تبلغ نسبة الأطفال المصابين بمرض السكري من نوع 1 في تونس بين 10 و15 بالمائة من العدد الجملي لمرضى السكري وهي نسبة تعتبر ضئيلة جدا إلا أن خطورة هذا المرض الذي يعتبر «قاتلا صامتا» يجعلنا نقف عند أهم أسبابه وكيفية الوقاية منه خاصة إذا تعلق الأمر بالطفل منبع سعادة الأسرة وعماد مستقبل المجتمع.
حول هذا الموضوع اتصلنا بالدكتور عبد المجيد عبيد مختص بمعهد التغذية ليجيبنا عن تساؤلاتنا حيث صرح لنا أن سبب مرض السكري عند الأطفال المسمى بنوع يعود إلى حدوث خلل في المعثكلة وهي غدة تقوم بفرز مادة الأنسولين في الجسم وهي مادة أساسية لأن وظيفتها تتمثل في نقل السكريات من الدم إلى خلايا وعضلات الجسم وبالتالي تعطي الطاقة اللازمة له .إلا أن حدوث الخلل في المعثكلة والناتج عن وقوع خطأ في تكوين جهاز المناعة للمواد المضادة للجراثيم يفسد الخلايا التي تقوم بصنع مادة الأنسولين وهو ما ينجر عنه ارتفاع نسبة السكري في الدم مما يؤدي إلي تخثر الدم وصعوبة دورانه وهو ما يدفع بالمصاب إلى الحقن بمادة الأنسولين مرض وراثي وأكد الدكتور عبد المجيد عبيد من جانبه على وجود أرضية وراثية مهيئة لهذا النوع من مرض السكري لكنها ليست وراثة مباشرة كما هو الشأن بالنسبة للجينات بل تتعلق بأصل نوعية الدم مثال HLA. DR2. DR3 ويستطيع أن يتعرف عليها الأطباء من خلال إجراء التحاليل اللازمة للتعرف على تهيئ أو عدم تهيئ الجسم لهذا المرض وهذه التحاليل تقام ببنك الدم أو بمعهد باستور وهي تحاليل باهظة جدا ومن جانب آخر أضاف الدكتور عبد المجيد عبيد أنه ليس بالضرورة أن يولد الطفل مريضا بالسكري إذا كان والداه مصابين بهذا المرض كما يمكن لزوجين سليمين أن ينجبا طفلا يصاب بمرض السكري، وتجدر الإشارة إلى أن ظهور مرض السكري عند الأطفال يكون بداية من الأسابيع والأشهر الأولى من عمره إلى غاية سن العشرين ويعود سبب ظهور هذا المرض على اثر تعرض الطفل إلى أمراض جرثومية كإصابته بنزلة برد أو ارتفاع درجة حرارة جسمه وهو ما يدفع بالجسم إلى صنع مضادات تفسد خلايا المعثكلة هذا بالإضافة إلى عدم اتباع المرأة الحامل المصابة بالسكري أو غير المصابة بنظام غذائي محكم طيلة فترة الحمل إذا كانت المرأة الحامل مصابة بمرض السكري فيجب عليها أن تهتم بالرقابة أكثر وتعدل من نسبة السكري داخل جسمها طيلة فترة حملها وذلك باعتمادها على نظام غذائي محكم من خلال الاهتمام الجيد بحميتها وكذلك استشارة ومراقبة الطبيب بصفة دورية إلى جانب حقن جسمها بمادة الأنسولين بصفة منتظمة وإذا توفرت هذه الأرضية الجيدة أي نمو الجنين في نسبة معتدلة من السكري فلن يكون عرضة لهذا المرض كذلك الشأن ينطبق على المرأة الحامل غير المصابة فالحمية ضرورية لنمو الجنين في حالة معتدلة وسليمة. كيفية التعرف على المرض وتجدر الإشارة إلى أن الخلايا على غرار المعثكلة تتكون لدى الجنين منذ الأشهر الثلاثة الأولى، ولسائل أن يسأل كيف يتعرف الأب أو الأم على إصابة ابنيهما بمرض السكري؟ الأمر بسيط جدا ويتمثل في التعرف على أهم علاماته وهو شرب الماء بكثرة وكثرة التبول إلى جانب نحافة الجسم وشعوره بالجوع باستمرار وبالتالي الرغبة المفرطة في الأكل , وإذا مااكتشف الأولياء هذه العلامات عليهم بالإسراع بطفلهم وعرضه على الطبيب لإجراء التحاليل وتجدر الإشارة أيضا إلى أن التحاليل سهلة جدا ويمكن انجازها بطريقتين إما إجراء التحاليل على «البول» وهو تحليل يجرى بالمنزل عبر وضع آلة الريشة والانتظار مدة 30 ثانية وإذا تغير اللون من الأصفر إلى الأخضر ثم إلى الأزرق فيعني أن الشخص مصاب . أو الطريقة الثانية وهي إجراء تحليل الدم لدى الطبيب وإذا بلغت نسبة السكري في الدم أكثر من 1.26 غرام فهذا دليل على أن الشخص مصاب بمرض السكري . بما أن الطبيب المباشر لحالة الطفل المصاب بمرض السكري يعطي لمريضة حمية غذائية يمنع من خلالها تناول السكر المضاعف الموجود بالمشروبات والمرطبات ... وبما أن العائلة ستجد نفسها أمام صعوبة التعامل مع طفلها لاسيما في إقناعه بالإقلاع عن أكل الشكلاطة مثلا أو ما شابه فان الدكتور عبد المجيد عبيد أكد على ضرورة أن تتكافل الأسرة في مساعدة طفلها لاسيما اعتماد كامل العائلة على نظام غذائي جيد يرتكز على الأغذية الطبيعية وهو ما من شأنه أن يساعد الطفل على التعود على هذا السلوك الغذائي أهمية التغذية ويبقى استهلاك المواد التي تتضمن السكر المضاعف مناسباتي كآخر الأسبوع أوفي الأعياد مثلا مع العلم أن السلوك الغذائي داخل الأسرة العصرية يعتمد على الأكل العشوائي غير الطبيعي الذي يتضمن إفراطا كبيرا في اعتماد السكر. وحسب آخر دراسة قام بها معهد التغذية فان نسبة تناول الطفل التونسي للسكر في اليوم بلغ 100 غرام مأتاه الياغورت الذي يحتوي على ما يقارب 10 غرام من السكر والمرطبات التي تحتوي على 15 غرام من السكر وكذلك الشكلاطة التي تحتوي على 10 غرام وغيرها .... وهو إفراط كبير يضر بنظام الجسم ويدعو الأسرة إلى التعامل مع الحمية تعاملا طبيعيا