صحيح أن الكيان الصهيوني ومنذ جثم على قلب الأمّة في فلسطين، ما فتئ يعربد ويقترف جرائم الحرب تباعا وبلا هوادة... وصحيح أيضا ان جرائم هذا الكيان لا تعرف حدا ولا يمكن أن تنتهي... وصحيح كذلك أن سلسلة الهجومات والقتل والسجن التي تمارسها «اسرائيل» هذه، لا تعرف لها الانسانية نظيرا من حيث تنطّعها على القانون الدولي الانساني، وشراستها ودمويتها... لكن الأصح من هذا وذاك، أن رصدا بسيطا لتصرفات «اسرائيل» زمن القمم العربية مهما كانت القمة ومهما كان صيتها أو مكانها، يكشف بأن اسرائيل تستعرض عضلاتها وتقترف الجرائم في حق الانسانية بأكثر بشاعة، وتكون تصريحات مسؤوليها أكثر تجاسرا على الشرعية الدولية خاصة وعلى المجتمع الدولي عامة... وهذا ما يحدث الآن عندما نستمع الى رئيس وزراء الكيان الصهيوني يتحدى القانون الدولي والقرارات الأممية، ليدّعي ان القدس عاصمة لإسرائيل وأن الاستيطان سياسة اسرائيلية لا تراجع عنها... بل إن الآلة العسكرية الغادرة، نراها تضرب الانسان الفلسطيني وتقذفه وهو نائم بصواريخ وقنابل تدخل كلها في حيز «الظن» بأن هناك هجوما محتملا على جيش الاحتلال... عشية كل قمة عربية، تبعث «اسرائيل» برسائل متعددة المواضيع ومتعددة الاتجاهات... فمن العرب الى المجتمع الدولي مرورا بالأمم المتحدة... بل إن اسرائيل، ومن خلال المنظمة الأمريكية الصهيونية «إيباك» (خلال اليومين الأخيرين) جعلت وزيرة الخارجية الأمريكية تكشف عن الانحياز التام والدائم للولايات المتحدةالأمريكية تجاه اسرائيل، حين انتقدت هيلاري كلينتون الضحية عوض أن توجه نقدها الى الجلاّد... اسرائيل تستعرض «عضلاتها» عشية القمة بل إن الأمر وصل بها حد التهديد باقتحام المسجد الأقصى يوم القمة العربية بالذات... وفي هذا تحدّ للإرادة العربية الرسمية.. وقد تعوّدت على مثل هذه الممارسة، بفعل الضعف العربي... هذا التصعيد «الاسرائيلي» من المفروض أن يقابله تحدّ فلسطيني أولا، يكون بمثابة النواة التي تنفخ في الجسم العربي، انتفاضة وعصيانا ورفضا لمشاريع الاحتلال وحلفائه... كما يُفترض أن يحدد العرب والفلسطينيون معا سقفا لا تنازل عنه فيه ضمان لكل مقومات التحرر الوطني في فلسطين. لأن «الكيان الصهيوني» لم يأت الى المنطقة العربية منذ أكثر من ستين عاما، لكي يقع التعامل معه بالتفاوض أو بالحسنى... فالحد الأدنى للتعامل مع الاحتلال أي احتلال: إسقاطه وكنسه من الأرض التي استهدفها... دون هذا، بيّنت «اسرائيل» أنه مضيعة للوقت وهراء...