة الجامعية المتخصصة في الطب الباطني بقسم الطب الباطني "ب" بمستشفى شارل نيكول بتونس قالت لنا إن أمراض تصلب الشرايين التي كانت في ما مضى تصيب الشيوخ والكهول الذين تتجاوز أعمارهم الأربعين سنة أصبحت تصيب الشباب أيضا. وذكرت أن هذا الأمر مؤسف فعلا ويبعث على الانشغال ولاحظت أنه يجب أن يتم إيلاء عناية أكبر بمسألة الوقاية من مرض تصلب الشرايين وأمراض القلب عموما فهي أفضل من العلاج نظرا لأن هذا الأخير مكلف ومصاريفه طائلة بل مرهقة للمجموعة الوطنية نظرا لتسببه في كثرة الغيابات المهنية من ناحية وفي التقاعد المبكر نتيجة الإصابة بالجلطة.. ولاحظت أن الكثير من الأطباء والباحثين منهمكين حاليا في إجراء دراسات علمية لتبين الأسباب الفعلية لمرض تصلب الشرايين. وأضافت محدثتنا أن بعض الدراسات التي أجريت خلال السنوات الأخيرة ترجع سبب انتشار هذا المرض إلى عوامل وراثية في حين يقول البعض الآخر من الباحثين إنها ناجمة عن الالتهابات أو عن أمراض السكري والقلب لكن إلى حد الآن لم يعرف السبب الحقيقي لأمراض تصلب الشرايين.. وحدثتنا الدكتورة عزابي التي إلتقيناها أمس خلال الدورة التكوينية التي ينظمها المعهد الوطني للتغذية والتقنيات الغذائية لفائدة عدد من الإطارات الصحية عن أحد أمراض العصر الأكثر خطورة على الإطلاق لأنه يعد أولى أسباب الوفاة وخاصة الموت المبكر في العالم وفي تونس على حد سواء وهو مرض القلب وتصلب الشرايين. ولاحظت أن العوامل المسببة لتصلب الشرايين المتفق عليها إلى حد الآن هي السمنة في البطن والسمنة بصفة عامة وقالت إن هذه الظاهرة أصبحت ملفتة للانتباه في تونس ولم تعد تقتصر على كبار السن بل تنسحب على الأطفال أيضا كما نجد ضغط الدم والتدخين وقلة الحركة.. ودعت الدكتورة جميع الأطباء وخاصة المختصين في الطب الباطني والتغذية إلى الحد من هذه العوامل المسببة لتصلب الشرايين وذلك من خلال التشجيع على الأكلة المتوازنة الخالية من الشحوم مع المشي بين نصف ساعة و40 دقيقة يوميا على الأقل إضافة إلى التشجيع على الإقلاع عن التدخين وحث المواطنين على تفقد صحتهم باستمرار وقيس ضغط الدم ونسبة الكوليسترول في الدم من حين لآخر ومراجعة الطبيب عند التفطن إلى زيادة في الوزن وخاصة عند سمنة البطن إذ حينما يتجاوز محيط البطن 92 صم بالنسبة إلى المرأة و102 صم بالنسبة إلى الرجل فذلك مؤشر على الإصابة بمرض السمنة وتجاوز هذا الحد يعد خطرا على صاحبته أو صاحبه. التغذية السليمة بينت الدكتورة سميرة عزابي أن المختصين في التغذية مدعوون الآن وقبل أي وقت مضى إلى نشر سلوك غذائي سليم إذ يجب أن تكون التغذية متوازنة وخالية من السكريات المضرة والتركيز على الأغذية الغنية بالألياف وعلى تتناول الخضروات والسلطات.. ودعت جميع الأطباء إلى حث التونسيين على الإقلاع عن التدخين والتقليص من استهلاك الكحول الذي يعد أحد أهم الأسباب في الإصابة بالشحم في الدم. وذكرت أن أكثر الأمراض انتشارا هي الجلطة الدماغية التي يتسبب فيها خاصة ضغط الدم والجلطة القلبية التي يتسبب فيها السكري وتصلب الشرايين في الساقين وتمس الناس الذين يستهلكون التبغ والمصابين بالسكري. ولاحظت أنه بالنظر إلى أسباب الوفيات في تونس نجد في الصدارة أمراض القلب وتصلب الشرايين ثم يأتي مرض السرطان في المرتبة الثانية وحوادث المرور في المرتبة الثالثة. ولكن هناك اهتمام أكبر بحوادث المرور لدى وسائل الإعلام منه بأمراض القلب والشرايين رغم خطورته. وبينت أن العائلة التونسية فقدت الكثير من عاداتها الغذائية السليمة وقالت إنه عليها العودة إليها كما يتعين على الأمهات تعويد أبنائهن منذ الصغر على إتباع سلوك غذائي سليم والابتعاد خاصة عن الأكلات السريعة القائمة على المقليات التي يتناولونها في المحلات العمومية. ولا شك أن الدكتورة محقة في قولها فالأمراض المرتبطة بالتغذية أصبحت تبعث على الإنشغال.. وفي هذا الإطار يمكن أن نذكّر بنتائج البحث الميداني حول التحول الإيبديمولوجي وتأثيره على المنظومة الصحية الذي أجراه المعهد الوطني للصحة العمومية سنة 2005 2006 وشمل الأمراض والمشاكل الصحية المتعلقة بالتغذية كالسمنة وضغط الدم والسكري وخص هذا البحث جميع جهات البلاد وغطى 950 عائلة بكل جهة وتم استقصاء الأمراض المتعلقة بالتغذية عند 8000 كهل تتراوح أعمارهم ما بين 35 و70 سنة و2900 شاب تتراوح أعمارهم ما بين 15 و19 سنة. ومن بين أهم نتائج هذا البحث ارتفاع نسبة السمنة حيث نجد 44 بالمائة من النساء في الوسط الحضري و25 بالمائة من النساء في الوسط الريفي مصابات بالسمنة و18 بالمائة من الرجال في الوسط الحضري و10 بالمائة في الوسط الريفي مصابين بالسمنة. ولوحظ أن نسبة السمنة أكثر ارتفاعا في إقليمتونس وفي الوسط الشرقي وأقل ارتفاعا في ولايات الشمال الغربي. أما نسبة الارتفاع في الوزن لدى الشباب فهي تعادل 19 بالمائة مع تفاوت في الجهات (22 بالمائة في إقليمتونس والوسط الشرقي و11 بالمائة في الوسط الغربي). كما أظهرت الدراسة أن ثلث الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و70 سنة مصابون بارتفاع ضغط الدم وأن نسبة ضغط الدم أكثر ارتفاعا في إقليمتونس والوسط الشرقي والجنوب الشرقي وهي أكثر ارتفاعا عند النساء وفي الوسط الحضري في جميع جهات الجمهورية. وكشفت الدراسة أن 10 بالمائة من التونسيين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و70 سنة مصابون بمرض السكري وهي في حدود 13 بالمائة في إقليمتونس والوسط الشرقي وأقل ارتفاعا في الشمال الغربي والوسط الغربي وتمثل 5 بالمائة.