علمنا من مصادر موثوقة ان لجنة انعقدت في 8 جوان 2010 المنقضي لفائدة الصندوق الوطني للتأمين على المرض المتركبة من ممثلي عديد الأطراف المعنية والمتدخلة وتضم وزارتي الصحة العمومية والشؤون الاجتماعية والكنام ونقابة الأطباء والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة وذلك تبعا لتقارير صادرة عن لجان جهوية للصندوق بشأن النظر في ملفات تتضمن بعضا من التجاوزات لعدد محدود من أطباء القطاع الخاص، وقد قررت انهاء او الغاء العلاقة التعاقدية وقتيا لأحد عشر دكتورا في الطب العام من 5 ولايات تتوزع بين 2 من ولاية المنستير وآخر بولاية المهدية و1 من ولاية صفاقس ومثله بولاية سوسة، فيما كان الستة الباقون من ولاية بنزرت، حيث تم استبعاد طبيبين لمدة سنة ومثلهما ستة أشهر، وثلاثة أشهر للاثنين الباقيين، ابتداء من غرة أوت تاريخ تفعيل هذه القرارات وقامت مراكز الكنام بمراسلة واعلام منخرطيها المسجلين لدى هؤلاء الأطباء باختيار غيرهم قبل الأجل المحدد ضمانا لحسن سير ونجاعة التعامل والتداوي. وتتمثل أغلب هذه المخالفات في تجاوز السقف المالي المحدد للمنضوين ضمن منظومة طب العائلة، وهذا الفارق يتحمّله المنخرط طبعا في حين انه لم يخضع الى كمّ هذه الكشوفات التي بلغ بعضها ما يقارب 1700 دينار قبل نهاية السنة بعدة أشهر. وقد استقينا احدى العينات لسيدة أم لبنتين (زوجها يعيش خارج أرض الوطن) التي علقت بعد علمها بالمستجدات التي حصلت معها في مرارة تشوبها السخرية: «على هذا الأساس كنتُ أسكن لديه بالعيادة!..» مثلما نجد من هؤلاء الأطباء من لا يتردد مرارا وتكرارا في ادراج معلوم علاج كافة أفراد العائلة دون أي حرج او احراج! فهل من المعقول والطبيعي أن يعالج الطبيب أبناءه وزوجته ووالديه بمقابل مالي، ولا يستثني أحدا ما دام «الكنام» متكفلا بالتسديد! 119 ألف دينار من «الكنام» لطبيب واحد في 6 أشهر! علمنا ايضا في نفس السياق أن أحد الأطباء ممن توجد عيادته في مدينة صغيرة جدا بولاية بنزرت، استخلص 119 ألف دينار من «الكنام» في غضون ستة أشهر لا غير... وأن زميلا له بمدينة مجاورة تضاهيها في عدد المتساكنين أو أقل، كان نصيبه لنفس الفترة 96 ألف دينار! وهي حالات من الصعب ان يستوعبها العقل والمنطق بمختلف المقاييس، اذ أثبتت التحريات من طرف المختصين لدى الهيكل المتكفل بتسديد فواتير العلاج ان النية المسبقة في ضرورة جمع قيمة معينة من عشرات آلاف الدنانير شهريا لغايات ومصالح شخصية تجعله يحشر بصفة متكررة جل من يتعامل معه من منخرطي «الكنام» ويرتبط به طبيا في اطار تلك المنظومة ضمن قائمة اسمية طويلة دون علم المنتفعين بما يجري في حقهم من جُرم على حد تعبير كلا الطرفين المتضرريْن! المنخرط أولا..والصندوق ثانيا. بروتوكول» جديد قريبا لمزيد التنظيم وتلافي الثغرات! تعددت التجاوزات حسب تأكيد مصادرنا بما في ذلك فضلا عن المعلوم منها تلك التي لا يمكن حسمها حاليا حتى يثبت الدليل القاطع... وعموما فإن مثل هذه الحالات يمكن اعتبارها شاذة عن الرسالة السامية التي يتضمنها القطاع بدليل محدودية ونوعية العدد على المستوى الوطني.. ورغم ان بنزرت تحتوي الرقم الأعلى، فإن ذلك يُحسب لفائدة مركز «الكنام» بها، اذا اعتمدنا الموضوعية على خلفية دقة وصرامة متابعة الملفات في مثل هذه العمليات لأن الموضوع يتعلق أساسا بأموال عمومية تهتم بالصحة العامة في مقام أول بما تستوعبه من سمو المبادئ ونبل الغايات.. كما بلغ الى علمنا اجراء مساع حميدة الى حل الاشكال وديا دون الالتجاء الى التقاضي رغم ان نقابة الأطباء تطالب بتطبيق القانون واحالة الموضوع أمام أنظار العدالة. مثلما يتم النظر بالتوازي بين كل الأطراف المتدخلة والفاعلة في هذا الملف المتداخل والمعقّد، الى تركيز «بروتوكول» يتم بموجبه مزيد التنظيم وتلافي الثغرات، الى جانب تحديد عديد الفحوصات الدورية والمرتبطة بالأمراض الثقيلة والمزمنة. عدوى «صبّوشي» من الطرائف المستجدة ونحن نناقش هذا الملف أن الشهائد الطبية التي كانت تُمنح للمجاملة او بأسعار رمزية لدى قلة من مثل هؤلاء الأطباء، قصد تبرير الغياب عن العمل او الدراسة أصبحت بدورها مضمّنة في قائمة الحساب بأجرة العيادة الطبية الملحقة بالمستحقات المفوترة ومن المواقف او التعليقات الطريفة ايضا والتي صار أحد المتضررين من الموظفين يُردّدها، لن أقاضي طبيبي الذي استغفلني، اذ يكفيني أنه كان يقف معي بالطّابور ليسأل مثلي.. «صبّوشي»!