سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
منجز مشروع تثمين فضلات الخضر والغلال لانتاج الغاز العضوي وتحويلها الى كهرباء ل «الشروق»: سُعدنا بزيارة رئيس الدولة... ولنا أفكار مجددة أخرى لمزيد إفادة مجالي الطاقة البديلة والبيئة النظيفة
دشّن رئيس الدولة أمس وحدة صناعية لتوليد الكهرباء المتأتي من الغاز العضوي المستخرج من فضلات الخضر والغلال لسوق الجملة والأسواق المجاورة، وكان التدشين فرصة لابراز الدعم الرئاسي للمشاريع المجدّدة والهادفة الى انتاج طاقة بديلة نظيفة وحرص سيادته على تشجيع المبادرين في هذه المجالات الحيوية بحكم ما هو مطروح من تحديات بيئيّة وطاقية. «الشروق» التقت السيّد علي الكنزاري منجز ومنفّذ هذا المشروع الذي يُعتبرُ الأوّل على الصعيد الاقليمي والافريقي، فكان هذا الحديث... ما هي منطلقات وأسس هذا المشروع الصناعي ؟ لا بدّ من الاشارة في البداية الى أنّ هذا المشروع هو امتداد لما توصلت اليه تونس بهدي من سيادة الرئيس زين العابدين بن علي منذ التحول المبارك في مجال المحافظة على البيئة وتحسين نوعية الحياة والنهوض بالتكنولوجيات النظيفة وتطوير الطاقات المتجددة والحد من الانبعاثات الغازية، و هي التوجهات التي تدعمت بفضل ما أقره رئيس الدولة من برامج رائدة لبناء اقتصاد بمحتوى تكنولوجي رفيع صديق للبيئة مقتصد للطاقة ومجدد. بدأت الفكرة من دراسات أعدّتها وزارة البيئة والتنمية المستديمة والمؤسسات التابعة لها والتي كانت تهدف الى تثمين فضلات أسواق الجملة بالبلاد والتي تمثّل عبءا بيئيا لأنّ نفايات سوق الجملة بتونس مثلا والتي يبلغ حجمها اليوم حسب المواسم من 20 الى 40 طنا يوميّا تكلّف مصاريف باهظة للنقل والاتلاف تبلغ ما يناهز 300 ألف دينار سنويّا اضافة الى مخاطرها البيئية وتكاثف الفضلات وما تخلّفه من افرازات. ونظرا لما تمثّله هذه الفضلات وما تكتنزهُ من طاقات وقعت المبادرة بالتفكير في بعث وحدة صناعية لتثمين هذه الفضلات على مستوى سوق الجملة أوّلا على اعتباره السوق الأهم على مستوى الجمهورية كمشروع نموذجي قادر على بلوغ الأهداف المرصودة والمرجوّة والتي تتمثّل خاصة في: التخلّص من الفضلات بشكل غير مُكلّف ويُراعي الاهتمامات البيئية والنظافة. انتاج طاقة نظيفة لتغطية ما قيمته 70 % من حاجيات سوق الجملة أي ما يُناهز أرباح تساوي 200 ألف دينار سنويّا (قيمة استهلاك سوق الجملة من الكهرباء يوميا تساوي ألف دينار). انتاج السماد العضوي والبيولوجي بما يُناهز 60 ألف دينار سنويّا، ويُمكن استخدام هذا السماد من قبل الضيعات المجاورة وخصوصا منها ذات المنتوج البيولوجي. المساهمة في توفير مواطن شغل لعدد من اصحاب الشهائد العليا ومن كلّ المستويات. مع العلم أنّ الوحدة تحتوي على مخبر يقوم يوميا بتحاليل لفضلات الخضر وللسماد المستخرج وتشكيلة الغاز العضوي حسب المواصفات الدوليّة. وسيمكّننا هذا المشروع النموذجي من تمكين بلادنا لخبرة في ميدان جديد عبر النقل التكنولوجي وتوظيف التقنيات الحديثة التي تتلاءم مع التوجهات الدولية لحماية البيئة ودعم الطاقات النظيفة والبديلة وسيفتح الباب أمام آفاق ومشاريع أخرى وستكون بلادنا رائدة في مثل هذه المجالات التي لها أهمية اقتصادية وبيئية بالغة. كيف تقبلتم زيارة رئيس الدولة وتدشينه بنفسه انطلاق هذا المشروع؟ سُعدنا بهذه الزيارة الرئاسيّة السامية التي أكّدت حرص سيادة رئيس الدولة على دعمه المتواصل للمبادرات والمشاريع المجدّدة وذات القيمة المضافة ووقوفه شخصيّا على عملية بدء التشغيل وهذه الحركة نعتزّ بها وهي ليست غريبة عن رئيس الدولة الّذي ما فتئ يحفّز كلّ ما من شأنه ان يُعطي الدليل على قدرات التونسيين في المجالات الحديثة والمتطوّرة. وقد تلقينا من سيادة رئيس الدولة أكبر دعم وتشجيع بهذه الالتفاتة التي تتجاوزني شخصيا ومشروعي لتشمل كلّ أصحاب الأفكار والمبادرات المجدّدة خاصة في مثل هذه الظرفية التي تتطلّب توفير كلّ الآليات والوسائل القادرة على مزيد تطوير بلادنا ومنحها فرصا لمغالبة التحديات خاصة الطاقية والبيئيّة. المشروع كان في اطار صفقة عموميّة...كيف كان التنسيق بين القطاعين العام والخاص في الانجاز والتنفيذ؟ حدث تعاون كبير مع القطاع العمومي عبر مساندة ومواكبة جميع مراحل المشروع ونحن نذكر هنا المجهودات التي بذلها السيّد وزير البيئة من أجل انجاز هذا المشروع في آجال فاقت بكثير الآجال المحدّدة حيث تمّ انتهاء الانجاز في ظرف شهرين بعد أن كان محدّدا الانتهاء منه في ظرف 8 أشهر. والمشروع هو مناقصة تم انجازها من قبل شركة نظم الطاقة الشمسية بالتعاون مع شركة ألمانية وبلغت كلفة انجازه مليارين و500 ألف دينار وبعملية حسابية فانّ كلفة انجاز هذا المشروع ستتمّ استعادتها في ظرف 5 سنوات (مدّة رجوع الاستثمار). وهناك تفكير من الآن في المرحلة الثانية من المشروع وهي استغلال الغازات المنبعثة من مولّد الكهرباء التي تبلغ حرارتها 500 درجة مائوية والتي تمكّن في حال تثمينها من توفير طاقات للتبريد الذي يحتاجه سوق الجملة وهذا من شأنه أن يحسّن من انتاجية المشروع وتكون الانتاجية حينها كاملة. خالد الحداد ملخص عن المشروع يعتمد هذا المشروع تكنولوجيا متطورة تتمثل في سلسلة من العمليات التحويلية تتبع المراحل التالية : - شحن بقايا الخضر والغلال وتفريغها في حاوية . - نقل هذه المواد عبر لولب متحرك يتصل بجهاز يتولى هضم هذه المواد العضوية الغنية بالبكتيريا ثم تعبئتها. - يقع خلط المواد السائلة و الصلبة في خزان حيث تتولد البكتيريا التي تمتص هذه المواد . - ثم يتم تسخين هذه المواد لتصل الى ما يعادل 38 درجة مائوية عبر المحول الحراري فتحصل التفاعلات المولدة للغاز العضوي . تتشكّل التركيبة الأساسية لهذا الغاز العضوي من: (CH4) Méthane - ثاني أوكسيد الكربون (CO2) - الماء (H2O) - يتخلص الغاز من الماء عند عبوره بهذا الأنبوب ثم يتم شحنه في خزان سعته 350 مترا مكعبا حيث يقع رفع نسبة ضغط الغاز من 3 ميليبار (وحدة ضغط) الى 150 ميليبارا (وحدة ضغط). وبعد التخفيض في درجة الحرارة، يدفع الغاز الى محرك لتوليد الكهرباء قوته 330 كيلوواط و تبلغ طاقته الانتاجية الجملية ما يقارب 2000 ميغاوات ساعة تبلغ قيمتها 200 الف دينار وهو ما يغطي حاجيات الشركة التونسية لسوق الجملة من الكهرباء بنسبة 70 %، هذه الطاقة المتولدة يقع ايصالها في آخر المطاف الى الشبكة الوطنية للكهرباء. ومن خلال هذه التكنولوجيا المتطورة التي تديرها كفاءات تونسية، سنتمكن من تحقيق جملة من الأهداف من بينها الحد من تلوث البيئة، وانتاج طاقة جديدة ومتجددة وتنويع مصادر الطاقة انطلاقا من فضلات مواد فلاحية مع تفادي تكاليف نقلها الى المصب و اتلافها. وهكذا كما يقول المثل : «كل شيء يتحول و لا شيء يُصنع».