تعتبر مكاتب العلاقة مع المواطن مرآة عاكسة للادارة تعمل على مساعدة المواطنين على تجاوز الصعوبات التي تعترضهم في تعاملهم مع مختلف المصالح الادارية والآن وبعد مرور سنوات طويلة على اعتماد هذه التجربة أي منذ سنة 1993 كيف يقيّم التونسي خدمات مكاتب العلاقة مع المواطن؟ هل نجحت هذه التجربة في توجيههم وارشادهم؟ وما هي حدودها ونقائصها؟ التونسيون يختلفون في تقييمهم لخدمات مكاتب العلاقة مع المواطن بين شاكر مبارك لهذه التجربة وآخر ساخط منتقد لها. السيد محمد دم مثلا يرى فيها تجربة ناجحة ساعدت المواطن على الارشاد والتوجيه وربح الوقت في ايجاد الحلول الملائمة للمشاكل الادارية التي قد تعترضه ويضيف «تكمن الاستفادة في مستوى استكشاف التعقيدات في الاجراءات الادارية من خلال تحليل معمّق لعرائض المواطنين واقتراح الاصلاحات الكفيلة بمعالجتها». ويساند السيد فيصل السعيدي هذا الرأي مؤكدا: «لقد نجحت في السهر على ضمان حقوق المواطن بتمكينه من المعلومة الواضحة والدقيقة واختصار المسافة وعدم اضاعة كثير من الوقت في حل المشاكل مع سائر الهياكل الادارية وقطعت نوعا ما مع ما يُعرف ب «الروتين الاداري». لكن لئن أظهر البعض الرضا عن خدمات مكاتب العلاقة مع المواطن فإن البعض الاخر يجد فيها بعض السلبيات والنقائص. عتاب ونقد يكشف السيد نجيب ونيش أن أكثر ما يخشاه ولا يحبذه أن تتحول وتحيد مكاتب العلاقة مع المواطن عن أهدافها السامية التي من أجلها بُعثت وتكون مجرد «ديكور» ولا تستطيع تقديم معلومة تشفي غليل المواطن وتساعده على تجاوز مختلف الصعوبات. ولا يختلف رأي السيد أنيس سلطان عمّا ذهب إليه السيد نجيب فهو يقول: «تفتقر هذه المكاتب الى مزيد تفعيل مهامها ودورها حتى تكون اكثر جدوى ومصداقية بالتنسيق مع مختلف مصالح الوزارة وضرورة تفادي التعامل النمطي مع المشاكل». أما السيد هشام حيدري فإن لومه ينصبّ في عدم قدرة العاملين في مثل هذه المكاتب على التوضيح والتبسيط في تقديم المعلومة ويتابع: «يبدو أنهم يحملون هموم البيت ومشاكل الحياة الى مكاتبهم فتجدهم يعملون تحت الضغوط و«الستراس» مما قد يعيقهم على تقديم المعلومة وتوجيه المواطن وإرشاده في خصوص الاجراءات والمسالك الإدارية المعمول بها في إسداء مختلف الخدمات». ولكن ما هي ردّة فعل مكاتب العلاقة مع المواطن إزاء هذه الانتقادات؟ المواطن بدوره متهم! يؤكد بعض العاملين في مكاتب العلاقة مع المواطن على أنهم يعملون على استغلال كل الآليات المتوفّرة ووسائل الاتصال الحديثة لتقريب الخدمات وتقديم المعلومة بكل وضوح وشفافية. لكن بعض المواطنين للأسف منهم من يعتقد أن المكتب عبارة عن مصباح علاء الدين يوفّر له حلولا سحرية. ولكن هذه المكاتب تعمل على مساعدة المواطنين وعلى إحكام التنسيق والتعاون بين مختلف المصالح المركزية والجهوية في إطار لامركزية الخدمات الموجهة للمواطن قصد التميّز بالحرفية والتنظيم في معالجة كل وضعية على حده والابتعاد عن المعالجة النمطية. وقد تم في جويلية 1993 إحداث مكاتب العلاقات مع المواطن بجميع الوزارات والولايات وهي تركيبة إدارية ترجع بالنظر مباشرة الى الوزير على المستوى المركزي والوالي على المستوى الجهوي (الأمر عدد 1549 المؤرخ في 26 جويلية 1993). وتتولى المكاتب قبول المواطنين وتشكياتهم وعرائضهم ودراستها مع المصالح المعنية قصد إيجاد الحلول المناسبة لها، وارشاد المواطنين وتساهم في برنامج الاصلاح الإداري من خلال تحليل معمّق لعرائض المواطنين. كما تم إحداث المكتب المركزي للعلاقات مع المواطن بالوزارة الأولى يتولى فضلا عن المهام الموكولة لمكاتب العلاقات مع المواطن متابعة أنشطة مكاتب العلاقات مع المواطن بالوزارات والولايات وتنظيم دورات تكوينية وملتقيات إعلامية لفائدة رؤساء المكاتب وأعوانها.