عاجل/ المتحدث باسم ابتدائية تونس يكشف تفاصيل الاحتفاظ بالمحامي مهدي زقروبة..    الهند: مقتل 14 شخصاً بعد سقوط لوحة إعلانية ضخمة جرّاء عاصفة رعدية    الطواقم الطبية تنتشل 20 شهيداً جراء قصف للاحتلال الصهيوني على منازل جنوب قطاع غزة    مقتل 14 شخصا بعد انهيار لوحة إعلانية بهذه المنطقة جراء عاصفة رعدية..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    استاذ موارد مائية يحذر من زلزال إثيوبيا وتداعياته على ليبيا و السودان    سعيّد يأذن بإحالة الملفات التي تضمنت شهائد علمية مدلّسة على النيابة العمومية.. ويؤكد أن "تطهير البلاد من الفساد حرب مستمرة"    رئيس لجنة الصحة بالبرلمان: مشروع قانون حقوق المنتفعين بالخدمات الصحّية والمسؤولية الطبية سيعرض في غضون أسبوعين على أنظار جلسة برلمانية عامة    عاجل: الإذن بالاحتفاظ بالمحامي مهدي زقروبة    لجنة الحقوق والحريات تعقد جلسة استماع حول مقترح القانون الأساسي المتعلّق بتنظيم الجمعيات    موقعا قتلى وجرحى.. "حزب الله" ينشر ملخص عملياته ضد الاحتلال يوم الاثنين    الصحة الفلسطينية: القصف الإسرائيلي على غزة يُخلّف 20 شهيدا    فرنسا.. 23 محاولة لتعطيل مسيرة الشعلة الأولمبية على مدى أربعة أيام    كاس تونس لكرة القدم : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    اتحاد تطاوين - سيف غزال مدربا جديدا    على خلفية حادثة حجب العلم الوطني بالمسبح الاولمبي برادس ... فتح بحث تحقيقي ضد 9 أشخاص    سيدي بوزيد: توقّعات بارتفاع صابة الحبوب بالجهة مقارنة بالموسم الماضي    مصدر قضائي: الإذن بإيقاف شخصين من دول إفريقيا جنوب الصحراء من أجل شبهة القتل العمد مع سابقية القصد    القصرين : عروض الفروسية والرماية بمهرجان الحصان البربري وأيام الإستثمار والتنمية بتالة تستقطب جمهورا غفيرا    وزارة الشؤون الثقافية: الإعداد للدّورة الرّابعة للمجلس الأعلى للتعاون بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية    المدير العام لوكالة احياء التراث والتنمية الثقافية : التشريعات الجارية المنظمة لشؤون التراث في حاجة الى تطوير وإعادة نظر ثقافة    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    جراحو القلب والشرايين يطلعون على كل التقنيات المبتكرة في مؤتمرهم الدولي بتونس    كرة اليد.. تحديد موعد مباراتي نصف نهائي كأس تونس    بطاقتا إيداع بالسجن في حق رئيس جامعة السباحة السابق ومدير عام وكالة مكافحة المنشطات    المعهد الوطني للاستهلاك: 5 بالمائة من الإنفاق الشهري للأسر يُوَجّه إلى أطعمة يقع هدرها    طقس الليلة.. امطار متفرقة ورعدية بعدد من الجهات    عاجل/ رئيس تحرير اذاعة الديوان يمثل امام فرقة الابحاث الامنية    عُثر عليه ميّتا في منزله: الإذن بفتح بحث تحقيقي في ملابسات وفاة شاب    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    سعيّد: "أكثر من 2700 شهادة مدلّسة.. ومن دلّسها يتظاهر اليوم بالعفّة"    حجز أكثر من 4 ألاف لتر من الزيت المدعّم وأطنان من السميد والفارينة بمخزن في هذه الجهة    بنزرت: ضبط ومتابعة الاستعدادات المستوجبة لإنجاح موسم الحصاد    البنك التونسي ينفذ استراتيجيته وينتقل الى السرعة القصوى في المردودية    معين الشعباني: سنذهب للقاهرة .. كي ندافع عن حظوظنا مثلما يجب    المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات: الشركة التونسية للبنك تدعم مقاربة الدولة للأمن الغذائي الشامل    من هو وزير الدفاع الجديد المقرب من فلاديمير بوتين؟    الديوانة التونسية تضرب بعصا من حديد : حجز مليارات في 5 ولايات    عاجل : الكشف عن وفاق اجرامي يساعد الأجانب دخول البلاد بطرق غير قانونية    الكرم: القبض على افريقي من جنوب الصحراء يدعو إلى اعتناق المسيحية..وهذه التفاصيل..    مغني الراب سنفارا يكشف الستار : ما وراء تراجع الراب التونسي عالميا    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مسؤولة بالستاغ : فاتورة الكهرباء مدعمة بنسبة 60 بالمئة    تفاصيل جديدة بخصوص الكشف عن شكبة إجرامية دولية للاتجار بالمخدرات..#خبر_عاجل    5 جامعات تونسية تقتحم تصنيفا عالميا    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    بطولة ايطاليا: تعادل جوفنتوس مع ساليرنيتانا وخسارة روما أمام أتلانتا    بسبب الحرائق: إجلاء آلاف السكان بغرب كندا    دربي العاصمة 1 جوان : كل ما تريد أن تعريفه عن التذاكر    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    المالوف التونسي في قلب باريس    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسطرلاب : الدّكتور القاسمي... استثناء القاعدة
نشر في الشروق يوم 12 - 04 - 2010


[email protected]
يخبرنا تاريخ المسرح الغربي منذ عصر النهضة الإيطالية كيف أن الفنان المسرحي كان دائما في ركاب الأمير . فالأمير الحاكم كان يضع تحت جناحيه الفنان : رساما كان أو شاعرا أو ممثلا, ليجعله من بطانته , يكون امتدادا له و لسلطانه الرمزي يحقق له كما يشير إلى ذلك جون دوفينيو Jean Duvignaud ذلك «المجد « الذي لا يستطيع بلوغه في الواقع . كان ذلك هو الدّرس الذي أدركه الأمير الإيطالي في عصر النهضة , وهو درس قدّمه المفكر السّياسي السائر بدوره في ركاب الأمير نيكولاي مكيافيللي N . Machiavel الذي نصح الأمير بجعل الفنان قريبا منه ليعزّز شرعيته الرمزية . هذا الدّرس الماكيافللي تحكّم في المسرح الغربي طوال قرون و هو ما يفسّر إلى حدّ ما انغلاق المسرح على نفسه و جعله في قلب القصر الأميري , و ما يفسر أيضا كيف أن نابليون بونابارت يعتبر تأثيره في الجماهير في تلك الفترة التاريخية العصيبة في ما بعد الثورة الفرنسية يعود إلى ما قدمه الممثل المسرحي جوزيف تالما Josef Telma لصورته الأسطورية .
