* المربي المتقاعد: عثمان الهيشري زاوية الجديدي لقد كان في الحسبان ان أدخل في اجازة مع المربين والتلاميذ طوال هذه العطلة الصيفية ولو أن الحديث عن الاجازة بالنسبة لمتقاعد مثلي لا معنى له ويعد من الامور المضحكة. ولكن سامح الله برنامج اخر قرار الذي استضاف يوم الاحد 11 جويلية ستة من انجب النجباء في الباكالوريا دورة جوان 2004 والذي دفعني الى هذه الكتابة الاستثنائية اثر خيبة الأمل النسبية التي منيت بها بعد متابعتي لكامل مراحل الحصة وبعد ان طمأنت النفس بالاستعداد لمعايشة اجواء رائعة و(مفلفلة) تتقد حيوية ونشاطا كلها تشويق وذات منافسة شديدة ونزيهة ومحطة للارقام القياسية السابقة. ولم اشك لحظة في ما كنت انتظر بروزه من جهابذة العلم في العلوم والتكنولوجيا والتصرف والادب والرياضة. وحرصت كل الحرص على ان يؤخر افراد العائلة ولو لساعة تلبية دعوات الحضور الى الافراح حتى يتمتعوا معي بما سيفرزه هؤلاء النوابغ من عجائب ستظل خالدة. ولكن مع الاسف فقد كانت الحصة باهتة ومملة بالرغم من اجتهاد المنشط في غدغة المتبارين الذين طغى عليهم الخجل وفي سعيه الى تحريك السواكن واستفزازهم وخلق جو من المرح والفذلكة، لكنه اصطدم على ما يبدو بجدار الجد والجدية وبجماعة من الشبان والشابات لتشويش اذهانهم بما يسمى الثقافة العامة. واكبر دليل على ذلك عجزهم عن الاجابة الصحيحة عن كثير من الاسئلة المتنوعة وحتى العشرة الاف دينار طارت اثر محاولة فاشلة. وكان من المستحسن انهاء الحصة في ربع ساعة وكفى المؤمنين شر القتال كما يقال. ولقد تأكد ان الملايين التي فاز بها المتبارون سابقا في هذه النوعية من البرامج لا يعود بالدرجة الاولى الى المستوى التعليمي المرموق بقدر ما يعتمد على الثقافة العامة المتينة في مختلف المجالات والميادين وكذلك على الذكاء والخبث والحظ وهي العوامل التي لم تتوفر بالقدر الكافي حتى لا اقول الادنى في ادمغة هذه الحصة والذين اشعرونا بأن اختصاصهم في شعبهم الدراسية كان شغلهم الشاغل لتحقيق التميز والامتياز وهو ما كان لهم فشرفوا وطنهم ومدينتهم وقراهم وآباءهم ومربيهم وزملاءهم. ولكن هل يجب ان تكون حياة الانسان على هذا النمط؟ أما اجمل ما سيحسب للمشرفين على هذا البرنامج الذي شد انتباه جمهور غفير فهي المفاجأة التي اتحفنا بها «سي» سامي الفهري المنشط الوسيم والقدير وصاحب الروح الخفيفة والمتمثلة في مكافأة كل تلميذ بما قيمته ثلاثة الاف من الدنانير. وكم كنت اتمنى لو شملت هذه اللفتة الكريمة اكبر عدد ممكن من انجب النجباء، ولكن بارك الله فيمن فكّر في هذا الموقف السامي والنبيل تجاه العلم والمعرفة، وبما أني من اصحاب التوثيق فإني قمت بتسجيل صوتي لهؤلاء المجتهدين وما قدموه من تصريحات وانطباعات مع عائلاتهم ومربيهم لاذاعة الشباب يوم الاعلان عن نتائج الباكالوريا وسيحفظ هذا الاثر ضمن ارشيفي الذي له من العمر عقود. ومرة أخرى أجدد تهاني الحارة لكافة الناجحين وشكري وتقديري للساهرين على برنامج آخر قرار ولكل من كان له من المتتبعين الشغوفين.