10٪ من المصابين بداء السكري في تونس أطفال دون العاشرة... رقم «ثقيل» لا يمكن للأسف التخفيف أو الوقاية منه لأن الداء يولد مع الطفل، لأسباب مختلفة، ويرافقه مدى حياته، إذ لم تتوصل البشرية لحد الآن الى اكتشاف دواء يقضي على السكري نهائيا حتى وإن وقع التفطن له منذ الصغر... «ليبقى الأمل الوحيد، بعد التفطن للدّاء، في علاج الأنسولين وفي الحمية الغذائية وممارسة الرياضة» على حد قول الدكتورة أسماء بوعزيز رئيسة قسم الاطفال بمستشفى محمد التلاتلي بنابل والأستاذة الجامعية المبرّزة في طب الاطفال... داء السكري عند الاطفال قد يكون عصيّ الفهم لدى جانب كبير من التونسيين في ظل اعتقادات خاطئة تربط السكري فقط بالتقدم في السن أو فقط بالافراط في تناول الحلويات أو بالضغوطات النفسية والغضب المتواصل... وهو ما يؤدي بأغلب الآباء والأمهات الى عدم التفطن لإصابة أبنائهم به، على حد قول الدكتورة بوعزيز، رغم الاعراض التي تظهر لدى الطفل... أسباب كيف يتكون داء السكري لدى الرضيع أو الطفل؟ تجيب الدكتورة أسماء بوعزيز بالقول إن السبب الرئيسي هو تدمير الخلايا المنتجة للأنسولين البشري في الجسم والموجودة في المعثلكة (الأنسولين البشري هو المسؤول عن تعديل نسبة السكري في الدم بصفة طبيعية)... ويحصل تدمير هذه الخلايا جرّاء عامل جيني أو وراثي، إذ قد تكون إصابة الطفل بداء السكري وراثية (تنتقل له من أحد الأبوين) أو غير وراثية (تحصل تلقائيا حتى ولو كان الابوان غير مصابين بالسكري)... كما يحصل تدمير الخلايا أيضا جراء عامل خارجي قد يكون فيروسيا أو غذائيا أو سميّا، يدخل جسم الطفل بعد الولادة ويتسبّبب في إفراز الجسم مضادات مدمرة للخلايا المفرزة للانسولين، فيختل توازن نسبة السكر في الدم... ماء... وتبوّل كيف يمكن للأبوين التفطن لإصابة الطفل الصغير بالسكري؟ الاعراض سهلة للغاية حسب رئيسة قسم الاطفال بمستشفى التلاتلي بنابل... إذ يكفي أن يكون إقبال الطفل على شرب الماء متكررا وخاصة في فصل الشتاء، وتبوّله متعددا وأحيانا في فراش النوم حتى نشك في إمكانية إصابته بالسكري... وتؤكد الدكتورة بوعزيز أنه للأسف الشديد تظهر هذه العوارض عند بعض الاطفال غير أن الابوين لا ينشغلان إلا بمسألة التبوّل في الفراش، ويسارعان بعرض الطفل على الطبيب لهذا السبب، ويغفلان عن الجانب الثاني وهو كثرة شرب الماء ولا يلفتان انتباه الطبيب لذلك... وتوجد أعراض أخرى ثانوية لكن يجب الانتباه لها وهي حسب المتحدثة تراجع وزن الطفل مثلا أو افتقاده شهية الأكل أو العكس وكثرة الاقبال على الأكل أو شعوره بالفشلة... وفي غالب الاحيان، لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تحصل مضاعفات أخرى للطفل تؤدي مثلا الى صعوبة التنفس وأحيانا الغيبوبة التامة. تشخيص وعلاج أكدت الدكتورة أسماء بوعزيز على أهمية عرض الطفل عند ملاحظة الأعراض المذكورة أو مضاعفاتها على الطبيب ليقوم بتشخيص الحالة... ويكون التشخيص عملية سهلة للغاية حسب المتحدثة بما أنه لا يتطلب تحاليل في مخابر مختصة وبمعدات خاصة بل يمكن ان يقوم بها أي طبيب عام في مختلف جهات البلاد وخاصة الأطباء العاملين في الخطوط الأمامية (مثلا في مراكز الصحة الأساسية) وفي مراكز رعاية الأم والطفل)... ويتم التشخيص بواسطة تحليل عينة صغرى من الدم أو من البول... وعند اتضاح وجود الداء لدى الطفل تبدأ مرحلة العلاج الدائم الذي يصفه الطبيب المختص وذلك بواسطة حقن الأنسولين والحمية الغذائية والحث على ممارسة الرياضة مع اتباع سلوكات أخرى هامة مثل نظافة الأسنان والأرجل بشكل يومي والحرص على تناول الحقن في أوقاتها وبطريقة سليمة ومتابعة نسبة السكري بصفة مسترسلة وذلك لتفادي أقصى ما يمكن من مضاعفات وتعكرات صحية. تعكرات في صورة عدم اتباع القواعد الضرورية فإن الطفل المصاب بالسكري قد يكون عرضة اما آنيا او في المستقبل الى بعض التعكرات الصحية، مثل الغيبوبة سواء عند ارتفاع نسبة السكري أو نزولها او تعفن أجهزة التنفس العليا (الأنف الأذنين الجيوب الأنفية الحنجرة) او السفلى (الرئتين) وكذلك تعفن الجهاز البولي (الكلى والمجاري) والتعفنات الجلدية أو الفطرية للفم والأرجل (بين الأصابع) وأيضا تأخر النمو الجسمي للطفل أو تأخر بلوغه... وتوجد تعكرات أخرى على المدى الطويل (في الكبر) مثل تضرر الشرايين الصغرى للعينين وهو ما يؤدي لفقدان البصر أو شرايين الكلى مما يتسبب في قصور كلوي أو شرايين الجهاز العصبي للأطراف مما يؤدي الى انعدام الشعور بالألم فيها ويؤدي ذلك الى التهابات جلدية وجروح دون أن يتفطن لها المصاب في الإبان وتحصل بذلك تعكرات جرثومية... كما يؤدي ذلك الى تضرر الشرايين الكبرى مما يسبب جلطات دماغية أو قلبية. 100% أكدت الدكتورة أسماء بوعزيز على أهمية علاج السكري لدى الأطفال وخاصة على أهمية تشخيصه تفاديا لكل التعكرات الممكنة لصحة أبنائنا. وأضافت ان التشخيص والعلاج في تونس متكفل به بنسبة 100% من قبل «الكنام» بالنسبة لمن سنهم دون 18 عاما... وهذه المجانية تشمل التشخيص والتحاليل والحقن وآلات قيس السكري ولوازمها وكذلك دواء الأنسولين... ولا يوجد أي مانع على حد قولها لامتناع الآباء عن عرض أبنائهم على الأطباء...