أثناء زيارته الى قطاع غزة... واثر وقوفه على حجم الدمار الذي خلّفه العدوان العسكري الصهيوني على القطاع، وكذلك على حجم معاناة مليون ونصف المليون يحرمون من أبسط ضروريات الحياة، لم يتمالك أمين عام جامعة الدول العربية... ونعى بنبرة حزينة مسار السلام... وأكد ما كان قد قاله في السابق من أن المبادرة العربية لن تبقى مطروحة على الطاولة الى ما لا نهاية... وأن اليد العربية الممدودة للسلام لن تبقى ممدودة الى الأبد... وخلص الى أن العرب وفي حال لم يتحقق اختراق هائل من هنا الى شهر سبتمبر القادم سيعيدون الملف برمته الى مجلس الأمن لينظر ما يرى فيه... السيد عمرو موسى،وهو يجلس على رأس أكبر هرم هيكل عربي للعمل العربي المشترك، يدرك جيد الادراك ان الاختراق الذي لم يتحقق منذ طرح المبادرة العربية في قمة بيروت (2002) اي قبل ثماني سنوات لن يتحقق في شهرين... كما يدرك أن الخلل هو في ضعف العرب وتشرذمهم وما يقابله من قوة مفرطة لإسرائيل بمعانيها العسكرية والسياسية وبمعاني الدعم الكامل الذي تحظى به من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية... وهو السبب الفعلي الذي يجعل الصهاينة يرفضون اليد العربية الممدودة للسلام ويتمادون في نهج الغي والغطرسة حتى وقد بات العرب يلوّحون عقب كل قمة عربية أو عقب كل ملمّة تصيب الشعب الفلسطيني بأن مبادرتهم لن تبقى مطروحة على الطاولة الى ما لا نهاية... يدرك الصهاينة قبل غيرهم ماهية الخلل الذي يطبع الاداء العربي بخصوص عملية السلام... ويدركون أيضا ان السلام هو استمرار للحرب لكن بوسائل وأساليب أخرى.. وأن التفاوض بالتالي هو انعكاس لموازين القوى على الميدان، وان من لا يملك حدا أدنى من مقومات القوة بمعانيها الشاملة لن يكون بإمكانه تأمين سلام مشرّف على طاولة التفاوض. لذلك تمعن اسرائيل في الغطرسة والعدوان وفي النزول بسقف الحقوق الفلسطينية والعربية (سوريا ولبنان) كلما أمعن النظام الرسمي العربي في توسّل السلام واستجدائه... بسبب يقين قادة تل أبيب بأن العرب لا يملكون إلا سلة واحدة، هي سلة «السلام» وضعوا فيها كل بيضهم... وانه ليس بإمكانهم بلورة خيارات بديلة طالما أنهم منقسمون، متشرذمون، نائمون بالشكل الذي نرى ويرى الصهاينة... لذلك فإن تلويح السيد عمرو موسى بإعادة الملف برمته الى مجلس الأمن لن يكون أكثر من صرخة في وادي... لأن اسرائيل كيان يقع فوق القانون الدولي وعلى هامش الأعراف الدولية والقيم الكونية.. ولأنها كيان ذاق طعم القاء قرارات الشرعية الدولية في سلات المهملات والافلات من أية مساءلة او تتبع او عقاب... والاولى طالما ان العرب سيجتمعون في قمّة طارئة (ان كتب لها ان تعقد) في سبتمبر القادم هو أن يقفوا أمام المرآة ويصارحوا أنفسهم ليقفوا على مواطن الخلل في النظام الرسمي العربي وفي قيم مثل التضامن العربي والعمل العربي المشترك... وليرسموا لأنفسهم خارطة طريق تفعّل هذه القيم ولو في حدودها الدنيا وتجمع العرب حول بدائل وخيارات ممكنة التنفيذ... وسوف يكون مثل هذا التمشي كفيلا بإرسال الرسائل اللازمة في اتجاه كل العالم... وستدرك اسرائيل وأمريكا وقتها أن المبادرة العربية للسلام هي فرصة للجميع وأنها فرصة قد لا تتكرر... وعندها سوف نعفي أمين عام جامعة العرب من ترديد كلام بلا معنى من قبيل اعادة الملف الى مجلس الأمن... وهو عبارة عن شاهد زور منذ زرع الكيان الصهيوني في فلسطينالمحتلة... وغيرها سوف نعطي لأهلنا في القطاع وفي الضفة أملا حقيقيا بقرب ساعة الخلاص من الاحتلال الذي يسبب كل هذه الدمارات من حصار وقهر وحرمان من نسمات الحرية والانعتاق.