❶ مازال في قلب وعقل عدنان الهلالي حبّ كثير لمدينة سبيطلة ورغبة شديدة في تحويلها إلى عالم الفن والإبداع... فعدنان الذي أضاف للمشهد الثقافي بهذه المنطقة وبعث عدة مغامرات ثقافية ارتقت بها إلى قلب المشهد الثقافي في البلاد، وجّه قلمه الشعري إلى مدينته وحاول تصويرها إبداعيا مثلما صوّر القدامى المدن الكبيرة... إنه يغامر مرّة أخرى ويطلق من سبيطلة شخصيات لها وجود حقيقي أو خيالي أو ذات قناع لتصير شخوصا يسهل رسوخها في الذاكرة وهي شخوص نابعة من الواقع اليومي وإن ارتدت أقنعة خيالية وفنية... وها هو بعد «فرطيطو» يعود بشخصية أخرى ينسبها إلى سبيطلة وهي شخصية «الزلباني». ❷ إنه الإصدار الثاني لعدنان الهلالي وقد حمل عنوان «زلباني» أو «غنائيات نيوفيطلة» وهو إصدار مشاكس في جنسه الأدبي وفي شخصياته وفي همساته... ❸ كتاب يضم خمسة نصوص: غنائية الغرباء / مرايا الزلباني / قنطرة / مزمار الزلباني / جنازة قط... هذه النصوص تروم أن تكون مسرحا غنائيا قصيرا يتداخل فيها السردي والشعري وتشارك فيها شخصيات مستوحاة من واقع سبيطلة سرعان ما يدرك القارئ أن الكاتب اختارها بدقة اختيارا مشاكسا يلامس الواقع ويخزه رغم إعلان الكاتب أن هذه الشخصيات خيالية ولا وجود لها... في الصفحة 19 قدم عدنان شخصياته كما يلي: زلباني: فتى مارد مستميت وكاسر فرطيطو: الذي هرّبوه على ظهر شاحنة بعد فتح المدينة فراش محاصر بوسطلة: حكيم معاصر سفسطيل: عازف نخرته المقامات يعزف فوق السطوح وتحت سقوف المعاصر جرجير: مستشرق أو زعيم جسور... سفيطلة: بنت جرجير (حسب الشهود) عمدة البلدة: باحث يكتب الشعر والفلسفة يعشق تشي قيفارا وناصر» إن هذه التعريفات تداخل فيها الواقعي والتاريخي حد التناقض وهي تحمل الكثير من الإشارات المتناقضة التي من شأنها رجّ القارئ... ❹ يستمر الحوار داخل النصوص ساخرا ومتوغلا في دنيا الهامشيين متجها حينا إلى الواقع السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي أو التاريخي... إنه حوار ثري بالإشارات الناقدة: زلباني: أراك بذيئا كرقصتك فوق حنك الرصيف فرطيطو: وأنت دنيء بلا ذاكرة زلباني: تقصد العرب الفاتحين فرطيطو: يا لك من هبل بربري يضحك الزلباني... يبتسم فرطيطو بكل احتراز يقتسمان رغيفا من الخبز في نشوة صامتة ناموسة (زغردت هزّها القمر البلدي...). ص: 23 و24 ❺ إنها مغامرة أخرى أقدم عليها عدنان احتفاء بسفيطلة ورغم ما في نصه من أشكال في التصنيف فكتابته بدت كتابة جديدة باحثة... فثمة بحث عن أساليب وفضاءات جديدة وثمة تجربة خاصة في المجال الأدبي يشقها هذا الكاتب وبدأت تتبلور بعد «فرطيطو» و«الزلباني».