حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي الى جانب الأسئلة التي ترد علينا تباعا من السادة القرّاء هناك بعض الملاحظات التي يصرّ اصحابها على أن تصل الى «سي أحمد»... في هذه الرسالة التي وردت علينا من إطار بنكي تونسي (عالي) يقول صاحب الرسالة: أريد ان أضيف لركن مذكرات سياسي شيئا هاما يحسب على انجازات السيد أحمد بن صالح، لقد اقترن حصولي على السيزيام بتولي سي أحمد بن صالح وزارة التربية «القومية» وكان القرار الهام الذي اتخذه «سي بن صالح» في هذا المجال هو توجيه جميع التلاميذ المتحصلين على شهادة السيزيام الى التعليم الثانوي الطويل، وليس من هم أقل من 12 سنة الى الثانوي الطويل ومن هم فوق 12 سنة الى الثانوي القصير والحال ان المدارس الابتدائية لم تكن موجودة في الأرياف التونسية عند خروج الاستعمار الفرنسي من تونس. فلولا هذا القرار الهام الذي اتخذه بن صالح لما تحصلت أنا وأمثالي على شهائد جامعية.. قرأت نص الرسالة على مسامع «سي أحمد» فابتسم وقال: الحمد لله... ثم واصل القول: ذكّرتني الرسالة بقصة حدثت لي على متن الطائرة التابعة للخطوط الجوية التونسية، على الرحلة القادمة من جنيف الى تونس، وأنا راجع سنة 1988 ويوم 16 جوان، من المنفى.. وكان معي على متن الطائرة 16 شخصية أجنبية تنتمي الى عديد الجنسيات فكان فيكتور روتر وزوجته وهو شقيق «وولتر روتر» زعيم النقابات التقدمية الأمريكية (جماعة كيندي وهم من ساهم بفوزه في الانتخابات الرئاسية بفارق أصوات قليلة..) وكذلك «جوزيف كي زاربو» Ki-Zerbo من افريقيا و«مارك نيرفان» و«دي برنيس».. وغيرهم.. وكان معي على متن الطائرة عدد كبير من الشبان التونسيين أغلبهم من حركة الوحدة الشعبية جلست بمكاني المخصص لي على متن الطائرة وبعد لحظات من عملية الاقلاع خرج مساعد قائد الطائرة وجاءني ليقول لي: «سي أحمد» تفضل معنا في غرفة القيادة، فهناك مناظر جميلة يمكن ان تتمتّع بها من هناك..».. ذهبت معه فعلا، وظللت واقفا، وكان قائد الطائرة يحدّثني وهو يقود الطائرة ثم ما لبثت ان رجعت الى مكاني... وظننت ان الأمر انتهى. وإذا بقائد الطائرة يأتيني بنفسه ليقول لي: «يا سي احمد، لقد أحضرنا لك الى جانبنا بغرفة القيادة منضدة وقهوة وسيغار (يقول سي أحمد ان الحركة ذكّرتني بما كان يقوم به معي بورقيبة في الجلسات الثنائية) قلت له، ألا يقلقكم هذا الأمر؟ فقال: أبدا... وفعلا وجدت كل شيء جاهز، وكان يقود الطائرة ويتكلّم وقال لي: «يا سي أحمد، لو لم تكن أنت لما كنت أنا هنا..» فقلت له: كيف؟ قال: كنت متفوّقا في دراستي سنة الباكالوريا وكان حلمي طوال دراسة الثانوي ان التحق بمدرسة الطيران المدني لأصبح ما أنا عليه الآن.. ولكن لم أتمكّن من التسجيل، رغم معدّلي العالي في الباكالوريا... وقد وجدت من التلاميذ حاملي الباكالوريا من كان معدّله اقل منّي ووقع تسجيله... ولم يكن واحدا او اثنين بل أكثر... وما كان من جدّي الا ان تدبّر الامر بحيث أشير عليه ان أكتب رسالة الى الوزير بن صالح وكنت أنت في المالية، وكان الأمر كذلك... فسجّلوني في ما كنت أطلب من اختصاص... طبعا انا لم أكن لأذكر هذه القصة فقد كانت ترد عليّ الكثير من الرسائل وكنت أحاول ان أستجيب لما يمكن الاستجابة اليه.. وكان ان جاب بي قائد الطائرة سماء العاصمة قبل ان يحطّ بالطائرة التي يقودها والى الآن لا أعرف من هو هذا القائد الذي استقبلني أفضل استقبال... وهنا واصل «سي أحمد» حديثه عن موعد الرجوع من المنفى، وكيف جاءت الجماهير التي تجمّعت في ساحة بالمكنين من المنستير ومن قصر هلال ومن جمّال وطبلبة وصيادة وغيرها من القرى والمدن المجاورة لمسقط رأسي. وعندما رجعت الى منزلي هذا بتونس، كان كل يوم وعلى طول النهار موجود بمنزلي هذا بين 15 الى 20 شخصا ممن يأتون للسلام.. هذا ما أجاب به «سي أحمد» عن الاستقبال الذي حظي به في المكنين وهل ان الذين جاؤوا لاستقباله في المكنين هم من البلدة فقط أم من جهات أخرى كذلك. فإلى حلقة أخرى وفيها أجوبة «سي أحمد» عن استفساراتكم وتساؤلاتكم..