استعاد فريق «بوقرنين» عافيته وعانق الانتصارات خلال جولتين متتاليتين فأسعد الانصار وقهر اليأس وقرع الاجراس ليقول: «أنا هنا من جديد». ذلك ما طالبت به جماهير الاخضر والابيض وذلك ما أدركته الهيئة المديرة التي أحكمتها تجارب السنوات الطويلة في ميدان التسيير فأقدمت على خطوة حاسمة منذ نهاية الجولة التاسعة ذهابا عندما تعاقدت مع المدرب الفرنسي جيرار بوشي وقد ارتكزت في ذلك على جملة من المعطيات الموضوعية أهمها اطلاع الرجل على خفايا الكرة التونسية كما أنه يحمل في ثنايا مسيرته التدريبية تجربة مشابهة عندما أنقذ فريق نيس الفرنسي من شبح النزول الىالدرجة الثانية في الدوري الفرنسي الممتاز وهو ما جسّمه جيرار مع «الهمهاما» خلال الجولات الست الماضية. «الشروق» بحثت في الاسباب الكامنة وراء هذا النجاح الذي حققه فريق بوڤرنين في رحلة الانقاذ فكان التحقيق التالي: الواقعية وفرض الانضباط «الواقعية» كانت أول كلمة ينطق بها الفرنسي جيرار عند تولّيه مهمة تدريب نادي حمام الانف وذلك بدل مصطلح «الأداء» التي كان يرددها المدرب السابق فتحي العبيدي طيلة الجولات التسع الاولى والتي لم يجن خلالها الفريق سوى أربع نقاط (من انتصار على القوافل وتعادل في الديار أمام الاتحاد) أما واقعية جيرار فقد حصد منها الفريق عشر نقاط خلال ست مقابلات فحسب!! (ثلاثة انتصارات أمام النادي البنزرتي وأمل حمام سوسة ومستقبل الڤصرين وتعادلا أمام النادي الصفاقسي) ولم ينحن الفريق إلا عندما واجه الافريقي والملعب التونسي. فرض المدرب جيرار بوشي الانضباط التام في صلب المجموعة فلا مجال للنجومية الكاذبة وإن أكبر دليل على ذلك استبدال صانع الالعاب أنيس بن شويخة خلال مقابلة الملعب التونسي وهو ما لم يحدث أبدا في عهد المدرب فتحي العبيدي!!! والامر نفسه طبقه المدرب مؤخرا على اللاعب أمين اللطيفي. صلابة دفاعية... على عكس الجولات التسع الاولى والتي تلقت خلالها شباك الفريق سبعة عشر هدفا فإن دفاع «الهمهاما» استعاد عافيته وتوازنه ولم يتلق سوى ثلاثة أهداف منذ قدوم الفرنسي جيرار الى الضاحية الجنوبية ونقطة أخرى تحسب للرجل وهي إقدامه على إيجاد الانسجام التام بين الشعباني وسيسي في محور الدفاع وألحق المدافع محمد الخذاري بالخانة اليمنى مما عزز الصلابة الدفاعية للفريق. انتدابات موجهة وناجعة تمكن الفريق من الظفر بخدمات مهاجمين قدّما الاضافة الفورية للفريق فمايكل بوشي الذي يشغل خطة الجناح الايسر ساهم في الانتصارين الاخيرين للفريق في ملعبي بوعلي لحوار وحمام الانف أما المغربي محمد البرجي فشارك خلال المقابلة الاخيرة أمام مستقبل الڤصرين وكان وراء عملية ضربة الجزاء التي تحصل عليها الفريق وسجل منها الشعباني الهدف الاول. استغلال الكرات الثابتة يوجه الفرنسي جيرار بوشي تركيزا خاصا بالعمل الخاص بالكرات الثابتة أثناء التمارين وهو ما انعكس إيجابا على النجاعة الهجومية للفريق ويكفي في هذا الصدد الاشارة أن الفريق تحصل خلال مقابلته أمام الملعب التونسي على أكثر من 30 كرة ثابتة!! وسجل الفريق للنادي البنزرتي بواسطة مخالفة غير مباشرة نفذها بن شويخة وسجل منها سيسي هدف الفوز، وسجل الشعباني هدفين من علامة الجزاء وسجل كذلك صابر خليفة هدفا أمام النادي الصفاقسي من ضربة جزاء. تغييرات في العمل البدني لا أحد ينكر التغييرات التي شهدها الفريق على المستوى البدني منذ قدوم المعد البدني الالماني توماس مور الذي يحمل تجربة ثرية في هذا الميدان وسبق له العمل في عدة دول في الخليج العربي على غرار قطر والامارات وقد ارتكز توماس في عمله على أدوات وكرات من الحجم الثقيل وبطريقة مختلفة تماما عما هو موجود في بقية الفرق الاخرى. الرزنامة والتقاليد في صالح «الهمهاما» سبق وأن أشرنا الى أن نادي حمام الانف لم ينحن سوى خمس مرات غادر خلالها الرابطة المحترفة الاولى منذ انطلاقتها الفعلية موسم 1955 1956 وهو مؤشر آخر يخدم الفريق خاصة من الناحية المعنوية، هذا بالاضافة الى الرزنامة التي سيعمد الفريق على استغلالها في رحلة الانقاذ: فالفريق تنتظره أربعة تنقلات فحسب خارج العاصمة ستقوده الى المنستيروسوسة وباجة وبنزرت، وسيخوض بقية المقابلات داخل ملاعب العاصمة وعددها سبع مباريات علما وان نادي حمام الانف جمع سبع نقاط خارج ميدانه (نسبة 50٪ من النقاط