انطلقت مساء الجمعة الماضي، بمدينة نفطة، بالجنوب التونسي، فعاليات الاحتفال بمائوية «مصطفى خريّف». وقد استهل الافتتاح بتدشين معرض وثائقي بروضة مصطفى خريّف، تضمّن صورا فوتوغرافية فردية وجماعية للمحتفى به، ومعاصريه، وخاصة «جماعة تحت السور»، بالاضافة الى مخطوطات (قصائد ورسائل بخط يده) وصور كاريكاتورية ومؤلّفات مصطفى خريّف،والمؤلّفات التي تناولته بالدرس كشاعر وكشخصية وطنية، لم نشاهد أغلبها بحكم أن القاعتين اللتين عرضت فيهما هذه المؤلّفات أغلقتا بمجرّد خروج السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث. انتقلنا مباشرة الى النزل حيث خصّصت قاعة مزوّقة كأحسن ما يكون في جانبها الايسر علّقت معلّقة كُتب عليها ما جاء في خطاب رئيس الدولة الذي ألقاه بمناسبة اليوم الوطني للثقافة والذي أذن سيادته خلاله بأن تكون سنة 2010 سنة الاحتفال بمائوية مصطفى خريّف. ودائما في الجانب الايسر للقاعة عند دخولها، تشد انتباهك صورتا الشاعرين أبي القاسم الشابي ومصطفى خريّف، المعروضتين بطريقة لا تخلو البتّة من الجمالية، فلكأنهما يتحادثان في تلك القاعة وهما جالسان في الصورتين. في الجانب الأيمن علّقت معلّقة أخرى خط عليها من شعر مصطفى خريّف ما يلي: «تلك الفراديس أهواها وساكنها ... وأفتديها على بعد وتفديني يا أهل ودّي إن غال الرحى جسدي ... ففي رطيب الثرى منها أعيدوني» ترميم الروضة والأعمال الكاملة لكن أبرز الانجازات التي لاحت في افتتاح المائوية هي ترميم روضة مصطفى خريف بمدينة نفطة، بالاضافة الى انجاز هام جدا يتمثل في اصدار الاعمال الكاملة لمصطفى خريّف وفي هذا الاطار قال السيد عبد الرؤوف الباسطي في كلمته التي ألقاها بالمناسبة: «لقد حرصت وزارة الثقافة والمحافظة على التراث على أن يكون برنامج الاحتفاء بالمائوية في مستوى حرص سيادة الرئيس على ردّ الاعتبار الى هذا الاديب فقمنا باعادة تهيئة روضته وترميمها، ونعمل على اصدار أعماله الكاملة، وهي أول مرّة تجمع فيها أعمال مصطفى خريّف كاملة وتحقق وتبوب تبويبا علميا بل إن بعض النصوص ظلّت مخطوطة الى اليوم، وستنشر لأول مرّة ضمن هذه الاعمال الكاملة...». وأوضح الوزير أن هذه الاعمال ستصدر ضمن سلسلة «أمّهات الكتب» حتى يبرز حجم عطاء «سيدي مصطفى» على حد تعبيره، وحتى يقدّموا للأجيال صورة متكاملة عن شخصية مصطفى خريّف الادبية والفكرية والابداعية والاعلامية. هذا الى جانب، والكلام للسيد عبد الرؤوف الباسطي، «ما سيحظى به أديبنا الكبير من معارض وندوات وملتقيات نقدية ستقام في مسقط رأسه وفي مختلف ولايات الجمهورية لتسليط الاضواء على انتاجه... وسيتضمّن البرنامج أيضا أمسيات شعرية حتى تكون مائوية خريّف كمائوية الشابي مناسبة لتكريم الشعر والشعراء في هذه الربوع الطيبة. «مواعدة» يؤكد هذه الربوع الطيّبة التي تحدّث عنها الوزير ينحدر منها أيضا رئيس اللجنة الوطنية للاحتفال بمائوية مصطفى خريف السيد محمد مواعدة الذي استهلّ الافتتاح الرسمي بكلمة أكّد فيها أن عمل اللجنة، عمل وطني وثقافي وفق أهداف رئيس الدولة مشددا مرارا على أن اعضاء اللجنة، كانوا يعملون ليلا نهارا، وبذلوا مجهودات كبيرة من أجل انجاح الاحتفال بالمائوية. كما أكّد السيد محمد مواعدة أن منطقة الجريد بالجنوب التونسي ككل ومدينة نفطة بخاصة هي منطقة ثقافة، وشكر بالمناسبة أبناء نفطة لمشاركتهم الفعّالة في هذه المائوية وقال إن العمل الجماعي، التشاركي هو ميزة التحضير لهذا الحديث الثقافي، وهو ما جرّه الى ربطه بشعار رئيس الدولة لهذه المرحلة، «معا لرفع التحديات»، محللا هذا الشعار بقوله إن مصطلح «معا» في هذا الشعار كان يمكن أن يكون «معي» أو «معكم»، لكن الحكمة من هذا المصطلح هي «المساواة بين الجميع»، على حدّ تعبيره، الشيء الذي رفع حرارة التصفيق داخل القاعة. كما تجدر الاشارة الى أن كلمتي وزير الثقافة والمحافظة على التراث ورئيس اللجنة الوطنية للاحتفال بالمائوية تلتهما كلمة السيد صلاح رمضان والي توزر، والشاعر «عبد الباقي خريّف» نيابة عن عائلة المحتفى به. سهرة شعرية حفل الافتتاح توّج بأمسية شعرية، أو بالاحرى سهرة شعرية تولى تنشيطها الشاعر «محمد الغزي» وألقى خلالها مجموعة من الشعراء قصائدهم الخاصة بهذه الاحتفالية ومن هؤلاء الشعراء نذكر الشاعر نورالدين صمّود والشاعر المنصف المزغني والشاعرة فوزية العلوي، والشاعر السيد التابعي، والشاعر منصف الوهايبي والشاعر جمال الصليعي، والشاعر الشعبي نجيب الذيبي الذي تفاعل معه الحضور كثيرا في خاتمة الأمسية الشعرية التي كانت مسك الختام ليلة أوّل أمس.