«أثبت من الوشم على الجسد» ذلك ما يمكن ان نصف به الصلابة الدفاعية للنادي الافريقي والتي باتت ظاهرة حقيقية تستدعي البحث والنقاش. فلئن ابتدع المدرب هيريرا أسلوب «الكاتيناتشو» خلال فترة الستينات ونجح في تطبيقه في صلب «الانتر» عندما قاده الى التتويج بلقب أمجد الكؤوس الاوروبية في مناسبتين (1964 و1965) فإن فريق باب الجديد أوجد بدوره دفاعا حصينا ظهرت بوادره الاولى بداية من موسم 19631964 وأصبح من المميزات الأساسية للقلعة الحمراء والبيضاء بمرور الزمن. «الشروق» بحثت في جذور هذه الظاهرة المميزة استنادا الى الارقام والمعطيات وكذلك بالعودة الى أهل الدار الذين سبق وأن شغلوا دفاع الافريقي بأجساد وعقول قدت من حديد وفولاذ في التصدي الى كل من يحاول التطاول على شباكهم فكان التحقيق التالي: أندري ناجي يحصّن قلعة الافريقي أصرّ عدد لا يستهان به من المدافعين السابقين بالفريق على أن المدرب الاسباني من اصل مجري أندري ناجي هو من رسّخ العقلية الدفاعية في النادي وهو ما قد تؤكده الأرقام في الجدول التالي: اللقب عدد الأهداف المقبولة بطولة 1978 1979: 12 بطولة 19791980: 7 نهائي الكأس 1969: 0 نهائي الكأس 1970: 0 نهائي الكأس 1985: 0 خمسة مواسم من حديد شهد فريق باب الجديد اوج صلابته الدفاعية خلال خمسة مواسم استثنائية على المستوى الدفاعي وكان أولها بقيادة المدرب «روشجياني» خلال موسم 1963 1964 (10 أهداف) ولم تتلق شباك الفريق خلال موسم 19701971 سوى تسعة أهداف مقابل سبعة أهداف فحسب خلال موسمي 19791980 و19951996. هدف وحيد في المنزه!! خلال موسم 19701971 حقق دفاع الافريقي انجازا فريدا من نوعه عندما نجح في المحافظة على عذارة شباكه امام جماهيره وعلى أرضية ملعبه باستثناء هدف وحيد طيلة الموسم كان من توقيع فريق الاتحاد التونسي. زعامة دفاعية.. لو تفحصنا جيدا في الارقام سنلاحظ ان الافريقي تزعم عن جدارة دفاعات البطولة المحلية حوالي 16 مرة وهو شاهد آخر على صلابة القلعة الحمراء والبيضاء. وهو في طريقه هذا الموسم الى زعامة دفاعية جديدة. عتوقة يتعملق... الزيتوني يتألق.. والنفزي يحطم كل الارقام لم يكن دفاع النادي الافريقي ليحافظ على صلابته وهيبته على مرّ العقود لولا ثلة من الحراس الذين تداولوا على حراسة شباك الفريق، بداية بالعملاق الصادق ساسي (عتوقة) الذي شكل بمفرده حقبة من أمجاد الافريقي والمنتخب الوطني (صاحب 117 مقابلة دولية وهو رقم قياسي) هذا بالاضافة الى تعاقب ثلة من الحراس المميزين على شباك الأحمر والابيض على غرار مختار النايلي وسليم بن عثمان وصلاح الفاسي وعادل الهمامي... وصولا الى بوبكر الزيتوني الذي ضرب موعدا مع التاريخ خلال موسم 19951996 عندما حافظ على عذارة شباك فريق باب الجديد فترة ناهزت 1004 دقائق قبل ان يأتي الدور على عادل النفزي الذي أبى إلا ان يحطّم كل الارقام خلال موسم 20072008 عندما عجزت كل الأقدام في النيل من شباكه طيلة 1270 دقيقة وهو رقم لم يحققه حتى الحارس الايطالي العملاق «دينو زوف» الذي اكتفى بتحقيق 1142 دقيقة فحسب!! النايلي في مرمي منتخب 1978 لعل من الأشياء التي يفاخر بها الأفارقة تلك المشاركة التاريخية لحارسهم مختار النايلي ضمن نهائيات كأس العالم بالارجنتين 1978 بأزياء المنتخب الوطني اضافة الى المدافع كمال الشبلي.. علما وأن النايلي لم يتلق سوى هدفين في مونديال 1978. مدافع مثالي.. يبقى المدافع الدولي السابق كمال الشبلي مثالا يحتذى على المستويين الكروي والأخلاقي فإضافة الى تألقه كمدافع بألوان الافريقي والمنتخب