مع انخفاض درجات الحرارة وبرودة الطقس، من الطبيعي أن تزيد حاجة جسم الإنسان إلى طاقة إضافية تساعده على تحمّل ومقاومة البرد الذي يجعلنا معرضين للإصابة بعديد الأمراض. وقد حفظ المخيال الشعبي في هذا المجال، الكثير من الحكايات حول منافع بعض أنواع المأكولات في مقاومة البرد، اختلفت من جهة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر لذلك أردنا معرفة وجهة النظر العلمية ورأيها في هذه المسألة. يشير التفسير العلمي في هذا الصدد إلى أن الإنسان يجب أن يساعد جسمه على الاستعداد لمقاومة البرد وما يسببه من معاناة وأمراض عديدة عن طريق تزويده بالقدر الكافي من الطاقة التي تساعده على تحمّل ومقاومة البرد وما ينجرّ عنه من أمراض. فمع اشتداد البرودة، يحتاج جسم الإنسان إلى تزويده ب«مواد خاصة» تحميه أولا من البرد وثانيا من الأمراض التي تتسبب فيها الفيروسات والبكتيريا التي تتكاثر بصفة كبيرة عند انخفاض درجات الحرارة. وهذا يعني أن من واجب كل واحد منا تقوية جسمه والمحافظة على سلامته وحيويته. ولأجل ذلك فإننا نحتاج إلى تناول عناصر غذائية تزودنا بالطاقة اللازمة... وذلك بالتغذية الجيدة والمتوازنة للجسم، وعلى رأي أخصائي في التغذية الذي أكد لنا أن الغذاء المتوازن والمحتوي على سعرات حرارية كافية هو طريقنا الأمثل والأسهل إلى ضمان صحة جيدة ومقاومة أيام البرد الشديدة المميزة لفصل الشتاء. توازن غذائي يقول الأخصائي حول دور أنواع معينة من المأكولات في مقاومة البرد أنه بصفة عامة لا نتحدث عن مأكولات خاصة بفصل معين ولكن نتحدث هنا عن توازن غذائي يكون مطلوبا على مستوى العناصر الغذائية المكونة لوجباتنا بشكل يومي وبهذه الطريقة فقط نستطيع مقاومة البرودة والأمراض في آن واحد والمحافظة على صحة جيدة. ويوضح الدكتور طاهر الغربي أن الغذاء المتوازن هو أساس صحة الجسم ومصدر المناعة الجيدة. ولمزيد توضيح هذا الرأي، يقول إن جسم الإنسان يحتاج إلى طاقة إضافية مع انخفاض درجات الحرارة يؤمنها بدون أدنى شك الغذاء الذي يجب أن يحتوي على سعرات حرارية كافية لجعله قادرا على تحمل البرودة ومقاومة الأمراض، وفي نفس السياق دائما يقول الأخصائي إن طعامنا يجب ألا يغيب عنه عنصر البروتينات الذي يعتبر ذو أهمية كبيرة. وتوجد البروتينات في كل أنواع اللحوم (حمراء وبيضاء وأسماك) وفي الحليب ومشتقاته وفي البقول الجافة وهي ذات قيمة غذائية عالية وهامة بحيث لا يمكن إهمالها ولا التغافل عنها فهي تقوم بوظيفة نمو وترميم خلايا الجسم. ويشير الأخصائي أنه بإمكاننا أن نتناول أكثر من 15٪ من هذا العنصر الغذائي في الوجبة الواحدة. وفي مرحلة ثانية ننتقل إلى الحديث عن أهمية عنصر الدهنيات أيضا باعتبارها تمثل مصدر طاقة هامة للجسم إذا ما علمنا أن 1غ من الدهنيات يعطينا 9 حريرات من الطاقة لكن مصدرنا ينبه إلى ضرورة ألا تتعدى نسبة الدهنيات الحيوانية التي نتناولها في الوجبة الواحدة ال30٪ من مجموع السعرات الحرارية مع إعطاء أفضلية للدهون النباتية. وينصح أيضا بالابتعاد قدر الإمكان عن الدهون المهدرجة (الاصطناعية) التي تمثل مصدر خطر حقيقي على الصحة. هذا من دون أن ننسى ذكر عنصر النشويات المتوفرة في السكريات التي تنقسم إلى أنواع تمثل السكريات بطيئة الامتصاص (الموجودة في أنواع العجين مثل المقرونة والنشا «amidon» والأرز..) أفضلها. وينصح أخصائي التغذية في هذا الصدد بتقليص نسبة استهلاكنا للسكر الأبيض لأن الإكثار منه يضر بالصحة. وتتمثل القاعدة المعمول بها بالنسبة للسكريات في أن نسبتها يجب ألا تتجاوز 55٪ من السعرات الحرارية، في الوجبة الغذائية الواحدة ويحبذ الاكتفاء بنسبة 50٪. أفضلية الساخن والخضروات يقول أخصائي التغذية أننا يجب أن نهتم كثيرا لما نأكل ونركز اهتمامنا خاصة على تحقيق التوازن الغذائي حتي نتمكن من تحقيق التوازن العام للجسم ليس في فصل الشتاء فقط وإنما في كل الفصول دون استثناء ولا يتحقق هذا الهدف إلا عن طريق تزويد الجسم بالعناصر الغذائية الضرورية بطريقة صحيحة وبمقدار كاف. ويضيف الدكتور الطاهر الغربي أننا لا يمكن أن ننسى الحديث عن دور المأكولات الساخنة التي لا بد أن تسجل حضورها على موائدنا في فصل الشتاء إضافة إلى طبق السلطة التي يجب المحافظة عليها في كل الفصول فهي بمكوناتها من الخضروات تمثل مصدر وقاية وحماية للجسم ونحن مطالبين بعدم إهمالها في كل الفصول، وفي كل الأعمار نظرا لقيمتها الغذائية الكبيرة هذا دون أن ننسى أهمية النشاط البدني في تحقيق توازن الجسم وسلامته، وانطلاقا مما سبق نشير في ملخص حديثنا إلى أننا إذا حافظنا على جملة هذه العناصر مجتمعة وواظبنا على التقيّد بها وجعلنا منها أسلوبا وسلوكا يوميا في حياتنا، نكون قد ضمنا الصحة والسلامة من دون أدنى شك وهذا لن يتحقق بطبيعة الحال إلا إذا أقصينا من نمط عيشنا السلوكيات الغذائية غير السليمة التي تضر بالصحة وتجعلنا عرضة لعديد المخاطر.