محمد محمود الغالي ولي صالح مقامه معروف بحومة أولاد عبد الله أو حومة الزعفرية بمعتمدية جبنيانة من ولاية صفاقس ترك مصنفات كثيرة طالها الاهمال والحرق ولم ينج منها إلا كتاب يتيم يعود الى حوالي 150 سنة خلت عن طريق أحد أحفاده وهو الأستاذ الجامعي بالمعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس السيد رضا غالي الذي التقته «الشروق» ليحدثنا عن الكتاب وأهميته. الكتاب قديم جدا ويعود تاريخ كتابته الى سنة 1273 هجريا وتتمثل أهميته في جماليته وفنه من ناحية فهو مكتوب بخط اليد وقد تمّ تسفيره يدويا اضافة الى محتواه القيم. الكتاب يمكن تصنيفه ضمن أدب التراسل فهو عبارة عن مجموعة من الرسائل المتبادلة بين الولي الصالح محمد محمود الغالي وشقيقه الولي الصالح في طبربة فيسأل هذا عن مسألة من المسائل الفقهية أو العلاجية أو الاجتماعية ليجيبه الآخر عنها والعكس صحيح في شبه مناظرة علمية ويروي الكتاب أحداثا تاريخية في ذاك العصر ويقدم وصفات علاجية لأنواع من الأمراض بطريقة مخصوصة أساسها المداواة بالقرآن والأعشاب، كما يقدم الكتاب مجموعة نصائح ودعوة الى الرجوع الى الدين القويم والتحلي بمكارم الأخلاق. ويضيف محدثنا بأن الكتاب قيم في محتواه وشكله كتب بخط مغربي جميل باستعمال القصبة والصمغ بلونين مغايرين الأسود والأحمر وذلك للتمييز بين حديث الولي الصالح وشقيقه وبين الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي خصّها الخطاط محمد بن محمود البش باللون الأحمر لإبرازها. قصةكتاب وعن كيفية وصول الكتاب إليه تحدث الأستاذ الجامعي بأن له معه قصة عجيبة فقد سبق لي أن رأيت الكتاب عند خالي واستعرته منه للقراءة فأعجبت بما احتواه واعتبرته كنزا عليّ الحصول عليه فعرضت على خالي مبلغ ألف وخمسمائة دينار للتفريط فيه إلا أنه أبى لعلمه بقيمته وأهميته ثم مرّت الأيام وتوفي خالي فجلبت أرملته الكتاب وأعطتنيه عن طيب خاطر لعلمها بقصتي وسعيي القديم للحصول عليه وقد تأسّفت لضياع مجموعة من الكتب القيمة تمّ حرقها لجهل صاحبها بأهميتها ولم ينج إلا هذا الكتاب وهو مثال على ضياع كنوز من المعلومات لم يقدرها أصحابها حقّ قدرها.