«بلادي عدتك عوادي الزمان ولا خانك الفوز يوم الرهان» ذلك ما آمن به المدافع الدولي السابق توفيق الهيشري (وفي الأصل الهريشي) وما جسده على أرض الواقع عندما تقمص زي المنتخب التونسي خلال 80 مقابلة دولية.. فلئن لعب القيصر الألماني فرانز بكانباور مع منتخب ألمانيا ويده مكسورة في كأس العالم 1970 أمام ايطاليا، فإن توفيق الهيشري فعل من أجل المنتخب التونسي ما لم يفعله أي لاعب دولي منذ أن وجد الجلد المدور عام 1863 فتوفيق الهيشري شارك مع المنتخب التونسي في اليوم نفسه الذي فارق فيه شقيقه منذر الحياة عام 1996، حيث تغلب الهيشري على «محنته» واستبسل في الذود على ألوان المنتخب الوطني في تلك المقابلة أمام السينغال ضمن تصفيات «كان» جنوب افريقيا 1996 آنذاك. تلك لمحة قصيرة عن المدافع المميز للترجي والمنتخب الوطني في زمن يشدنا إليه الحنين دون أن نشعر. «الشروق» التقت توفيق الهيشري ليلة مقابلة تونس والكامرون فكان الحوار التالي : في البداية بم يذكرك تاريخ 5 نوفمبر 1993؟ إنه تاريخ المقابلة التي فزنا خلالها أمام المنتخب الغابوني بأربعة أهداف دون مقابل وأذكر أن سراج الدين الشيحي سجل خلال تلك المقابلة هدفين. لكن منتخبنا اليوم، اكتفى بالتعادل أمام هذا المنافس في «كان» أنغولا فماذا تقول؟ لقد شاهدنا نسخة مطابقة للأصل من مقابلة تونس أمام زمبيا، حيث لم نشاهد سوى التقطع في اللعب فالمنتخب التونسي يفتقد الى طريقة لعب معينة وأعتقد أن اللاعبين لا يتحملون مسؤولية ما حدث بحكم التحضيرات المتواضعة التي سبقت «كان» أنغولا بالاضافة الى كونها كانت ارتجالية وغير مدروسة فأنا كنتب رافضا لهذه التحضيرات البدنية وإنما كان بالامكان الالتجاء الى ما يمكن أن نطلق عليه (Rappel) وأكبر دليل على كلامي تعدد الاصابات وتكررها نتيجة هذه التحضيرات البدنية الخاطئة... ومن الناحية الفنية غاب التنشيط الهجومي وخاصة في ظل «وأد» امكانات الذوادي في الجهة اليمنى بدل الجهة اليسرى المحبذة لدى اللاعب حيث تعود أن يتألق في صفوف فريقه اضافة الى أنه لم يتلق التعليمات الكافية ليدخل إلى وسط الميدان ليترك المجال أمام صعود سهيل بالراضية. هل نفهم من كلامك أن المدرب الوطني فوزي البنزرتي قام بعدة أخطاء؟ أخطأ على كل المستويات خاصة على مستوى التحضيرات والاعتماد على لاعبي ارتكاز اضافة الى «إقصاء» عدة لاعبين كان بامكاننا الاستفادة من خدماتهم ومخزونهم الكروي مثل مهدي النفطي وكريم النفطي وفهيد بن خلف الذي اعتبره شخصيا أفضل لاعب تونسي متواجد بالبطولات الأجنبية هذا بالاضافة الى علاء الدين يحيى وصيام بن يوسف الذي يتمتع بمواصفات بدنية محترمة وبقامة طويلة. بما أنك تحدثت عن محور الدفاع فإن زميلك السابق شكري الواعر قال إنه «لا مكان لكريم حقي في تشكيلة المنتخب الوطني» فما رأيك؟ أبدا، فكريم حقي كان أحد أبرز اللاعبين في تشكيلة المنتخب الوطني التي واجهت المنتخب الغابوني ثم إنه لا يمكن أن نطلب الكثير من اللاعب كريم حقي في ظل تواضع مردود وسط الميدان. هل تقصد بكلامك اللاعب حسين الراقد؟ حسين الراقد يبقى قيمة ثابتة ولا مجال للتشكيك في الامكانات التي يتمتع بها ولكن أعتقد أن أمرا ما حصل في التدريب أعتقد حدوث خلل ما في تدريبات منتخبنا الوطني. دائما في سياق حديثنا عن وسط ميدان المنتخب التونسي ما حكمك على مردود يوسف المساكني خاصة وأنه سبق لك اللعب بجانب والده منذر في صفوف المنتخب؟ هو الآخر زج به المدرب فوزي البنزرتي في مركز غير مركزه فهو يملك كل الخصال ليكون لاعبا ناجحا وناجعا في الرواق الأيسر أو أن يكون (Relieur) وبالاضافة الى يوسف ا لمساكني هنالك الدراجي الذي مر بجانب الحدث الافريقي منذ مقابلة غمبيا وأحبذ مشاهدة هذا اللاعب وراء المهاجمين لتوجيه اللعب. يوم 10 أكتوبر 1990 واجهت يول لوغوان عندما لعب منتخبنا الوطني أمام الفريق الفرنسي (الرديف) (FranceB) واليوم نجده مدربا للكامرون منافسنا اليوم، فماذا تمكن أن تنتظر من منتخبنا الوطني؟ بما أنك ذكرت يول لوغوان فلا بد من التأكيد على أمر مهم وهو ضرورة أن يكون المدرب الناجع لاعبا دوليا سابقا متشبعا بكرة القدم ولديه مخزون كروي مهم في مسيرته الكروية على غرار شحاتة ولوبلان وديشامب وبن يحيى وغوارديولا وغيرهم فأنا شخصيا لا أنتظر شيئا من مدرب لم يمارس كرة القدم وبالنسبة لمقابلة منتخبنا أمام الكامرون فلا بد من المجازفة خاصة إذا انتهى الشوط الأول على نتيجة التعادل السلبي وأتمنى أن يغير المدرب فوزي البنزرتي تمركز اللاعبين ولا يهم الطريقة التي سيعتمدها ولا بد من استعادة الذوادي لدوره على الجهة اليسرى على أن يشغل جمعة خطة مهاجم اضافي وخاصة ايجاد التوازن على الرواقين. لكن ماذا عن خط الدفاع؟ أظن أن هنالك طريقة أولى يمكن الالتجاء اليها وهي الاعتماد على ثلاثة مدافعين محوريين (حقي والسويسي والجمل) والاعتماد على الميكاري كجناح خاصة أنه يتقن هذا الدور بنجاح وهنالك طريقة أخرى يمكن الالتجاء اليها وهي اعتماد الثنائي حقي والجمل في المحور. البعض تحدث عن المردود الهزيل للدفاع الكامروني بقيادة صونغ فما رأيك؟ لا أوافق هذا الرأي وحتى وإن كان الدفاع الكامروني مهتزا فنحن لا نملك في الواقع المخالب الهجومية الحقيقية لمغالطته وهذا اشكال آخر. تتحدث عن المدافعين فهل من مقارنة بين المدافعين الحاليين والمدافعين السابقين للمنتخب الوطني؟ أبدا، إنه من الإجحاف مقارنة بن يحيى والمحجوبي والعقبي والطرابلسي بالمدافعين الحاليين فكلهم يملكون الموهبة والتكوين القاعدي وأظنهم خلقوا ليكونوا في خطة المدافع خاصة إذا أضفنا العامل البدني (1.85 م) فما فوق واتقان فنيات الافتكاك... وغيرها من الخصائص. وما حكمك على دفاع النادي الافريقي الذي يعتبر الأقوى حاليا في البطولة الوطنية؟ الافريقي يملك فريقا متكاملا وليس دفاعا قويا فحسب ولا ننسى الدور الكبير للاعب ألكسيس في وسط الميدان وأيضا وسام يحيى وشخصيا أعتبر السويسي وصيام بن يوسف من أحسن المدافعين في تونس وهما مرشحان بقوة لتمثيل محور الدفاع في المنتخب الوطني التونسي. لكن ماذا عن تراجع دفاع الترجي الرياضي التونسي خلال السنوات الأخيرة فأنتم مثلا تحصلتم على بطولة 97 98 ولم تتلق شباككم سوى 10 أهداف؟ كما سبق وقلت فإن تركيبة دفاع الترجي في الماضي كانت تضم وبكل تواضع محورا دفاعيا نموذجا إن لم نقل «عالميا». عشت «خيبة»30 مارس 1994 كلاعب و«نكسة» 14 نوفمبر كمشاهد فأيهما كانت أشد وقعا؟ طبعا خيبة 1994 كانت أشد وقعا على الاطلاق فنحن كنا البلد المنظم ل«الكان» والمسؤولية الكاملة يتحملها الاطار الفني للمنتخب الوطني أي يوسف الزواوي في بداية الأمر ثم فوزي البنزرتي أما الجامعة فلا ناقة لها ولا جمل فيما حدث عام 1994 . بما أننا تحدثنا عن التسعينات بما يذكرك تاريخ 1996؟ (يصمت قليلا) أذكر أن أخي منذر وافاه الأجل بينما كانت تنتظرنا مقابلة أمام السينغال الخاصة بتصفيات كأس افريقيا 1996 ومع ذلك فقد شاركت خلال تلك المقابلة وكان نداء الوطن أقوى... تدربت تحت اشراف عدة مدربين فمن كان أفضلهم؟ بكل تأكيد، إنه خالد بن يحيى الذي كان لاعبا مثاليا ومدربا عبقريا لأنه مارس كرة القدم وخبر كل الجزئيات المتعلقة بها. لماذا لم تنسج على منوال رفاقك السابقين في الترجي وتقتحم ميدان التدريب في صلب الفريق على غرار القابسي والراجحي ونويرة؟ بحوزتي الدرجة الأولى وأنا متابع لكل ما يحدث في دنيا كرة القدم سواء في تونس أو من خلال متابعتي المستمرة لمختلف البطولات الأجنبية ولكنني خيّرت الابتعاد وقد اخترت المجال التجاري. الحوار معك ممتع لكن لا بد من خاتمة فاخترها أنت؟ أتمنى التوفيق لمنتخبنا الوطني التونسي اليوم أمام الكامرون ونتمنى أن يحدث المنتخب مفاجأة ويترشح الى الدور الثاني وأعتقد أيضا أن المنتخب المصري بامكانه الذهاب بعيدا في هذه النهائيات في ظل الكرة العصرية التي يتبعها هذا المنتخب وهذا التنويع الخططي المميز من (352) الى (422) إنه فريق ممتاز.