ساهمت نخبة من الاعلاميين والأساتذة الجامعيين في تشخيص واقع الصحافة المكتوبة في تونس واستشراف آفاقها المستقبلية، وذلك خلال اليوم الدراسي الذي نظمته أول أمس بأحد نزل العاصمة الشركة الجديدة للطباعة والصحافة والنشر(لابراس والصحافة) حول موضوع «التحديات المستقبلية للصحافة المكتوبة». الحصص الأربع لليوم الدراسي تميزت بتنوع المداخلات وثراء النقاش، وقد استأثرت اشكالية تطور التكنولوجيات وما أنتجته من وسائط جديدة لنشر الخبر والتفاعل معه بالحيز الأكبر من اهتمام الحاضرين الذين توزعت آراؤهم بين النظر الى الاعلام الالكتروني كخطر داهم أو كشريك وعنصر للإثراء والتكامل. اقتراحات واستشراف اليوم الدراسي افتتحه السيد أسامة الرمضاني وزير الاتصال حيث أكد على أهمية البعد الاستشرافي عند تناول موضوع الصحافة المكتوبة وبعد أن أبرز ملامح تطور المشهد الصحفي المكتوب في بلادنا، عدد التحديات التي تواجه هذا القطاع على غرار ارتفاع تكاليف الطباعة والنشر والتوزيع، وهاجس امكانية تراجع مداخيل الاشهار في ظل المنافسة مع وسائل الاعلام الأخرى، اضافة الى انحسار عدد القراء وبروز سلوكيات جديدة خاصة لدى الشبان على غرار الميل الى الانترنات وتفضيل الصورة على النص المكتوب والاهتمام بالمسائل العملية أكثر من المضامين الايديولوجية والقضايا النظرية دون أن ننسى الميل الى الصيغ التفاعلية. واعتبر الوزير أن تلك التحديات لن تجعل الصحافة المكتوبة مرشحة للانقراض، لكن مواجهة التحديات يتطلب تطويرا ذاتيا من طرف أهل المهنة أنفسهم، وتأهيل القطاع تأهيلا شاملا للاستجابة لتطلعات القراء، اضافة الى النظر الى التكنولوجيات الحديثة كأداة تفتح امامنا أبوابا وأفاقا جديدة داعيا الى البحث عن صيغ تفاعل وربما اندماج بين الصحافة المكتوبة والوسائط الحديثة ولم يستبعد السيد أسامة الرمضاني أن يكون مستقبل الصحافة المكتوبة في الصحافة المتخصصة أو في الصحافة الجهوية والمحلية. تأهيل شامل جل المداخلات التي قدمها رجال اعلام واساتذة جامعيون تراوحت مضامينها بين التشخيص والاستشراف، ولم ينف عدد من المحاضرين خشيتهم من انحسار الصحافة المكتوبة قياسا بما يعيشه هذا القطاع في الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا حيث ارتفع عدد الصحف التي غدت عاجزة عن الصدور كما تزايدت ظاهرة تسريح العاملين في القطاع. لكن في المقابل برزت مقاربة ثانية تعتبر أن التحديات التي تواجهها الصحافة المكتوبة ستساهم في تطوير القطاع عبر تأهيله وجعله مستجيبا لتطلعات الأجيال الجديدة والتحدي الأكبر ملقى الآن على عاتق المهنيين المطالبين بتطوير المهارات واحترام أخلاقيات المهنة والتعبير عن مشاغل الناس وتطلعاتهم والتأقلم مع المستجدات الاجتماعية والتكنولوجية. وفي هذا الاطار رأى عدد من المحاضرين أن الحل الأساسي يكمن في الشراكة مع المؤسسات الاقتصادية الكبرى اضافة الى التركيز على صحافة القرب وتنويع المضامين مع التأكيد على أهمية صحافة الموقف والرأي. وللإشارة فإن اليوم الدراسي كان مناسبة لاسناد جوائز «استفتاء الصحافة الأول لأفضل 5 رياضيات تونسيات لسنة 2009، وقد كان السيد منصور مهني رم ع الشركة الجديدة للطباعة والصحافة مهندس هذا اليوم الدراسي الناجح بامتياز.