يبقى يوم 11 سبتمبر من كل عام محطة للتوقف والتأمل في المشهد الدولي وإعادة طرح السؤال الكبير : هل أصبح العالم أكثر أمنا؟ وهل أدت حرب أمريكا على ما تسميه الارهاب الى تحجيم هذا الخطر أم أنها تسهم بسياساتها في تغذية هذه الآفة التي تتهدد الجميع؟ سوف لن نتوقف عند الجهة أو الجهات التي تقف وراء تفجيرات 11 سبتمبر الارهابية، فتلك مسألة موغلة في الغموض وفي التعقيد... لكنه بإمكاننا التوقف عند التوظيف الذي تم لهذه الأحداث وعند النتائج التي أفضى اليها. فكأن الادارة الأمريكية كانت تنتظر هذه الأحداث لإطلاق حملتها الكبرى على ما أصبحت تسميه الارهاب.. أو لكأن هذه الأحداث هبطت لها من السماء لتتلقفها وتركبها لتنفيذ أجندة كانت معلنة وفي خطوطها العريضة الهيمنة على العالم وإخضاعه ل«قرن أمريكي» أو حتى ل«ألفية أمريكية» خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بذلك الشكل الدراماتيكي وغياب قطب سياسي وعسكري واقتصادي مكتمل المعالم والملامح قد يعرقل هذا الجموح والاندفاع الأمريكيين للهيمنة على العالم. ولعل غزو العراق وأفغانستان شكّل العنوان الكبير للحرب الأمريكية على ما تسميه الارهاب.. وبالنظر الى المشهد العراقي والأفغاني فإنه بالإمكان الجزم بأن هذين البلدين اللذين حدّدا كميداني رماية واستعراض العضلات وقوة النار الأمريكية لترهيب باقي «ديكة» العالم. قد أصبحا ساحتين للفوضى ولانعدام الأمن ولغياب الدولة بما مكّن المتطرفين من كل الاتجاهات من أرضية خصبة للتكاثر والنمو والعبث بالأرواح والمكتسبات. عنوان آخر يمكن التوقف عنده كأحد العناوين البارزة لما يسمى حرب أمريكا على الارهاب ويمثله الكيان الصهيوني بكل غطرسة القوة التي يملكها وبكل الاصرار الذي يملكه على بسط احتلاله على كامل فلسطين بالتهويد والقهر والعسف والاذلال وبرفض الخضوع لقرارات الشرعية الدولية... هذا الكيان وبهذه المواصفات عيّنته أمريكا (إدارة بوش) شريكا في ما يسمّى الحرب على الارهاب ليصبح بالتالي تعمّد شارون دك مخيمات الفلسطينيين بالطائرات الحربية «دفاعا عن النفس» وتعبيرا عن «الشراكة» في ما يسمى الحرب على الارهاب. ووفق هذه العيّنات التي لا تنشر الا القتل والظلم والاحتقان في طريقها.. ووفق هذا المشهد الأمريكي الذي يرفض تغيير السياسات والأساليب لتتغيّر الصورة القذرة (للغطرسة الامريكية الصهيونية) فإن السؤال يبقى مطروحا برسم الادارة الامريكية : هل أصبح العالم أكثر أمنا؟ وكيف يمكن للعالم أن يصبح أكثر أمنا؟