هل نتحدث فقط عن تحول السابع من نوفمبر كثورة هادئة من خلال حجم المنجز واحصاء المكاسب وهي لا تعد أم ان الأمر يتجاوز ذلك بكثير لابراز مقومات تجربة تنموية متفردة ومشروع مجتمعي حضاري وحركة اصلاحية شاملة نقلت بلدا من شفا الانهيار الى درب التقدم والتطور. ان السنوات الثلاث والعشرين التي مرت على تغيير السابع من نوفمبر المبارك حققت معجزة تنموية اشادت بها الأمم واستقبلها المجتمع الدولي بترحاب كبير ورأى انها تؤسس لتجربة تنموية نموذجية يمكن الاستفادة منها. هذه الاشادة الصادرة عن مؤسسات وهياكل اممية ودولية ذات مصداقية عالية تعود الى توفق تونس البلد ذي الموارد الطبيعية الضعيفة وبفضل السياسة الاستشرافية للرئيس بن علي من تحقيق نمو اقتصادي ايجابي ومتواصل حتى خلال فترات الأزمات الاقتصادية العالمية. هذه النجاحات الاقتصادية لم تأت على حساب المكاسب الاجتماعية وحقوق العمال كما فعلت وتفعل بلدان وأمم كثيرة باعتبار ان العمال في تونس استفادوا من ثمار الثروة التي ساهموا في انتاجها وتحصلوا على زيادات سنوية متتالية في اجورهم ساهمت في تطوير مداخيلهم وتجويد مستوى عيشهم ورفاههم. التجربة التنموية التونسية تستمد تفردها من رهانها على الانسان وجعله محور التنمية وهدفها وهو ما جعل التغيير يشع على كل فئات المجتمع ويطال كل الجهات ويخرجها من الظل الى الأنوار. ان ما تحقق لتونس من مكاسب وانجازات كان نتائج تلازم البعدين الاجتماعي والاقتصادي وسيرهما جنبا الى جنب لأكثر من عقدين من الزمن اذ ركز التغيير أسس التنمية ووفر لها مقتضيات الواقعية والاستدامة ونحتها من أفكار تونسية صرفة دون إغفال التجارب الدولية وهو ما جعل التجربة الاقتصادية التونسية تنطلق بالاصلاح الهيكلي واعادة التأهيل وتطوير التشريعات ومناخ الأعمال والاستثمار والانخراط بكل قوة واقتدار في الاقتصاد المعولم. ولعب الاقتصاد التونسي دور القاطرة لبقية القطاعات ولعب دوره الامثل في مجالات الاستثمار والانتاج والتصدير والتشغيل والزيادة في حجم الناتج الداخلي الخام. وكشفت المقاربة التونسية وخياراتها الكبرى التي جمعت كل التونسيين من مختلف الانتماءات السياسية والاجتماعية، ان تونس أصبحت مؤهلة للانتماء بكل اقتدار الى زمرة البلدان المتقدمة وهو ما يدعو الجميع الى المشاركة في كسب التحديات المطروحة والتي عددها الرئيس بن علي في برنامجه للخماسية القادمة وجعلها أهدافا. ان التغيير ورغم حجم المنجز وارتفاع البناء مازال بحاجة الى التفاف كل التونسيين لمغالبة الصعاب والمثابرة من أجل انجاح المسار.