صباح يوم جديد... وموعد جديد لاحتفال آخر مدرج ضمن قائمة مناسبات التونسي. في هذا الصباح ستزيّن «صحفة العصيدة» على اختلاف ألوانها موائد العائلات. الأبيض منها سيكون اليوم حكرا على موائد من احتفظوا بعادة طهي «العصيدة العربي» كما تطلق عليها التسمية... وهم قلّة. أما الأسود المزركش... خليط مادة الزقوقو... فسيكون اللون الاكثر انتشارا في مختلف المناطق التونسية، رغم حداثة ظهوره على الموائد. يقول تجّار الزڤوڤو إن تجارة هذه المادة مربحة مؤكدين أنّها خاصية تجارية تونسية. ومثلهم تقول مصادر من وزارة التجارة إن «تجارة الزڤوڤو واستهلاكه خاصية تونسية»... قالتونسيون هم المجتمع الوحيد في العالم الذي يستهلك هذه المادة. رغم ارتفاع الاسعار تراوحت أسعار «الزڤوڤو» الى غاية أمس الخميس ما بين 9 و10 دنانير... بعد أن كانت في حدود 15 دينارا. وتفسّر وزارة التجارة هذا الانخفاض بالاقبال المنقوص... وتقول بعض مصادرها ان المستهلك نجح في الخروج من فخّ الاقبال المكثّف الذي يسهم بشكل مباشر في ارتفاع الأسعار. كما تقول مصادرنا إن أسعار المكسرات التي يتم استخدامها لتزيين «عصيدة الزڤوڤو» شهدت ارتفاعا في الأسعار مقارنة بالعام الماضي... بلغ دينارين بالنسبة للبوفريوة و10 دنانير بالنسبة للبندق الصيني. ارتفاع لم يثن الكثيرين على الاقبال على اقتناء المكسرات. عبد الستار، أحد هؤلاء، موظف باحدى الشركات الخاصة منذ حوالي 10 سنوات خطا بحذائه المتآكل وبملامح متعبة نحو طاولة الاستخلاص بإحدى الفضاءات التجارية الكبرى يدفع ثمن حلوى ومكسرات اقتناها للتوّ لتزيين «عصيدة الزڤوڤو». قال دون أن يحوّل نظره عن يد القابضة وهي تضع بطاقته البنكية في آلة الاستخلاص «اللازم لازم» مضيفا «خصصت 20 دينارا لاقتناء مستلزمات التزيين لكن غلاء سعر المكسرات رفّع من هذه الميزانية... فضاعفها تقريبا». مناسبات «بطنية» بدوره يخصص حسين، عامل باحدى المخابز، ميزانية تتراوح ما بين 20 و30 دينارا سنويا لاقتناء مستلزمات عصيدة الزڤوڤو... معترفا أنه يفعل ذلك رغما عنه ارضاء لرغبة صغاره وللمظهر الاجتماعي في هذه المناسبة. ويعترف عبد الجليل، سائق وصاحب دخل شهري لا يتجاوز 400 دينار، أن «كواليس الاحتفالات تغيّرت وتطوّرت فأصبحت المصاريف الاضافية أمرا واقعا». ومثله تقول السيدة مفيدة، ربّة بيت، إن «عصيدة الزڤوڤو» أصبحت طبق المولد النبوي في مختلف مناطق البلاد وتلك مسألة تقليد وليس عادة. كما تقول المتحدثة إن تضخيم وتهويل كواليس الاحتفالات أيا كانت المناسبة ينعكس سلبا على القدرات المادية والصحية للتونسي... فماديا يلجأ البعض الى التداين وربّما الاقتراض البنكي لاقتناء مستلزمات استهلاكية للاحتفالات يسهل الاستغناء عنها وصحيّا تخلّف بعض الأطباق أضرارا تهدّد صحّة الأفراد. من جهتها قالت ليلى احدى موظفات القطاع الخاص إن تخمة وتهويل الاحتفالات مردّه عناد يتقاسمه الافراد تحوّل الى سلوك جماعي وتصف المتحدثة التونسي بأنه يبالغ في الاحتفال بعاداته وعادات غيره... إلا أن المشهد الاحتفالي الجديد حوّل كل المناسبات الى «بطنيّة». أسماء سحبون مختص في علم الاجتماع: المبالغة في الاحتفالات مرض اجتماعي تونس الشروق قال مختص في علم الاجتماع ل «الشروق» ان التونسي «تباع موش بداع» كما جاء في المثل الشعبي القديم مشيرا الى أن التونسي أصبح يتبع نوعا من التهويل والتضخيم في الاحتفال بمناسباته... كما أنه أصبح يتبنى مناسبات غيره فيبدع في الاحتفال بها ويبالغ في ذلك. كما قال الباحث إن تبني هذه المناسبات قد يكون بحثا عن احتفالات جديدة لأن التونسي احتفالي بطبعه وذكر ل «الشروق» أن المبالغة في الاحتفال بسبب المظاهر يعد نوعا من المرض الاجتماعي الذي يتطلب ربما بحثا اجتماعيا من المجال.