عندما نتحدث عن أول لاعب عربي حمل شارة القيادة في فريق ألماني، لا نفكّر طويلا لنستحضر الموهبة التونسية النادرة زبير بية ليضيف الى سجله لقبا شرفيا آخر عندما أختير من بين أفضل 11 لاعبا لعبوا في نادي فرايبورغ على مدى قرن من تأسيس هذا النادي... هو لاعب من بين قلة من اللاعبين الذين حصلوا على إعجاب الجميع تألق مع النجم الساحلي وأختير كأفضل لاعب تونسي سنة 1995 شارك مع المنتخب التونسي في كأسي العالم 1998 و2002 ، موهبة نادرة بأهداف بقيت في ذهن كل من يعشق الكرة الجميلة. ليت اشباه لاعبي اليوم يتعلّمون من هؤلاء، ففي الليلة الظلماء يفتقد البدر حيث خاض 71 مباراة وسجل 16 هدفا وهو مثال في الوفاء عندما عاد لينهي مسيرته في مساكن حيث ولد في 15 ماي 1971 تألقه استمر في مهمة التحليل الفني من الأم «بي.بي.سي» الى «أي.ار.تي» وصولا الى دبي الرياضية اليوم.. لاعب بخبرة زبير بية في الملاعب الأوروبية قد يكون أفضل من يحدثنا عن المونديال. ٭ في البداية نريد ان نعرف المنتخب الذي تشجعه في المونديال؟ عندما انطلق المونديال كنت أشجّع المنتخب الارجنتيني ثم بانسحاب الارجنتين أصبحت أتعاطف مع إسبانيا وفي اعتقادي يبدو هذا المنتخب الأكثر جاهزية وقدرة على احراز اللقب العالمي. ٭ ماهي أبرز الملاحظات التي طالعتك في هذا المونديال؟ مونديال غريب بما في الكلمة للمعنى بداية من المستوى الباهت للنجوم الكبار والأخطاء التحكيمية الفادحة وسقوط أقوى المنتخبات لكن هذا المونديال رسخ منطق الكرة انها تلعب على الميدان وتعطي حق المجتهد ولا تعترف بالتكهنات المسبقة. ٭ وما هو حكمك على المستوى الفني العام لهذه الدورة؟ مستوى فني متواضع بشهادة الجميع، لأن الارهاق الذي اصاب اللاعبين طيلة المنافسات في أوروبا على مدى موسم كامل منعهم من تقديم أفضل ما لديهم في هذا المونديال. ٭ ما هي المنتخبات التي لفتت انتباهك في هذا المونديال؟ يمكن ان أتحدث عن التألق غير المنتظر لبعض المنتخبات وأتحدث هنا عن غانا والأوروغواي والباراغواي اما مستوى بقية المنتخبات فلم يفاجئني فمثلا المنتخب الهولندي لم يقنع الا في مباراة واحدة مع البرازيل لكنه وجد نفسه في الدور النهائي... الملاحظة الأخرى تتمثل في النزعة الجديدة للكرة الألمانية بنفس هجومي بحت يفضي الى وجود 7 لاعبين في الخط الأمامي في الحالة الهجومية وهذا أسلوب جديد لم نتعود به في الكرة الألمانية وقد دفعت ألمانيا ثمن هذه النزعة الجديدة في مباراة إسبانيا رغم اجتهاد مسعود أوزيل ومحاولة العودة الى منظومة اللعب الدفاعي الواقعي في مباراة نصف النهائي. ٭ بمناسبة حديثنا عن الارجنتين، هل يتحمل مارادونا مسؤولية ذلك الانسحاب المذل؟ مارادونا يتحمل جزءا من المسؤولية، تتمثل في تعويله على بعض اللاعبين المصابين مثل والتر صامويل ولم يحاول ادخال بعض التغييرات في دفاع التانغو الثقيل والضعيف، لكن مسؤولية مارادونا تكمن في كونه بحث عن نجومية شخصية ومجد جديد له من خلال فرض خياراته الفنية والاطناب في اللعب على العواطف بدل البحث عن تكتيك جديد لتوظيف لاعبيه كما ان اللاعبين يتحملون البعض من المسؤولية لأن ما حصل في مباراة ألمانيا والارجنتين لا دخل للمدرب فيه عندما تكبل الارجل بمثل تلك الطريقة... صدمة أخرى اصابت الجميع بخروج البرازيل الذي بالنسبة لي هو المنتخب الأقوى والأفضل. ٭ كيف تفسّر سيطرة أوروبا على الكرة العالمية حيث سيجمع الدور النهائي لكأس العالم للمرة الثانية على التوالي، منتخبين من أوروبا؟ في البداية كانت السيطرة لأمريكا اللاتينية حيث ترشحت المنتخبات الخمسة الى الدور ثمن النهائي ونعني الأوروغواي والباراغواي والارجنتين والبرازيل والشيلي لكن الانقلاب حصل منذ الدور النهائي بفضل القوة الذهنية للأوروبيين ونفسهم الطويل وحنكة مدربيهم ولاحظنا، كيف وقف مارادونا عاجزا أمام مدرب ألمانيا يواكيم لون وكيف اعلن دونغا «استسلامه» في مواجهة المدرب الخبيث لهولندا في الدور ربع النهائي وخاصة في الشوط الثاني من المباراة عندما غيّرت اللمسات الفنية لهذا المدرب مجريات اللقاء. ٭ كيف تحكم على مشاركة المنتخب الجزائري؟ وهل يجوز الحديث عن «انسحاب مشرف» ان صحت العبارة؟ عبارة «انسحاب مشرف» غير مقبولة لأنها تجمع في طياتها بين المتناقضات فكيف للانسحاب ان يكون مشرّفا؟ المشكلة أننا نحن العرب نقيس الأمور بميزان العاطفة بعيدا عن رجاحة العقل فالمنتخب الجزائري قدم مردودا متواضعا وهذا منطقي ذهب ليشارك في المونديال من دون حارس مرمى ومن دون مهاجمين ثم ان هذا المنتخب قليل الخبرة لم يتجاوز عمره العامين وقد قالها محمد روراوة قبل المونديال: قمنا بما هو مطلوب منّا بترشحنا من هنا نفهم انه لا يمكننا ان نطلب المزيد من هذا المنتخب فقط على الجزائريين ان ينظروا للمستقبل بتفاؤل. ٭ وما هو تقييمك للمشاركة الافريقية بصفة عامة؟ افريقيا شاركت بستة منتخبات وقد أهدرت فرصة تاريخية في لعب الأدوار الأولى لهذا المونديال رغم انني شخصيا كنت أرشح غانا والكوت ديفوار للبروز في حين كنت أعلم ان بقية المنتخبات غير جاهزة لهذا الحدث ومنها من لا يستحق الترشح أصلا... بالنسبة للكوت ديفوار كانت ضحية القرعة القاسية حيث جاءت للمرة الثانية على التوالي في مجموعة «الموت» أما غانا فكان تألقها منطقيا بفضل فوزها بكأس العالم للشباب 2009 وبلوغ نهائي الكان 2010 في أنغولا هذا المنتخب متكامل الصفوف يقوده مدرب محنّك لكن مشكلة هذا المنتخب قلة المهاجمين فلو كان لديهم مثلا دروغبا لأمكنهم النجاح، ولا ننسى عوامل أخرى مثل قلة الخبرة والإفراط في الثقة.