هكذا ترتسم الحدود بين رجل السياسة ورجل المسرح , لا يلتقيان إلاّ و تكون رهانات السّياسة فوق حرية الإبداع , فيكون الأمير أكثر ماكيافيللية من الفنان الذي يتحوّل إلى خادم للسّيدين على حد تعبير غولدوني , خادم مسرح الأمير و خادم تمسرح الأمير .
و لعل الأمر يتجاوز هذه العلاقة التقليدية ليُسائل حدود التّماس في علاقة المسرح بالسّياسة و علاقة السّياسة بالمسرح في اتجاه لعبة أخرى تعيد قراءة ما في السّياسة من تمسرح و ما في المسرح من تسييس . و هذا موضوع آخر حاول ريجيس دوبري Régis Debray الإجابة عنه بشكل إستعاري في كتابه « البذاءة الدّيموقراطية « L'obscénité démocratique ) ( حين اعتبر اللّعبة الدّيموقراطية الغربية مجرد تواضع مسرحي في إطار فرجة رقمية .
و بعيدا عن هذا كله ... لا نكاد نعثر في تاريخ المسرح الغربي عن نموذج لحاكم سياسي يمارس المسرح غير نموذج فاكلاف هافال Vaclav Havel الكاتب المسرحي التشيكي الذي وصل إلى سدّة الحكم رئيسا لجمهورية تشيكوسلوفاكيا السابقة في آخر الثمانينات من القرن الماضي . و لم يتكرّر هذا النموذج في الثقافة الغربية إلا من خلال الإهتمام المتزايد بالسّياسة من خلال المسرح إلى حدود تقديم المحامي الفرنسي الشهير فرجاس لأعمال مسرحية من تأليفه و أدائه ...
غير أنّه في المثال العربي المعاصر يمثل صاحب السّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة إستثناءا يكسر هذه القاعدة في علاقة الأمير بالفنان المسرحي , فالرّجل جمع بينهما ليكون حاكما سياسيا و كاتبا مسرحيا مبدعا . رجل مفتون بالمسرح يسخّر جهوده رغم التزاماته السّياسية لخدمة المسرح رعاية و تمويلا و كتابة مسرحية تتجلى كمشروع طويل النفس , ينظر من خلاله « في عقول الرّجال « و يكتب من خلاله عذابات الأمة و وجدانها . و لا غرابة فالرّجل عالم أكاديمي بالتاريخ و تحديدا بالتاريخ الجغرافي في منطقة الخليج , و يتمثّل في كتاباته المسرحية هذه التحوّلات التاريخية و الجغرافية أو لنقل الجيو - سياسية , فهو لم يدّخر هذه المعرفة لنفسه بل جعلها ميراثا للتقاسم و التأثيل , من خلال الإبداع المسرحي كفعل سياسي عميق الدّلالة , وكجهد ثابت لضمائر الأمّة و أجيالها القادمة .
الدّكتور القاسمي كفنان مسرحي يثير الإعجاب و التقدير لأنّه يمثل هذا الاستثناء الذي نتمنى أن يكون قاعدة عند رجال السّياسة في عالمنا العربي ضمن علاقتهم بالفن و الإبداع , لأن الرّجل في علاقته بالمسرح ليس في علاقة ترف متعال تختزل في رعاية و تمويل المسرح في الشارقة و الخليج العربي , بل هو في معترك الهموم المسرحية التي لا تعترف بالعلاقة التقليدية الماكيافيللية بين الحاكم و الفنان . و تصل بهذا الإلتزام الإبداعي إلى حدود الحكمة التي يكررها الكاتب المسرحي : « نحن كبشر زائلون , ويبقى المسرح ما بقيت الحياة . »
ذلك هو الإستثناء في هذا الزّمن العربي الصّعب .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.