حذّر الأمين العام لجامعة الدول العربية من مخاطر الانتقال الى المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين في ضوء عدم التوصل الى نتائج على مستوى المفاوضات غير المباشرة، متخوّفا من «العودة الى إدارة الأزمة على حساب حل الأزمة» نفسها، حسب قوله. وفي حقيقة الأمر، فإن ما يحدث هو «إدارة للأزمة» بمبادرة من إسرائيل وعلى مرأى ومسمع من جامعة الدول العربية، ومن الدول العربية نفسها، ومن الأممالمتحدة ومجلس أمنها وإسرائيل تتعمّد «إدارة الأزمة» في محاولة منها للإيحاء بوجود حركية، وبالتالي آفاق لهذه الحركية وحل للصراع نفسه وهي لا تتوجه بهذا الايحاء للعرب، فهي تعرف حقيقة ضعفهم وتشتت موقفهم ولكنها تتوجه بذلك للرأي العام الغربي الذي انتفض ضد مواقفها وبات حسّاسا لما ترتكبه من جرائم في حق الفلسطينيين. وهي تستعمل ستار المفاوضات لمواصلة فرض الأمر الواقع على الارض، فقد أسرعت اسرائيل في وتيرة الاستيطان وتهويد القدس، مستهدفة رمزية المدينة ومكانتها لدى الفلسطينيين وبقية العرب المسلمين. وأحكمت سيطرتها على الضفة الغربية، عبر ما يُعرف بالتنسيق الأمني كما واصلت حصار غزّة المتمردة والرافضة لسياسة الأمر الواقع تلك. وكل ما تقوم به من محاولات للدفع باتجاه المفاوضات غير المباشرة او المباشرة لا يعدو ان يكون سوى مغالطة وتسويق لوجه «مسالم» بما ان ما تقوم به حتى الآن لا يؤخّر برامجها ومخططاتها الاستراتيجية في شيء! واسرائيل حدّدت منذ البداية أهدافها وتعرف كيفية تنفيذ تلك الأهداف وهي في مساعيها للتحوّل الى المفاوضات المباشرة إنما تشير وفق ما تتطلبه تلك الأهداف وهي لا تحيد عن أهدافها تلك ابدا، معتمدة في ذلك على إحدى اثبت الثوابت في المنطقة وهي ضعف الموقف العربي وتردده. ومواقف جامعة الدول العربية هي في حقيقة الأمر واجهة ذلك الموقف ولذلك الضعف والتردد ألم يعلن الأمين العام للجامعة من دمشق وقبل اكثر من سنتين موت المبادرة العربية؟! ولكن وعلى الرغم من كل ذلك يواصل العرب إعطاء إسرائيل الفرصة تلو الأخرى ويرفضون الاقتناع بأن مسار التفاوض الحالي، بمثل شروط التفاوض الحالية، لن يؤدي الا الى ما تعيشه المنطقة الآن، من يأس وانسداد للآفاق. وذلك أحد أهداف «إدارة الأزمة» كما تمارسها إسرائيل.