نحن خلقنا على أطوار «ولقد خلقناكم أطوارا» (نوح اية 14) اجتنان، فطفولة، فبلوغ الأشد، فشيخوخة، بدأنا من ضعف، ثم بلغنا القوّة، ولكن عدنا الى ضعف «الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوّة، ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» (الروم آية 154). هذا حالنا، ونحن أمام معادلتين. إمّا أن نحسن خصالنا بين بعضنا بعضا وفي هذا التوجّه «من حسنت خصاله، طاب وصاله» فيكون التواصل والترابط بين الاجيال. يسير في طريق مستقيم ينفع الجميع، ويوثق الوصال، ويدعم التوادّ، والتحابب، وإما أن نسيء المعاملة وهذا التوجّه نهى الله عنه رسوله «ولو كنت فظّا غليظ القلب لانفضوا من حولك» (آل عمران آية 159)، فيكون المآل عقوقا ونفورا وخصاما، فالمشكلة قائمة وتنحصر في مقولة «بارنارد شو» «خطأ الشباب أنهم يرون أن الذكاء يغني عن التجارب، وخطأ الشيوخ أنهم يرون أن التجارب تغني عن الذكاء». وفي هذا المسار، تتصدّر القطيعة بين الاجيال، ويفرض الحجاب المستور، فكيف يتمّ المخرج صدق من هذا المأزق؟ لا تواصل ولا ترابط بين الأجيال الا بحوار أمين يعتمد استماع الرأي الآخر، وتفهّمه، وتدبّره، حسب وصيّة خاتم المرسلين «إذا أردت ان تفعل امرا فتدبّر عاقبته، فإن كان خيرا فأمضه، وإن كان شرا فانته» روي عن أبي جعفر عبد الله بن ميسور الهاشمي فالحديث ليس حكرا على أحد، والأولوية للأعلم، والأفضل التروّي قبل التصدّي، ولا جدوى من الحديث إن لم يكن فيه إنماء وتجمّل بالثقة والصدق في القول والفعل. كما أفادنا الرسول عليه الصلاة والسلام «الجمال صواب القول بالحق، والكمال حسن الفعال بالصدق» وروي عن جابر، ومن الثوابت كما جاء في رواية عائشة لكل جيل «أنتم أعلم بأمر دنياكم» شريطة ألا يخالف سنّة الله في فطرته التي فطر الناس عليها، وكما قال علي بن أبي طالب «لا تجبروا أولادكم على أخلاقكم، لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم» وكما وضّح أبو حفص النيسابوري «لكل وقت أدب فمن لزم آداب الاوقات بلغ مبلغ الرجال». ولهذا صدق الله العظيم حين قال «إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها» (الاسراء آية 7) فيا انسان كل جيل «أحسن كما أحسن الله إليك» (القصص آية 77).