٭ كتبها: عبد الحميد الرياحي يقول مثلنا العربي الشهير: لا ترم الناس بالحجارة إذا كان بيتك من زجاج... وهذا المثل ينطبق بالكامل على الإدارة الأمريكية عموما وعلى وزيرة الخارجية هيلاري كيلنتون تحديدا... فهذه وتلك ما انفكّتا «تفتيان» بشأن أوضاع الحريات وحقوق الانسان عند باقي خلق الله... ولا تتوقفان عن ذرف دموع التماسيح بشأنها بموجب وبغير موجب.. بسبب وبغير سبب.. لعلة ظاهرة او لحسابات خفية بات كل متابع فطن يدركها ويدرك خلفياتها وغاياتها.. الإشكال الكبير ان الإدارة الأمريكية وهي توظّف ورقة الحريات وحقوق الإنسان للتدخل في الشؤون الداخلية للدول ومحاولة التأثير في سياساتها باتجاه تدجينها واحتوائها تنسى واقع هذه القيم في عقر دارها.. وتنسى ما تتعرض له الحريات وحقوق الانسان على الأراضي الأمريكية من تجاوزات فظيعة... لتكون بذلك أشبه بالجمل الذي يرى حدب الآخرين ويستهجنها وينسى أن له حدبة هو أيضا... وأنه كان عليه أن يتمثلها ويستحضرها قبل التندّر بالآخرين... وحتى قبل التندر بمن لا يملكون أصلا هذه الحدبة. والأمثلة عديدة وسنتوقف عند ثلاثة منها شهدتها الأسابيع القليلة الماضية: إقالة عميدة الصحفيين المعتمدين في البيت الأبيض(هيلين توماس) على خلفية تصريحات مناوئة لإسرائيل وهو ما يمثل ضربة قاصمة لحرية التفكير والتعبير... وتعسفا مفضوحا في حق حرية الصحافة. طرد رئيسة قسم الشرق الأوسط في شبكة «سي.آن.آن» بسبب ملاحظة كتبتها في موقع «تويتر» على الانترنات ضمنتها إعجابها بالعلاّمة الراحل السيد محمد حسين فضل الله... ولنا ان نتخيّل ماذا كان يمكن ان يحدث لها لو أنها عبّرت عن رأيها في القناة وليس على موقع تويتر . الحكم 10 سنوات سجنا على المحامية لين ستيوارث والمختصة في حقوق الانسان بتهمة تسريب معلومات عن موكلها المتهم بالارهاب.. أين اختفى القلق الأمريكي إزاء هذه الانتهاكات والتجاوزات الفاضحة في حق الصحفيين والمدافعين عن حقوق الانسان؟ لماذا تعتقد الادارة الامريكية أن «أمنها القومي» خطّ أحمر وجب الذود عنه ولو بطرد الصحفيين وسجن المحامين وبالتعسف على حرية التعبير وعلى حرمة المحامي وتنكر هذه الحقوق على باقي خلق الله... بل ولماذا تقلق بشأن أشياء بسيطة لا تكاد تذكر قياسا بهذه الانتهاكات الخطيرة أو حتى بشأن أشياء تدرك أنها مفتعلة وتتناسى فظاعات من هذا العيار الثقيل». لماذا تسكت السيدة كلينتون ويدخل صوتها وضميرها في صيغة المستتر حين يتعلق الامر بتجاوزات أمريكية لحما ودما اقترفت بسبب ضغط اللوبي الصهيوني أو بسبب ما تسميه أمريكا أمنها القومي؟ لماذا تلوذ بازدواجية المكاييل والموازين حين يتعلق الامر حتى بمزاعم وادعاءات تخص هذه الدولة أو تلك؟ وأخيرا: لماذا لا تكنس الادارة الامريكية أمام بيتها قبل أن تتطلع الى واقع ديار الآخرين؟ ولماذا لا تقلق السيدة كلينتون بشأن واقع الحريات وحقوق الانسان في بلادها أولا... حتى يكون ل«قلقها» عن واقع هذه القيم في البلدان الأخرى شيئا من المصداقية؟