التي بحوزته) وهذا مؤشر آخر على أنه فريق يجيد التنقل خارج الديار. محمود الفيتوري (لاعب سابق): تغييرات فنية وبدنية كبيرة «شهد الفريق تغييرات جذرية منذ قدوم المدرب الفرنسي جيرار بوشي وخاصة على مستوى الخط الدفاعي بعد التحاق الشعباني بالتشكيلة الأساسية للفريق واستفاد كثيرا من فترة الراحة المطوّلة ولاحظت شخصيا تحسنا واضحا على مستوى الجاهزية البدنية للفريق ونجح الفريق في التعاقد مع لاعبين قدّما الاضافة المطلوبة في الخط الامامي ويتمتع هجوم الفريق بسرعة فائقة يستغلها خاصة خلال الهجومات المعاكسة وأظن أنه لا خوف على الفريق حتى وإن تعلق الامر بالتنقلات خارج العاصمة بل إن المقابلة القادمة في ملعب مصطفى بن جنات ستكون نسبة الفوز بها حوالي 80٪ لأن نادي حمام الانف شهد تغييرات فنية وبدنية كبيرة جدا». محمد الخذّاري (مدافع): لن نخشى أي فريق حتى الترجي والافريقي «لو تحدثنا عن الخط الدفاعي فمؤكد ان فريقنا شهد استقرارا واضحا بعد ان شغل الشعباني وسيسي محور الدفاع وتحولت أنا الى ظهير أيمن وقمنا بعمل كبير أثناء التمارين ولكن لا ننسى المساندة الكبيرة التي يتمتع بها دفاعنا من لاعبي الارتكاز الذين يمثلون الستار الثاني في دفاع «الهمهاما» كما تخلص الفريق من فكرة التخلص من الكرة وتشتيتها بطرق عشوائية بل أصبح الدفاع يساهم في بناء العمليات الهجومية بطريقة منظمة وأقولها صراحة لن نخشى اي فريق بعد اليوم حتى وإن تعلق الامر بالترجي والافريقي». طلال بن مصطفى (رئيس فرع كرة القدم): عمل الهيئة وراء نجاح الفريق «أظن أن فريقنا قام بانتدابات قيّمة وموجّهة تمثلت بالخصوص في الثنائي مايكل بوشي والمغربي محمد البرجي فأصبحت الحلول الهجومية وافرة لدى المدرب جيرار كما استغل فريقنا فترة الراحة المطوّلة وقمنا بتربص مفتوح تخللته جملة من المقابلات ووفرت الهيئة المديرة جميع سبل النجاح فحصد الفريق ثمار تلك المجهودات واستعاد بريقه المعهود». المدرب جيرار بوشي: رسّخنا العقلية الاحترافية ولكن حذار من التراخي «أظن أن عنايتنا توجهت نحو تحسين المنظومة الدفاعية بأكملها وألحقنا محمد الخذاري بالجهة اليمنى مما أعطى استقرارا واضحا في الخط الورائي وذلك لا ينقص شيئا من العمل الذي يبذله الظهير الأيمن محمد الجلاصي. أما على مستوى الهجوم فقد قمنا بانتدابات موجهة وأوجدنا تنافسا حقيقيا بين كل المهاجمين: الجبالي ومعتوق ومايكل واللطيفي وصابر خليفة... وأصبح لدينا عدة حلول على مستوى وسط الميدان على غرار اللاعب مهدي سعادة وأيضا اللاعب أنيس بن شويخة بعد ان استعاد جاهزيته وقمنا بتوجيه عناية خاصة بالحالة البدنية للمجموعة فأنا أعمل مع أشخاص محترفين سواء تعلق الامر بالمعد البدني توماس مور او ايضا المدرب المساعد حسين بن سدرين... لكن حذار من الوقوع في الاستسهال او التراخي ففريقنا انتصر في مقابلتين ومازال المشوار طويلا». السيد منجي بحر (رئيس الفريق): سنلعب من أجل مرتبة مشرفة.. «أظن أن الأجواء داخل الفريق كانت ممتازة منذ بداية الموسم وأقدمنا على إجراء جملة من الانتدابات الموجهة والتي من شأنها أن تقدّم الاضافة الفورية للفريق ولا أنكر أننا قمنا بتفادي بعض الأخطاء الماضية على مستوى الانتدابات وفرضنا الانضباط التام داخل المجموعة ونجح المدرب الفرنسي جيرار بوشي في ايجاد النجاعة الهجومية وذلك بالتوازي مع ضمان الاستقرار في خط الدفاع الذي استعاد توازنه وسوف يحاول فريقنا استغلال عاملي الارض والجمهور خلال المقابلات القادمة وأظن ان فريقنا سيلعب من أجل مرتبة مشرّفة». معز بوصيدة (محبّ): جيرار حقق النجاعة القصوى «أعتقد أن فريقنا في فترة المدرب فتحي العبيدي أوجد طريقة لعب فرجوية رائعة لكن هذه الطريقة لم تكن مرفوقة بالنتائج أما مع المدرب الجديد فقد أوجد الفريق نجاعته القصوى وتميّز بواقعية كبيرة في التعامل مع المباريات ولا ننسى في هذا الصدد الدور المهم الذي يقوم المدرب المساعد حسين بن سدرين وقدّم اللاعب معين الشعباني مردودا غزيرا في خط الدفاع وأتمنى شخصيا ان يتم تشريك بعض اللاعبين الشبان خاصة مهدي سعادة وماهر الحدّاد ونتمنى ان يستعيد القيدوم بن شويخة جاهزيته أما مايكل بوشي فقد أثبت علو كعبه شأنه في ذلك شأن المغربي محمد البرجي ونقطة تحسب للمدرب الفرنسي وهي الانضباط الذي فرضه داخل الفريق».