الاحداث تؤكد يوما بعد آخر عمق المأزق الذي تردى فيه الحلف الاطلسي في أفغانستان . وهي تؤكد كذلك عجز القادة الأطلسيين ، السياسيين منهم والعسكريين عن استخلاص ما ينبغي استخلاصه من عبر من الاحتلال الاطلسي لأفغانستان، وهو اللا مستقبل لهذا الاحتلال في ذلك البلد . وتكشف تصريحات القيادات الاطلسية السياسية والعسكرية، سواء الاوروبية منها او الامريكية، مدى التخبّط الذي يعرفه الاحتلال الاطلسي لافغانستان . فقد بلغ عدد القتلى من الجنود الاطلسيين معدلات لم يبلغها من قبل . كما نجحت المقاومة الافغانية في ان تفشل كل الاستراتيجيات الاطلسية، سواء كانت طويلة ام قصيرة المدى، بشكل هزّ الاستراتيجية الاطلسية في افغانستان، إذا كان بالامكان الاستمرار في الحديث عن استراتيجية أطلسية وخاصة أمريكية ، للحرب والاحتلال في ذلك البلد (بعد ان اقتصرت استراتيجية الشركاء الأوروبيين على ايجاد المخارج الآمنة لقواتها من أفغانستان). فقد بعثرت طالبان كل الأوراق الغربية هناك ورفضت كل عروض التفاهم والتسويات. فطالبان تدرك حجم المازق الذي يعيشه الوجود الاطلسي في أفغانستان . وتدرك أيضا ان أي تسوية مع الاحتلال تهدف بالأساس الى تعويض حكومة قرضاي بحكومة «طالبانية» تنجز ما فشلت حكومة قرضاي في القيام به، حتى الآن، وهو تأمين الهدوء، الذي يمكّن من اطالة أمد الاحتلال الأمريكي الاطلسي لأفغانستان ... لا يبقى أمام الأمريكيين، إذن، إما الاعتراف بالهزيمة والانسحاب، او التصعيد والهروب الى الامام. فقد بات واضحا انه لن يكون بإمكانهم تحقيق أي نصر في أفغانستان. وهذه الحقيقة ليست ظرفية ترتبط بمرحلة مدّ، قد تكون حركة طالبان تمر بها، ولكنها حقيقة ترتبط بطبيعة الشعب الأفغاني الذي لم تنجح أي قوة احتلال في ترويضه. ولن يكون أمام الأمريكيين، في ضوء صعوبة الاعتراف بالهزيمة والانسحاب، إلا الهروب الى الأمام طبقا لما أعلنه أحد القادة العسكريين ، الذي أشار الى أنه لن يكون على القوات الأمريكية ان تراعي الكثير من الضوابط في حربها ، بما يؤشر الى امكانية الاستهداف الواسع للمدنيين كعقاب جماعي لهم، لإرهابهم ودفعهم للتخلي عن طالبان... وبما يؤكد أيضا انه ليس أمام الاحتلال إلا المزيد من التصعيد والاستمرار في ارتكاب الجرائم في حق المدنيين الأفغان.