ما الذي بقي لننتظره.. بل من بقي ممّن بعثناهم نارا الى أثينا فكانوا رمادا.. ليكبر السؤال في أفواهنا هل اننا فشلنا حقا.. أم اننا منذ البدء كنا نغالط أنفسنا بالنفخ في امكانات هذا وذاك ونحن أكثر الناس إدراكا أن «البطل» عندنا مجرّد «كمبارس» في البطولات الحامية.. بداية ببطولة كرة القدم التي لا يمكن لها إلا أن تفرز «التفاهات» مرورا بالملاكمة التي يظنها بعضنا «خنيفيري» وصولا الى رفع الأثقال التي لم ترفع لنا إلا الضغط في الدم.. والجيدو الذي كادت جامعته من فرط المكابرة تتحول الى دولة قائمة الذات بمجرّد حصول أنيس الونيفي على بطولة العالم.. وأىضا الكرة الطائرة التي كادت تطير بعقولنا خاصة أن اللاعبين نعرفهم داخل المنتخب منذ خلقنا.. دون أن ننسى السباحة التي «غرقت» رغم محاولات الملولي و»التجديف» في الاتجاه المعاكس. كلها رياضات صرفنا عليها أموالا لا تحصى.. ولم تتوفر لأبطال حقيقيين وضعهم حظهم التعيس في غير هذا الزمن فخرجوا من عالم الرياضة يجرّون الوهم.. وفي كثير من الأحيان عاهات مستديمة.. ومنهم من مات مرتين.. مرة بحضور الأجل ومرة ب»القهرة».. كلهم رياضيون يتابعون نشاطهم في مختلف أنحاء العالم.. ويسافرون متى يريدون ولا يفكرون يوما مثلا في مشكلة «الفيزا» مثلنا.. لأنهم «أبطال».. ويتدربون حيث يريدون ويقبضون ما يريدون.. ويتزوجون أيضا من يريدون ماداموا يملكون كل شيء تقريبا مما يدير الرقاب.. فلماذا إذن في مثل هذه المهمات يفشلون.. ولماذا كلما حمي وطيس المواعيد تراهم نائمين خائبين خائفين خاسئين.. لا تهتزّ لهم قصبة.. ولا هم يحزنون..؟ ما الذي يصيبهم حتى ترتخي مفاصلهم بذلك الشكل المهين بعد أن أغدقت عليهم تونس مئات الملايين.. وكيف استطاعوا أن يقنعونا بأنهم فعلا قادرون.. على تحطيم الأرقام.. وتحقيق الأهداف وقطع الشكوك والظنون.. ثم لماذا يردون جميل هذه البلاد بالنكران والجحود وإرهاق الأعصاب وطمس العيون..؟ قبلهم جاء رجال عاهدوا تونس على البذل والعطاء وروعة الأداء لكنهم غادروا ميادينهم وفي قلوبهم لوعة على فقدان وسائل النجاح.. وقبلهم جاء رجال عاهدوا ضمائرهم على النجاح وخرق المستحيل قبل أن يكتشفوا أن الرغبة لوحدها لا تسمح بالوصول.. وقبلهم جاء رجال يحملون مدخرات لا تنتهي من الاخلاص والصدق والرجولة.. ولم تكن تعنيهم أرقام السيولة ورغم ذلك لم يذكرهم أحد فحملوا أوجاعهم.. وماتوا على عكس جيل اليوم ممّن يولدون في القطن ويعيشون في القطن وطبيعي أن تكون قواهم بقوة القطن.. وطبيعي أن تطير أحلامهم مع أول ريح تماما مثل القطن. جيل اليوم «ذوقه فاسد» يعضّ اليد التي امتدّت إليه.. ويسرق الدار التي آوته ويشتم كل الذين انتشلوه من الضياع ويمدّ لهم لسانه بلا خجل.. وبالتالي لن نطلب المستحيل عندما نطالب بوضع علامة «قف» للعطاء السخي بعد أن بان بالكاشف أن الجزاء ليس بحجم العطاء وأن الذين «شبعوا» ليس بإمكانهم إلاّ توليد الوهم وطحن الهواء.. **على جناح الألم عندما يتحصل الرياضيون في كل أنحاء العالم على منح الانتصارات والانجازات يفكرون دوما في دور اليتامى.. والمسنين ويبعثون مشاريع خيرية اضافة الى المشاريع الاقتصادية المبنية على العلم.. أمّا نحن فبمجرّد دخول «الفرنك» الى الجيوب واللعب في فرق «كبيرة» يبحث لاعبونا عن رخص المقاهي والسهر في الملاهي.. والسيارات للتباهي.