تنظر احدى الدوائر الجنائية بمحكمة تونس الابتدائية خلال أحد الأيام القليلة المقبلة في قضية تدليس وثائق تأمين سيارة وذلك بعد تورّط المتهم الرئيسي في حادث مرور قاتل. وحسب ملفات القضية التي تورّط فيها متهمان يعملان بمؤسسات عمومية كموظفين، فإن المتهم الأول قدم من احدى المدن الداخلية لزيارة أحد أقاربه بمستشفى العيونبتونس، وأثناء مروره من شارع 9 أفريل بالعاصمة وتحديدا في مستوى قسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول، اصطدمت السيارة بأحد المارة، وكان الاصطدام عنيفا، استوجب نقل المصاب الى المستشفى مباشرة، وكان ذلك حسبما سجله الممرّض المباشر، في حدود الساعة التاسعة صباحا. لم يتمكن الاطار الطبي وشبه الطبي من اسعاف المصاب الذي لفظ أنفاسه الأخيرة، وقد تفطّن السائق الى أن سيارته لم تكن مؤمّنة، لذلك اتفق مع أحد الموظفين على افتعال محضر تسجيل وقيس حادث المرور وتم التدوين على أن الحادث جدّ في حدود منتصف النهار ولذلك تمّ رفع الأمر للتأمينات وأصدرت احدى الدوائر الجناحية، بعد أن أحيل أمامها مرتكب الحادث حكما بالزام شركة التأمين بالتعويض لفائدة ورثة الهالك بمبلغ 55 ألف دينار. القسم القانوني بشركة التأمين تفطن الى أنه تم تدوين الساعة منتصف النهار في المحاضر على أنها ساعة وقوع الحادث وبالتدقيق في ابرام عقد التأمين تبيّن أنه أنجز بنفس التاريخ في نفس اليوم وفي حدود الساعة الحادية عشرة و48 دقيقة، لذلك ارتاب القائمون على شركة التأمين في الأمر خاصة وأن الحيّز الزمني الفاصل بين زمن ابرام عقد التأمين وزمن الحادث غير كاف وغير واقعي للبعد مكانيا بين مقر شركة التأمين ومكان وقوع الحادث. لذلك دقّق القائمون على شركة التأمين في الأمر وذلك بالرجوع الى الملف الطبي للهالك، فاكتشفوا بأنّ الحادث حدث في حدود الساعة التاسعة صباحا وليس منتصف النهار، وقد تعمد المتهم وشريكه افتعال محضر تسجيل الحادث والقيس للتفصّي من المسؤولية الجزائية وإحالة المسؤولية المدنية على شركة التأمين، ولذلك تقدم الممثل القانوني لشركة التأمين بشكاية لدى النيابة العمومية. قرّرت النيابة العمومية، الإذن بالقيام بالأبحاث والتحرّيات اللازمة وأحالت ملفات القضية على الادارة الفرعية للأبحاث الاقتصادية للقيام بكافة الأبحاث والاجراءات . أنكر المتهمان أثناء التحرير عليهما التهمة، إذ تمسك المتهم الأول بموعد وقوع الحادث فيما نفى المتهم الثاني أي علم له بالموعد الأصلي للحادث. المحققون قرّروا إحالة المتهمين على أنظار أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس الذي وجّه لهما تهم التدليس والمشاركة في ذلك طبق أحكام الفصلين 32 من المجلّة الجزائرية المتعلق بجريمة المشاركة و172 من نفس المجلة والذي ينصّ على أنه «يعاقب بالسجن بقيّة العمر وبخطيّة قدرها ألف دينار كل موظف عمومي أو شبهه وكل عدل يرتكب في مباشرة وظيفته زورا من شأنه إحداث ضرر عام أو خاص وذلك في الصور التالية: أولا بصنع كل أو بعض كتب أو عقد مكذوب أو بتغيير أو تبديل أصل كتب بأي وسيلة كانت سواء كان ذلك بوضع علامة طابع مدلس به أو امضاء مدلس أو كان بالشهادة زور بمعرفة الأشخاص وحالتهم. وثانيا بصنع وثيقة مكذوبة أو تغيير متعمّد للحقيقة بأي وسيلة كانت في كل سند سواء كان ماديا أو غير مادي من وثيقة معلوماتية أو الكترونية وميكروفيلم وميكروفيش ويكون موضوعه اثبات حق أو واقعة منتجة لآثار قانونية». وقد أيدت دائرة الاتهام قرار ختم البحث وقرّرت إحالة المتهمين كل حسب الحالة التي هو عليها على أنظار الدائرة الجنائية المختصّة لمقاضاتهما من أجل ما نسب إليهما. ومن المنتظر أن يمثلا خلال أحد الأيام القليلة المقبلة أمام المحكمة لمقاضاتهما من أجل ما نسب إليهما.