تحتفظ البلدان المطلة على حوض البحر الابيض المتوسط بثروة أثرية مهمة متمثلة في المدن العتيقة التي تتوسط عموما عواصم هذه البلدان والمدن الكبرى فيها والتي يعود تاريخها الى فترات مختلفة ضاربة في الماضي السحيق. وأهمية هذه المعالم تنبع من الدور التاريخي للمتوسط الذي شكل على مر التاريخ مهدا حضاريا مهما لا يمكن ان يختلف فيه اثنان. والمدن العتيقة التي تتوسط أغلب عواصم بلدان حوض المتوسط ومدنها الكبرى (نذكر في تونس مثلا تونسوصفاقس وسوسة وقفصة الخ...) هي القلب النابض بالحياة وهي منارة هذه البلدان الحضارية والحضرية والعمرانية والثقافية. وعلى هذه الأهمية التي تشكلها هذه المراكز الحضرية فإنها تتعرض الى اعتداءات متكررة وذلك جرّاء انتشار البنايات الحديثة حولها وهو أمر قد يشوهها ويمحو هويتها وتاريخها. إن المجهودات التي تبذل هنا وهناك في مختلف بلدان حوض المتوسط لصيانة هذه المعالم والمواقع والمحافظة عليها تبقى ناقصة ما لم تراع سياسات الصيانة الطابع المعماري لهذه المدن واحترام خصوصياتها الحضرية والحضارية والتاريخية اعتبارا من أن هذه المدن ليست فلكلورا سياحيا فقط يسمح للسياح بتصويرها والتجول فيها وانما هي شواهد على الحضارات التي تعاقبت على هذه البلدان وهي بالتالي جزء مهم من هويتها. وقد تبقى سياسات صيانة هذه المراكز غير كافية اذا اقتصرت على الموازنات العامة ولم تشرك المستثمرين الخواص الذين يجب ان يكون لهم هم الآخرون دور مهم في ترميم هذه المعالم وصيانتها وفي ذلك حفظ لتراث هو ملك للجميع وهو عنوان هوية وتاريخ كان لابد لنا من ان نحفظه ونتعهده حتى لا يندثر ويتلاشى. الانحراف النسوي : دوافعه النفسية وعوامله المجتمعية هادية العود البهلول دار محمد علي للنشر 2010 تقول فقرة في نص وارد على صفحة الغلاف الخلفية «..فانطلاقا من نتائج بحث ميداني قامت به المؤلفة مع عينة ممن سبق إدانتهن. حاولت هذه الدراسة فهم مختلف أبعاد هذه الظاهرة والبحث عن وسائل عملية للتخفيف من حدتها واعادة هؤلاء المنحرفات الى الاندماج ثانية في المجتمع...» أما الكتاب في حد ذاته فهو يشتمل على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة عامة واقتراحات وتوصيات وفهرس المراجع وفهرس الجداول. المقدمة تحدثت عن ملازمة الانحراف للمجتمعات الانسانية منذ وجودها وذكرت أن الظاهرة لها جذورها وأبعادها في عمق المجتمع... وذكرت ان ظاهرة الانحراف وخاصة النسوي لم تحظ باهتمام كاف وقدمت المقدمة ملامح المقاربة الاحصائية التي أجرتها الباحثة للانحراف النسوي وذكرت «ان الانحراف هو دائما نتيجة تفاعل بين العوامل الفردية والعوامل الاجتماعية المحيطة بالفرد...» الباب الاول من الدراسة خصصته الباحثة للإطار المنهجي والطرح النظري وقد قدم المبحث الاول فيه «فكرة البحث ومنهجيته وأهدافه وفرضياته الرئيسية وحدّ المبحث الثاني فيه معاني المفاهيم والمصطلحات العلمية المتداولة في البحث وتحدث عن «الاجرام ظاهرة طبيعية شاملة ومتغيرة، واعتنى المبحث الثالث في هذا الباب بأهم المدارس والنظريات التي تناولت ظاهرة «الجريمة». فتحدث عن «تطور مفهوم الجريمة عبر التاريخ وأتى على الاتجاهات النظرية وظاهرة الانحراف الاجرامي عند المرأة. والمبحث الرابع والاخير تطرق الى تاريخ الانحراف الاجرامي عند المرأة في تونس وعرض لدراسات سابقة حول الموضوع. الباب الثاني في الدراسة قدمت فيه الباحثة بحثا احصائيا حول «جرائم الاناث في تونس» وقد قدم مبحثه الاول الخصائص الديمغرافية والاجتماعية للمجتمع التونسي ودرس مبحثه الثاني ظاهرة الانحراف الاجرامي النسوي في تونس من خلال بعض الاحصائيات الرسمية فقدم بحثا احصائيا لظاهرة اجرام الاطفال الإناث في تونس وأجرى مقارنة تقريبية حول تطور الانحراف الاجرامي لدى المرأة وقدم طرحا احصائيا معاصرا لظاهرة الجنوح عند الاناث. أما الباب الثالث والاخير فقد خصصته الباحثة لتقديم معطيات ميدانية حول «الانحراف الاجرامي عند المرأة في ولاية صفاقس» وقد تحدث مبحثه الاول عن المداخل الموضوعية كالمعطيات حول ولاية صفاقس والمدخل المنهجي للبحث الميداني وقدم المبحث الثاني جملة «المقابلات الرسمية غير المباشرة» التي أجرتها الباحثة مع خريجات السجن المدني بولاية صفاقس كالسير الذاتية لأفراد العينة المبحوثة وبيانات حول الحالة النفسية والاخلاقية للمبحوثات من خلال ملاحظة سلوكهن وردود أفعالهن اثناء المحاورات وقدم المبحث كذلك في جزئه الاول نتائج الزيارة التي أدتها الباحثة الى مبحوثتين في محل السكنى. وقدم المبحث كذلك معلومات حول المؤسسة السجنية بولاية صفاقس وأهم النتائج التي أسفرت عنها المقابلات غير الرسمية. أما المبحث الثالث والاخير من الباب الثالث فقد خصصته الباحثة الى استنتاجات وتحليل فتعرض للعوامل الدافعة الى الانحراف الاجرامي النسوي والعوامل الجاذبة لإجرام المرأة في جهة صفاقس وأهم العوامل الاجتماعية المؤدية الى عودة المرأة الى الاجرام من خلال عينة البحث.