تشير المعطيات الرسمية لمندوبية الفلاحة بالقيروان أن مساحة الحبوب المبذورة بلغت الى موفى شهر جانفي من الموسم الحالي حوالي 105 ألف هكتار من جملة 151 ألف هكتار مبرمجة منها 21 ألف هكتار حبوب مرويّة. وتشتمل المساحات المبذورة على 48ألف هك من القمح الصلب و2.5 ألف هك قمح لين و55 ألف هكتار شعير. وبحسب الجهات المهنية، فإن انحباس الأمطار كان قد أخر عملية البذر بالنسبة للقطاع المطري (بنسبة 65 بالمائة من المساحة المبرمجة للبذر) كما أثر في عملية ري المساحات المروية بشكل مباشر. من ذلك فقد شملت عمليات الري الأولى والثانية كامل المساحة المبرمجة (12.03 ألف هكتار) في حين شملت عملية الري الثالثة 15 ألفا و790 هكتارا فقط والريّة الرابعة نسبة 22 بالمائة فقط من المساحات المروية. وبحسب المسؤولين تعتبر حالة مزارع الحبوب المروية حسنة بنسبة 81 بالمائة وفي المقابل يمر قطاع الحبوب المطرية (البعلية) بصعوبات حادة بسبب الجاف الذي أخر عمليات البذر في حين لم تتجاوز مرحلة الانبات للمساحات المبذورة سوى 20 بالمائة وهي غير متجانسة ولعل هذا الأمر من شأنه أن يؤثر في الصابة المقدرة لهذا الموسم. أصحاب المزارع البعلية انتابتهم الحسرة على الخسائر الفادحة التي خلفها الجفاف فلم يجدوا من سبيل سوى اطلاق مزارعهم للرعي لكونها لا تصلح للحصاد بعد يئسهم من استرجاع ما أنفقوا وهم يحدثون أنفسهم عن التعويض والدعم لاستئناف أحلامهم مع الموسم القادم. نجاعة الحبوب المروية وفي المقابل نجت المساحات المروية من مأزق الجفاف ونجحت بحسب السيد محمد المحمدي المندوب الجهوي للفلاحة بالقيروان الذي أكد أن الزراعات البعلية لن يقع حسابها في تقديرات صابة الحبوب نظرا لتأثرها الكبير بالجفاف جراء انحباس الأمطار مؤكدا في المقابل أن الكميات المتهاطلة مؤخرا أخصبت تلك الحقول لتتحول إلى مراع. وأكد السيد المندوب أن الخطة الوطنية لتوسعة مساحات الحبوب المروية كانت لها نتائج ايجابية من 19 ألف هكتار خلال الموسم الفارط الى 21 ألفا الموسم الحالي وسيتم رفع المساحة الى 22 ألفا خلال الموسم القادم. وبين السيد المندوب ان القطاع المروي حقق النتائج المنتظرة (مبدئيا) كما ينتظر تحقيق معدل 50 قنطارا في الهكتار بنسبة متفاوتة. وبناء على ذلك فإن صابة الحبوب تقدر بنحو مليون و50 ألف قنطار وهي صابة محترمة مقارنة بجائحة الجفاف ما يؤكد الحاجة الى توسعة المساحات المروية والرفع من انتاجيتها نظرا لكون بعض المناطق لا تحقق المردودية المرجوة. كما نخشى أن تسقط بعض الحسابات في المبالغة ومفارقات التقديرات والمحصل من الحبوب على غرار الموسم الفارط. «البزويش» والخنزير من جهة ثانية والى جانب جائحة الجفاف يواجه الفلاح الذي ضمن نمو سنابله ونضج حبوبها من هجمات آفتي البوزويش والخنزير البري بشكل كبير حتى أن أحدهم علق على الوضع بأن هذا العام هو «صابة البزويش» نظرا الى تكاثر أسرابه. فقد أصبحت الهجمات اليومية للبزويش محل تذمر عدد كبير من الفلاحين الذين عبروا عن تضايقهم من هجمات العصفور (البزويش) الذي تشير الأرقام الرسمية الى أنه قادر على التهام نسبة كبيرة من الصابة تتجاوز الربع وربما تتضاعف هذا العام بسبب الجفاف الذي اضطر أسرابه الى الهجرة بكثافة الى مزارع الحبوب بحثا عن الغذاء. وقد أعدم الفلاح الحيلة في «طرد» تلك الأسراب بشتى الوسائل انقاذ صابته من حوصلة «البزويش» الجائع. جائحة الجفاف التي عمقها العصفور يبدو أنها لم تتوقف عند حدود ذلك بالنظر الى الخطر الأشد فتكا الذي يمثله الخنزير البري حسب أصحاب المزارع بسبب عمليات التخريب وافساد الحقول التي يخلفها وذلك بمختلف المناطق السقوية الجبلية وغيرها (عين جلولة وسيدي سعد والهوارب..)، حيث يعمد الى اقتلاع السنبلة من جذورها. من جهته أكد السيد مندوب الفلاحة أنه تم تنظيم حملات للحد من خطر «البزويش» من خلال عمليات هدم أعشاش هذه الطيور وإسناد رخص صيد لفائدة الصيادين مبينا ان البزويش يحب الشعير ولا يترك حباته سواء كانت خضراء أو جافة مضيفا وجود وسائل أخرى معتمدة لمواجهة أسرابه مثل «الكاربابيلا» ومدافع الغاز والوسائل اليدوية من إلقاء الحجارة وغيرها. صندوق جوائح أمام العوامل المناخية القاسية التي قسمت ظهر الفلاح بشدة وكبدته خسائر مادية كبيرة، فإن المنتظر هو أن يتدخل صندوق الجوائح للتخفيف من حدة الخسائر وتعويض الفلاح ولو بالنزر القليل عن ضياع أحلامه حتى لا تتراخى عزائمه وكي يواصل جهد البذر والبذل. خاصة وأن الدولة تخصص لمختلف الأزمات خطة طوارئ على غرار الجفاف والفيضانات والزلازل وغيرها قصد تخفيف وطأة الخسارة لتجاوز الجوائح. من جهة ثانية وأمام نفس العوامل المناخية الجافة ينتظر ان يتم تكثيف حملات التوعية من الحرائق لتحسيس المواطنين بخطورتها وطرق تجنبها وتنظيم لقاءات دورية مع الفلاحين تشمل تزويد المناطق الجبلية بوحدات انذار مبكر وأجهزة تدخل سريع بالاضافة الى ضمان فرق الاستمرار بملازمة اليقظة والحذر والمتابعة المستمرة.