بقلم: رشاء التونسي في ساعة متأخرة من الليل أرسل لي صديقي الطاهر فازع على الفايسبوك فيلماً قصيراً ترافقه جملة «شنوا هذا يارشا» تعجبت فمن الصعب أن يتعجب الطاهر الذي شاهد كل شيء وجرب كل الألوان والمحن والجنون واللامعقول، لم يعد يتأثر بشيء أو يتعجب. غابت عن عباراته الدهشة. فاذا تساءل «شنو هذا» يعني أن الأمر جلل. يعني أبعد مما تعود عليه. فتحت الفيلم وشاهدته، اسكتش بثته قناة نسمة. واكتشفت أنا المرأة الهادئة ما معنى عبارة «استشاط غضبا» أصبحت أرتعش غضباً ، ورغم الساعة المتأخرة من الليل أخذت بالاتصال هاتفياً ممن أعتبرهم أصدقائي الصحافيين، ما معنى كل ما يجري في الشهور الأخيرة كصراع على من يغطي مسؤولية الدفاع والاهتمام بالصحافيين؟ أين رد فعلهم ماداموا وجدوا لحماية المهنة واحترامها ؟ هل هناك أخطر من الاهانة والتجريح؟ هذا ما كان في الاسكتش. «البنية» في قناة نسمة والتي قيل لي أن اسمها مها، تضع على رأسها باروكة، وعلى وجهها طبقات من الألوان، تتحدث عبر هاتف برتقالي، بصوت حاد مبتذل: يا سي نبيل.. يا سي نبيل.. ماني مشيت لولد خالي يخدم في لابريس. تي مشيت باش نعطيه الاستيذان لعرسي، ياخي قابلتني صحفية، قالك اسمها سميرة دامي الجمهور يصفق استهجانا أية سيدي هاك الصحفية غادي وحدة (طبوقة طقوقة) تمشي على ساق.. نسخايلها (بوات درشيف) تمشي على سويقاتها.. قسما عظما.. عقلتني،قاتلي انتي اللي ديما تهز في لخبار لعرفك في التليفون البرقداني؟ والله.. فاك اللحظة قداش سخفتني!! مسكينة.. تمنيت لو كان عندي هكّه حديد بال(فابور) يمشي،ونهديهولها.. على هاك الكمامش كمامش في وجييهها.. آما تبارك الله عليها.. لا لا تبارك الله عليها!! قالك تفهم في كل شيء!! أو كان كانت سياسة أو كورة أو زعمة زعمة نقد!! كل شيء تفهم فيه!!؟ بربي مرا كبيرة قدها،تخلي بلاصتها للصغار.. توّ موش رويّق؟ راو موش حلو هاذا! قالك الكرسي اللي تقعد عليه،قالك كل يوم لو جا يتكلم راو يقرا في سورة قل أعوذ بربّ الفلق.. من شرّ ما خلق.. والله، آنا من رأيي لو كان يهزوها معززة مكرّمة يحطوها في متحف باردو غادي.. واللّه.. شنوّة سي نبيل!؟ الصحافة حرة!؟ وخيّتي حتى أحنا حرار.. ملاّ عقّار!! هيا في لامان.. الصحافة هي السلطة الرابعة، وأن تهان بهذا الشكل في شخص يمثل رمزاً من رموزها «أصاب أم أخطأ» هو اشارة الى بقعة دكناء في صفحة البلاد. يجب أن لا يتم الخلط بين الاستعمال الخاطئ للحرية والتحلل الأخلاقي. وبين النقد والتجريح. النقد هو فن يدرس في المدارس والكليات ، ويصبح مهنة من خلال تجربة سنوات، أما التجريح فهو يدخل في خانة قلة الأدب وانعدام الذوق. سميرة الدامي تكتب منذ سنوات طويلة وتعتبر مرجعاً في النقد. صحيح أنها تجرح بسلاطة وصراحة قلمها. لكن النقد ليس أدباً لسرد حكايات. ثم كيف يمكن أن تتطاول هذه الفتاة وبهذه الطريقة ،ثم ما دخل التجاعيد في القضية ،سميرة بالذات ليس لديها تجاعيد هي مثل الشنوة لم تكبر منذ عرفتها منذ ما يقارب ثلاثين سنة. ربما يجب أن تطلب القنوات الفرنسية من أشهر مذيعاتها ومذيعيها الانسحاب. وتطالب المها سميرة بأن تترك كرسيها للشباب. مارأيها بأن تتنازل لها سميرة عن كرسيها ،لكن على شرط أن تأخذ قلمها أيضاً. كم فيلم شاهدت البنية في حياتها؟ وكم كتاب قرأت؟ وكم مسرحية فهمت؟ وكم شخصية مهمة قابلت؟ وكم ساعة أمام التلفزيون جلست؟ كم مرة قامت بسفرات علمية وثقافية ؟ كم أغنية أثرت فيها ؟ وفهمت كلماتها؟ كم صديق أو صديقة ملكت؟ كم؟ كم؟ كم؟ والقائمة طويلة. السلطة الرابعة مقدسة لأنها صوت وروح ونفس المجتمع.وان كان الجدل حامياً حول حرية الصحافة والكتابة والتعبير. فعلى الأقل أن يكون الجدل بين ند وند. أما أن تهان هيبة الصحافة من طرف نكرة وبطريقة مبتذلة. فهذا جرح في حق المواطنة. اهانة في حق بلد ينادي بها. أنا أدافع عن المهنة وعن سميرة كشخص، فأنا أعتبرها صديقة وأكن لها بالغ الاحترام. أنا نفسي نقدتني عندما كنت أقدم برامج في التلفزيون. ورغم أنها جرحت نرجسيتي ،لكنها أرضت غروري، فبرامجي كانت بالعربية ومخصصة جداً ،سعدت لأنها شاهدت الحصص حتى تنتقدها بتلك الطريقة.وحاولت تفادي الخطأ عبر ملاحظاتها. احدى المرات انتقدت جينيريك النهاية، أي أنها شاهدت الحصة حتى النهاية. لكنها كتبت مرات أخرى عن البرنامج بشكل ايجابي جداً وأذكر أن مسؤولا اعلاميا مهما هاتفني صباحاً مازحاً أن سميرة مدحتني ونصحني بأن أضع قليلاً من البخور قبل خروجي من المنزل حتى لا أصاب بالعين. أدافع عن سميرة كصحافية معتبرة. وعن سميرة كامرأة، وأقول لمها: يا بنيتي سنوات قريبة وسيكون في وجهك تجاعيد. وهي نصف مصيبة. الطامة الكبرى هي تجاعيد المخ. لن يكون لديك ثقافة سميرة لتحميك من الجفاف والغباء والسخافة والتفاهة. أتساءل ان كان أولاد القروي يباركان التفاهة والوقاحة التي تدور في علبتهما. و لا أعتقد أنهما سيقرآن هذا المقال لأنهما يحاربان وبعنف اللغة العربية، لكن أيها السيدان حتى اللغة الدارجة لها مفاتيحها وأدواتها وقواعدها ومراجعها وأناقتها ومستواها واحتشامها. وملاحظة أخيرة، ربما يكون هذا العنف اللفظي في نسمة دليلا أن سميرة الدامي أصابت الهدف.