أثبتت البحوث العلمية الحديثة ان استعمال المبيدات في المجال الفلاحي له انعكاسات خطيرة سواء على صحة الانسان او الحيوان او النباتات. وصار لزاما على الهياكل المعنية تكثيف الجهود وتوحيدها في اتجاه الحدّ من مخاطرها والبحث عن البدائل المناسبة. وكانت المبيدات وانعكاساتها السلبية العديدة موضوع ندوة نظمها الاتحاد المغاربي للفلاحين صباح أمس حول: «نظام مراقبة الصحة النباتية وتدبير مخاطر استعمال المبيدات بدول اتحاد المغرب العربي». أفاد السيد رئيس اللجنة الوطنية لنظافة المحيط وحماية البيئة مهدي مليكة رئيس جمعية الشبكة المتوسطية للتنمية المستديمة ان خطورة المواد الكيميائية على صحة الانسان والبيئة هي موضوع الساعة في العديد من مجالات التنمية المستديمة لاسيما منها الفلاحة والانتاج الزراعي بصفة عامة والماء والتربة وصحة الانسان والحيوان والتوازنات الايكولوجية والبيولوجية. وأضاف انه توجد الملايين من المواد الكيمياوية التي بقدر مالها من دور ايجابي في تقدّم التنمية والانسان فإن مخاطرها المتفاوتة لا تحصى ولا تعدّ. وأشار الى أن قائمة الملوّثات الكيمياوية ضمّت 12 مادة سامة في مرحلة أولى ثم اضيفت عليها 9 مواد أخرى بالاضافة الى المبيدات الثابتة التي تحتوي على المعادن الثقيلة مثل الزئبق والرصاص وغيرها وهي توجد في العديد من المعدات التي تستعمل في الفلاحة مثل الحاشدات والبطاريات التي تلقى في الحقول والطبيعة. وحذّر من استعمال الأواني التي تحتوي على المبيدات لتخزين «الكسكسي» او لجمع حليب البقرة. ومن جهته قال السيد عمر الشرميطي مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية: «الكل يتفق ان هناك تأثيرات سلبية للاستعمالات المكثفة للمواد الكيمياوية على الانسان والحيوان والبيئة بصفة عامة». وأضاف ان ذلك يتطلب من كل المتدخلين العمل على الحدّ من مخاطرها والتفكير في حلول جذرية سيما وأن استعمال نفس المبيدات خلق نوعا من التعوّد لدى الجراثيم والبكتيريا بما يستوجب البحث من جديد عن آليات أخرى للقضاء عليها. وقال: إن المعهد يعمل حاليا على ابتكار اصناف جديدة تقاوم الأمراض وقد تم ذلك خاصة في الحبوب والأشجار المثمرة والخضروات. وعرّج على ضرورة استعمال المبيدات البيولوجية المستخرجة من نباتات طبيعية عوضا عن المواد الكيمياوية وقد أوجد المعهد البعض منها. وأضاف ان نوعية الحراثة ايضا تمكّن من القضاء على بعض الحشرات المتواجدة وبالتالي استعمال اقل للمبيدات. وقال: «ان الفلاح تنقصه المعلومة التي تجعله يفرّق بين مبيد وآخر وتمكّنه من تحديد الكمية التي ينبغي استعمالها ولا التي يحددها التاجر». وبخصوص هذا الأمر أفاد ان المعهد أمضى اتفاقية مع اتحاد الفلاحين لتمكين البحث العلمي من التعامل مباشرة مع الفلاح. تحاليل أفاد السيد كمال خليفة مكلّف بالتحاليل المخبرية للمبيدات بالإدارة العامة لوزارة الفلاحة ان الوزارة ستنطلق بالتعاون مع عديد الوزارات الأخرى بداية من مارس القادم في جمع وإزالة النفايات والمعدات الفارغة بعد ان انطلقت في القيام بعمليات نموذجية بكل من سوسة والمنستير. وقال السيد صلاح الجلاصي مكلف بالرقابة الصحية النباتية عند نقاط العبور: «سنقوم سنويا بمعدل 8 آلاف عملية تحليل مخبرية ونقوم ب 100 عملية حجز تبعا لتشخيص مرض حجري او لعدم مطابقة المصادقة الصحية. وأضاف: نحتاج الى بعض التجهيزات بمخابرنا لمراقبة أفضل وهو ما سيؤمنه لنا برنامج نظام مراقبة الصحة النباتية وتدبير استعمال المبيدات الذي سوف يموّله البنك الاسلامي. وقال: «ان الندوة سوف تتعرّض الى الخطوط المرجعية لهذا البرنامج». وأضاف : كما سيتم التنسيق بين بلدان المغرب العربي من خلال تحيين الاتفاقية الخاصة بالحجر الزراعي من خلال تبادل المعلومات والعمل على شبكة معلومات وتوحيد قائمات آفات الحجر الزراعي وصياغة انموذج موحّد لشهادة الصحة النباتية. وأشار الى ان تونس بصدد ارساء نظام الجودة بهدف الحصول على الاعتمادية وذلك تفاديا لعدم الطعن في نتائج التحاليل من قبل الدول المصدّرة وخاصة الأوروبية منها. وبخصوص المخاطر الناجمة عن دخول امراض نباتية من البلدان المغاربية أفاد ان تونس تكثّف المراقبة لعدم دخول سوسة النخيل الحمراء وذبابة الخوخ من ليبيا ومرض البيّوض من الجزائر. ومن الاجراءات الجديدة ذكر: نعمل على تحيين النصوص القانونية وتحيين قائمة آفات الحجر الزراعي بالاعتماد على تحاليل مخاطر الآفات، وفقا للمتغيّرات العالمية. وقال السيد مبروك البحري رئيس الاتحاد المغاربي للفلاحين ورئيس اتحاد الفلاحين انه امام المخاطر الصحية التي تهدد الانتاج الزراعي ببلدان المغرب العربي فإنه من الضروري تركيز برامجنا التعاونية على إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المرتبطة بالأمراض النباتية واستعمال المبيدات وذلك في إطار خطة عمل واضحة واستراتيجية متكاملة تشارك فيها كافة الأطراف المعنية من منظمات ووزارات وبنوك وبحّاثين. وأضاف انه من الضروري كذلك توسيع التعاون وتدعيم الشراكة بين معاهد البحث العلمي الفلاحي ببلدان المغرب العربي للاستفادة من نتائج البحوث والدراسات المتعلقة بالاستعمال الرشيد للأدوية والمبيدات والتقنيات الحديثة للانتاج. وللإشارة حضر الجلسة الافتتاحية للندوة السيد عبد السلام منصور وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري والسيد الحبيب بن يحيى الأمين العام لاتحاد دول المغرب العربي والسيد عمر آيت عمر مزيان ممثل منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة بتونس.