ككل المهرجانات والتظاهرات الفنية التي يتضمن برنامجها مسابقات وجوائز، أثارت «ليلة المسرح التونسي»، التي انتظمت أمس الأول بالمسرح البلدي بالعاصمة، حفيظة البعض وإحتجاج البعض الآخر. الاحتجاجات شملت الجوانب التنظيمية، مثل توزيع الدعوات، حيث اشتكى الكثيرون من عدم تلقيهم دعوة لحضور التظاهرة على الرغم من أنهم من المنتمين للقطاع منذ عشرات السنين. تركيبة تركيبة لجنة التحكيم كانت نقطة آثارها العديد من من تحدثنا إليهم، والذين رأوا أن بعض عناصرها لا يملكون إما الكفاءة لتقييم الأعمال أو الإطلاع الكافي على الأعمال حتى يكون حكمهم موضوعيا. حول هذه النقطة بالذات، قال المسرحي منير العرقي متسائلا: «كيف يمكن للجنة لم يشاهد أعضاؤها الأعمال ان تقيم إنتاجات، هذا تجن على الابداع والجهد الذي قام به المبدعون». ويضيف منير العرقي سؤالا آخر: «كيف يمكن المقارنة بين مؤسسة مسرحية خاصة تعيش بل تجاهد من أجل البقاء، وبين هيكل مسرحي تابع للدولة وله كل الدعم والظروف الملائمة للعمل من فضاء وتجهيزات وميزانية سنوية إلى جانب الدعم على الانتاج والتوزيع مثل المركز الوطني لفن العرائس»؟ أما المسرحي عاطف بن حسين مخرج مسرحية «غلطة مطبعية»، فاكتفى بالقول: «هذه ليلة مسرح الجعايبي وعزالدين قنون»!! احتجاجات أصوات أخرى من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي تعالت تحتج على تهميشها وتهميش أعمالها التي لاقت ترحيبا من الجماهير ومن الاعلام، لكنها غيبت في «ليلة المسرح التونسي». مقابل هذه الاحتجاجات وهذا الغضب، فإنّ الاجماع حصل حول جائزة النقد التي تحصل عليها الزميل محمد مومن، وجائزة الركح الذهبي للمسيرة التي نالها الفنان القدير جميل الجودي. وبعيدا عن هذه المواقف الغاضبة، نتساءل بدورنا كيف يمكن أن نضع على محك التقويم أعمالا وهياكل لها كل الدعم المالي والاداري والاعلامي من الداخل والخارج، وأعمالا وهياكل أخرى تعمل في ظروف أقل ما يقول فيها إنها صعبة، هياكل تعمل في مناطق نائية، وتجارب رغم قيمتها الفنية لم يسمع بها أحد ولم تتمتع بأي دعم. أليس من التجني أن نقارن بين الفاضل الجعايبي كتجربة وكمؤسسة مسرحية تعمل منذ سنوات وجندت لها كل الطاقات البشرية والمادية، وبين هياكل وتجارب فنية، لم يشتد عودها بعد، أو هي تعمل وتعيش في ظروف غير جديرة بالفعل المسرحي. نقول هذا مع قناعتنا وإيماننا أنه ثمة تجارب مسرحية لا تقل قيمة فنية عن أعمال الجعايبي، ونستحضر هنا تجارب منير العرقي وسليم الصنهاجي وجعفر القاسمي والشاذلي العرفاوي وأنور الشعافي وصابر الحامي في صفاقس، وغيرهم. لكل ما سبق، نعتقد أنه من الضروري أن تفكر هيئة تنظيم هذه التظاهرة في مراجعة مقاييس التقويم وأن تعمل على تفادي النقائص التي برزت في هذه الليلة التي أثارت غضب الكثير من المسرحيين. ورغم كل ما قيل وسيقال، فإن «ليلة المسرح التونسي» مكسب للمسرحيين، وإضافة نوعية لقطاع الفن الرابع، نرجو أن تتواصل وإن تشع أكثر على المشهد المسرحي التونسي.