بصرف النظر عن صحة التقرير البريطاني الذي تحدث عن صفقة سرية أبرمت بين إيران وزيمبابوي وتقضي بالسماح لطهران بالتنقيب عن احتياطات اليورانيوم في هذا البلد الافريقي مقابل مده بالنفط الإيراني فإن مثل هذه الخطوة ستفتح الباب أمام جولة جديدة من الصراع بين الغرب وطهران لعدة اعتبارات. فهذه الصفقة التي كشفت عنها صحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية بعد أسبوع من زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد إلى زيمبابوي تؤكد مرة أخرى أن إيران تسير في الاتجاه الصحيح وتعرف كيف تطور علاقاتها الدولية وكيف تتجنّب حالة العزلة التي يحاول الغرب فرضها عليها وكيف تكسب الدول التي قد تحتاجها في معركتها المستمرة مع الغرب. التقرير وصف الصفقة بأنها جاءت في اللحظة الحاسمة بما أن مخزون إيران من اليورانيوم الذي جاء معظمه من جنوب إفريقيا في سبعينات القرن الماضي أوشك على النفاد، وكان لا بدّ من إيجاد بديل والحصول على مداخل للنفاذ إلى الاحتياطات الاستراتيجية من اليورانيوم التي تحتاجه طهران لتطوير برنامجها النووي، وهذا ما ضاعف من قلق الغرب ومخاوفه. والحقيقة أن القلق الغربي يفهم على وجهين، ذلك أن هناك تقاربا بين نظامي الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد والرئيس الزيمبابوي روبار موغابي (من منظور الغرب) فكلاهما رئيس غير مرغوب فيه ومغضوب عليه، وكلاهما يمثل وفق الرؤية الغربية رمزا للدكتاتورية التي لا بدّ من إزاحتها، إضافة إلى أن زيارة نجاد الأخيرة حملت عدة دلالات للتقارب بين النظامين عبر عنها موغابي بتأكيده لنجاد دعمه لبرنامج إيران النووي واتهامه الغرب بالسعي إلى معاقبة البلدين (إيران وزيمبابوي) لتمسكهما باستقلالهما حسب تعبيره. هذا التقارب في الرؤى والتوجهات أثار حفيظة الغرب الذي يراهن على عزل طهران وهاراري للأسباب التي تقدم ذكرها. وبالنظر إلى هذه الصفقة التي كانت ثمرة تقارب بين نظامين تجمعهما أكثر من نقطة التقاء فإن الغرب يخشى اليوم أن تنافسه إيران على مخازن الطاقة في العالم وأن تنازعه في مجالاته الحيوية ومنها إفريقيا وما يعنيه ذلك من تضخم صورة إيران كقوة إقليمية تحاول فرض نفسها وكقوة نووية لا بديل للغرب من أن يقبل بها، لذلك فإن هذه الصفقة بعد أن تتضح خيوطها ويتم تأكيدها ستكون فعلا صفعة للغرب وستثير عدة تساؤلات عن علاقة طهران بالمجتمع الدولي في ظل تصميمها على المضي في النهج الذي رسمته لنفسها والذي يفضي بها في النهاية إلى إعلان نفسها دولة نووية كاملة المواصفات.