فإن سجله من الأوراق الحمراء بقي نظيفا حتى اللحظة التي غادر فيها ميادين كرة القدم. المدافع الهدّاف.. لم يتألق المدافع السابق للنادي الافريقي «وادجا لنتام» في خطته الدفاعية فحسب بل كانت له مشاركة ذات بال في هجوم فريقه وهو ما جعله يسجل سبعة أهداف خلال موسم 19961997 مناصفة مع عدة مهاجمين!! على غرار عبد القادر بلحسن وعماد العياري وحسان القابسي. أسماء خالدة.. شهد دفاع الافريقي على مرّ العقود العديد من الأسماء البارزة التي تألقت مع الافريقي على غرار رتيمة ومراد حمزة وأحمد الزيتوني ومحمد نوّال (القوشي) وبن موسى والشرقي والشبلي والمولهي والمحايصي وعادل الرويسي وفضيل مغاريا والحنيني وصالو طاجو ووادجا لنتام وجاب الله الرزقي عمروش وفريد شوشان ومحمد المكشر ومحمد علي الغرزول و«بيار نجانكا» وخالد السويسي والباشطبجي.. وغيرهم. ماذا قال الشبلي والمحايصي وشوشان؟ أهل مكة أدرى بشعابها، لذلك لا يمكن ان نتطرق الى الحديث عن دفاع الأحمر والابيض دون العودة الى أهل الدار الذين خبروا دفاع الافريقي طيلة العقود الماضية وقد ارتأت «الشروق» محاورة ثلاثة مدافعين يمثلون حقبات مختلفة من تاريخ النادي: كمال الشبلي (مدافع دولي سابق): تقاليد دفاعية أسس لها ناجي كمال الشبلي يعد أحد أبرز المدافعين الذين عرفهم الافريقي، لعب لفائدة الافريقي أكثر من 350 مقابلة في الفترة المتراوحة بين 1974 و1987 تحدث كمال عن هذه الظاهرة قائلا: «أظن ان الافريقي يتمتع بتقاليد معروفة على مستوى الصلابة الدفاعية وأعتقد شخصيا ان المدرب اندري ناجي ساهم بشكل كبير في ارساء دعائم هذه الحصانة الدفاعية هذا بالاضافة الى أن النادي الافريقي ضم في صفوفه العديد من المدافعين الذين يتميّزون بخصال دفاعية مميزة على غرار مراد حمزة وجلول ورتيمة والشرقي.. دون ان ننسى القيمة الفنية العالية لحراس المرمى على غرار عتوقة والنايلي وسليم بن عثمان والذين شكلوا سدّا منيعا خلف المدافعين... وأظن انه لا خوف على دفاع الافريقي الذي لا ينقصه الآن سوى ايجاد التوازن بين الدفاع والتفكير في الحلول الهجومية». لطفي المحايصي (مدافع دولي سابق): دفاع الافريقي معروف بصلابته عبر الزمن.. المدافع لطفي المحايصي تقمص ازياء الافريقي ومثل صمام أمان دفاعه على امتداد 15 عاما وعرف معه أمجاد التسعينات، تحدث عن هذه الظاهرة قائلا: «دفاع الافريقي عرف بصلابته على امتداد عدة عقود وأعتقد شخصيا ان المرحوم اندري ناجي وضع الأسس الاولى لهذه الظاهرة المميزة وقد اعتمدت سياسة الفريق على التعاقد مع مدافعين مميزين تتوفّر فيهم عدة شروط أهمها البنية المورفولوجية للمدافع والالتزام البدني وحذق الضربات الرأسية هذا إضافة الى حسن اختيار حرّاس المرمى». فريد شوشان (مدافع دولي سابق): الانسجام سرّ النجاح.. مثل المدافع الدولي فريد شوشان النادي الافريقي خلال الفترة المتراوحة بين 19992003 تحدث عن هذه الظاهرة قائلا: «أعتقد ان عامل الانسجام بين مدافعي محور الدفاع يبقى اهم حلقة في نجاح الخط الخلفي للفريق وأبرز مثال على ذلك الانسجام الواضح بين الثنائي محمد الباشطبجي وخالد السويسي.. وهو أمر ميّز الافريقي عبر مختلف الحقبات التاريخية هذا بالاضافة الى تعاقده مع ثلة من المدافعين المميزين على غرار الرزقي عمروش وجاب الله وصالو طاجو وفضيل مغاريا.. ولاننسى في هذا الاطار أهمية حارس المرمى الذي يمثل صمّام الأمان في الفريق ويساهم بشكل فعّال في نجاح المهمة الدفاعية ككل خاصة اذا أحكم المدافعون الاستفادة قدر الامكان من التدريبات الخصوصية».